نادين لبكي عن "كفر ناحوم": طرح المشاكل على الشاشة واجب
عقب عرض فيلمها الأخير في مهرجان "مراكش"، نادين لبكي تؤكد أهمية إيصال أصوات المهمشين من خلال السينما.
بحفاوة كبيرة استقبل جمهور مهرجان "مراكش" الفيلم اللبناني "كفر ناحوم" للمخرجة نادين لبكي الذي عُرض ضمن قسم "العروض الخاصة" بالمهرجان، وحضره عدد كبير من السينمائيين العرب والأجانب.
ويتناول الفيلم الحائز على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان "كان" السينمائي الدولي بدورته الماضية قضية العنف والقهر اللذين يتعرض لهما الأطفال نتيجة الفقر، فيما سيواصل الفيلم جولاته بعد مشاركته بمهرجان "مراكش"، إذ من المقرر عرضه في بعض دور العرض بمدينة نيويورك الأمريكية، كما يشارك في مسابقة "الجولدن جلوب".
واستعانت نادين لبكي بعدد من الممثلين غير المحترفين في فيلمها الأخير، كما ظهرت في دور صغير وجسّدت شخصية محامية.
وعن تجربتها السينمائية الأخيرة، قالت نادين لبكي: السينما من المفترض أن تكون وسيلة لطرح المشاكل، فلا يمكن لها إيجاد الحلول، لكنها تطرح المشاكل للبحث عن الحل، وأنا أحب طرح مثل هذه المشاكل من خلال الشيء الذي أعرفه وهو السينما، وهذا بالنسبة لي ليس خيارا ولكنه واجب.
وأضافت لبكي: ليس هناك فن من أجل الفن في المطلق، أو أن هناك أفلاما هادفة فقط، هناك النقيضان، ومن الجيد أن نتكيف مع كل أنواع الفن، وفي تجربتي في فيلم "كفر ناحوم" كنت أسعى لتقديم فن هادف، لتوصيل صوت هؤلاء الأطفال المهمشين، فبالنسبة لي موضوع الطفل موضوع أساسي، وشعرت أن من واجبي أن أتطرق إليه.
وحول اختيار أبطال "كفر ناحوم"، قالت: أغلب أبطال الفيلم ممثلون غير محترفين، وكانت هناك صعوبة كبيرة في ذلك، وساعدني كثيرا أنه كان لدي متسع من الوقت، فمن البداية كنت أعرف احتياجي لكثير من الوقت، لتنفيذ ما أفكر فيه، ولكي أبني هذه العلاقة المتينة بيني وبين الممثلين غير المحترفين الذين يقفون أمام الكاميرا لأول مرة في حياتهم، وكان من المفترض أن أتأقلم مع شخصياتهم، فالممثل غير المحترف لا يمكن أن يأتي للتصوير وهو يحفظ النص، وكان لا بد من خلق مساحة لكي يكون أداؤهم طبيعيا، وطلبت منهم أن يكونوا مثلما هم في الحياة ولا يمثلون، وهذا الوقت سمح لي بهذه العلاقة المتينة، وفي النهاية هم كانوا يتعاونون معي في مهمتي، لدرجة أنهم شعروا أنهم جزء من المهمة، وأنهم صوت الناس الذين يمثلون قصتهم.
وحول الرهان على التوجه نحو المهرجانات العالمية بعد مشاركة "كفر ناحوم" في أكثر من مهرجان دولي، قالت: من البداية وأنا أصنع فيلما للجمهور اللبناني والعربي، فإذا ذهب الفيلم إلى مهرجان عالمي فهو بمثابة إضافة، لأن ذلك سيسلط الضوء على مشكلة معينة أو موضوع معين، خصوصا هذا الفيلم الذي عرض في مهرجان مثل "كان"، وعموما ليست هناك وصفة، لكي يصل أي فيلم إلى مهرجان عالمي، فالمبدع يعمل بقلبه ويجرب كيفية توصيل الرسالة، وفي النهاية ما يحدد اختيار أي فيلم لمهرجان عالمي هو جودته.
وعن ضعف الحضور السياسي في أفلامها رغم ممارستها السياسة على أرض الواقع وخوضها الانتخابات البلدية في لبنان، قالت: بالنسبة لي الفيلم هدفه أن أغير الأشياء على الأرض، لذلك أنا أشتغل السياسة على طريقتي الخاصة ومفهومي الخاص. وحول تأثير نادين لبكي الأم على نادين لبكي كاتبة سيناريو ومخرجة فيلم "كفر ناحوم"، قالت: نادين لبكي الأم هي التي كتبت السيناريو وليس العكس، فإحساسي بالأمومة وإحساسي كامرأة لديها وجهة نظر خاصة ومختلفة عن وجهة نظر الرجل هي التي تجعلني أحكي موضوعات بطريقة مختلفة، وكوني امرأة وأم هو الذي يدفعني إلى كتابة قصص لها علاقة بالأطفال أو النساء.
وعن مشاكل الإنتاج والتمويل في "كفر ناحوم"، قالت: في هذه التجربة تحديدا قمنا بالإنتاج، فزوجي كان المنتج الأساسي، وهو لم يخض تجربة الإنتاج من قبل، فهو مؤلف موسيقي، وتم استدانة مبالغ مالية وبدأنا بمفردنا قبل أن تتحمس جهات إنتاج أخرى، وربما كان الاعتماد على أنفسنا في البداية، بحثًا عن الاستقلالية وحتى لا يتدخل أحد فيما نقدمه.
وحول تراجع نادين لبكي الممثلة لصالح نادين لبكي المخرجة في "كفر ناحوم"، تابعت: في هذا الفيلم شعرت أنه لا بد أن تتوارى الممثلة. ربما كان من الممكن ألا أكون موجودة بالمرة، والدور كان أقرب من ذلك بكثير، لكنني حذفت كثيرا من المشاهد، لأنني شعرت بأنني الأكذوبة الوحيدة في الفيلم، فأنا لست محامية في الحياة، وحذفت أغلب المشاهد وتركت نحو دقيقة لكي نفهم كيف استطاع الطفل أن يوصل صوته ويقف أمام القاضي.
وعن تعبير سينما "المرأة العربية" بشكل واقعي عن قضايا المرأة العربية، قالت لبكي: لا يمكن أن نتحدث في المطلق، فهناك أفلام كثيرة تحكي عن المرأة العربية، وهناك أيضا أفلام لا تحكي عنها، لا يمكن أن نعمم، لأن هناك أفلاما جيدة كثيرة عبّرت عن وضع المرأة العربية بطريقة حقيقية، وأنا جربت تقديم قضايا تخص المرأة، وفي تجربتي الأخيرة في "كفر ناحوم" أناقش قضية تخص حقوق الطفل، وعموما لا أصنع الأفلام بطريقة أنني أريد أن أحكي عن امرأة، ولكن يكون هناك هاجس معين هو الذي يوجهني إلى موضوع معين، وحاليا المشكلة التي تؤرق أغلب دول العالم مشكلة الأطفال المهمشين الذين يصل عددهم إلى نحو 280 مليون طفل حول العالم يعلمون ويعيلون عائلات، وليست لديهم الفرصة للالتحاق بالمدرسة، وقررت أن أحكي عن هؤلاء الأطفال، لأنني إذا التزمت الصمت أكن مشاركة في جريمة.