هل يقف نابليون بونابرت خلف الانقلابات العسكرية في أفريقيا؟
باشتعال جذوة الانقلابات العسكرية في أفريقيا، أثيرت تساؤلات حول الأسباب التي تغذيها والنتائج التي ستتمخض عنها، وآثار ذلك على الدول التي مُنيت بها.
ففي ثلاثة أعوام فقط نجحت ثمانية انقلابات في منطقة غرب ووسط أفريقيا في الإطاحة برؤساء من مناصبهم، لتفشل تلك المنطقة، في التطهر من سمعتها "كحزام للانقلابات".
انقلابات.. قال عنها موقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت" الأمريكي إن الفكرة التي اتكأت عليها تعود إلى نابليون بونابرت عندما قام بانقلاب للإطاحة بالحكومة المدنية في فرنسا، مشيرا إلى أنه برر خطوته -آنذاك- بأنها "ضرورية لإنقاذ روح الثورة"، وأنه كان على الجيش الدفاع عن الأمة ضد التهديدات في الداخل والخارج.
البونابرتية
تلك الفكرة القائلة بأن الجيش، باعتباره حارس الروح الوطنية، له الحق في الاستيلاء على سلطة الدولة معروفة باسم "البونابرتية"، حسب الموقع الأمريكي، الذي قال إن هذا الاعتقاد المستمر في بعض الجيوش في أفريقيا يؤكد الحاجة إلى إصلاح شامل.
ويقول التقرير الأمريكي إنه في الأزمات حيث تؤدي السياسة إلى طريق مسدود، فإن تصوير المؤسسة العسكرية باعتبارها "فوق السياسة" يمكن أن يساعدها في الاستيلاء على السلطة والاحتفاظ بها في الدول الهشة.
فعلى الرغم من الخطاب المناهض لفرنسا الذي يتبناه قادة الانقلاب في أفريقيا، فإن العديد منهم يستحضرون روح "البونابرتية" هذه في العمل على "إنقاذ" الدولة، حسب موقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت" الأمريكي، الذي قال إن "البونابرتية" كانت جزءا كبيرا من التشكيل العسكري في المستعمرات الفرنسية، خاصة في أفريقيا.
ليس هذا فحسب، بل إن "البونابرتية" قوضت إلى حد كبير المحاولات الرامية إلى إضفاء الطابع المهني على قوات الأمن، فعند الحديث عن جنود محترفين خارج البيئة الاستعمارية (السابقة) فإن ذلك يعني جندياً مدرباً يقبل السلطة المدنية ويدافع عنها بسهولة، حسب الموقع الأمريكي.
وقال "ريسبونسيبل ستايت كرافت" إنه إذا "رأت المؤسسة العسكرية أنها أفضل، أو أكثر كفاءة، أو أقل عرضة للخطأ من الحكومة المدنية فإن خطر البونابرتية قد يستمر بغض النظر عن مدى جودة تدريبها"، مشيراً إلى أن الضباط الذين قادوا الانقلابات في النيجر والغابون يستشهدون بسوء الحكم المدني المستمر، والذي ساعدته إلى حد كبير الهيمنة الفرنسية المستمرة على السياسات السياسية والاقتصادية الداخلية في تلك البلدان، باعتباره المبرر الأساسي لتدخلهم.
وأوضح الموقع الأمريكي أن قادة الانقلاب في أفريقيا يقدمون أنفسهم على أنهم يعملون لصالح الدول التي يهدفون إلى حمايتها اسميا، وأن الاستيلاء على السلطة من المدنيين غير الأكفاء هو مجرد استمرار لواجبهم.
وأشار إلى أن مشاهد الحشود التي تحتفل بالإطاحة بحكم رئيس الغابون عمر بونغو وعائلته الذي استمر لعقود من الزمن تشير على الأقل إلى قدر ضئيل من شرعية تصرفات المؤسسة العسكرية في البلد الأفريقي.
وبحسب الموقع الأمريكي، فإن "البونابرتية" ليست مشكلة فرنكوفونية فحسب، بل يمكن أن توجد في أي دولة ذات مؤسسات ديمقراطية ضعيفة، مشيرًا إلى أنه ما دامت القطاعات الأخرى متخلفة فإن مخاطر الانقلابات سوف تستمر.
روشتة للإطاحة بالبونابرتية
ويقول "ريسبونسيبل ستايت كرافت" إن هناك خطوات يمكن أن يتخذها الاتحاد الأفريقي وغيره من الهيئات الدولية للنضال ضد البونابرتية، الأولى تتعلق بتفعيل إعلان لومي الصادر عن الاتحاد الأفريقي في عام 2000، والذي أنشأ قاعدة ضد التغييرات غير الدستورية في النظام من خلال التأكيد على أن أي تغييرات دستورية إضافية في حكومة ما تشكل سبباً للتعليق الفوري.
ورغم ذلك، إلا أن الموقع الأمريكي قال إنه من الناحية العملية فإن هذا الالتزام كان أبعد ما يكون عن الثبات، فالاتحاد الأفريقي قدم العديد من الاستثناءات على مر السنين.
الخطوة الثانية تتعلق بتطبيق عقوبات أكثر صرامة، خاصة في شكل تفويض بإصلاح القطاع الأمني كعمليات ضرورية للعودة إلى الاتحاد الأفريقي، حسب الموقع الأمريكي، الذي قال إن إصلاح القطاع الأمني يستلزم إجراء إصلاح شامل لقطاع الأمن في الدولة، ليس بالتدريب فقط.
أما الخطوة الثالثة -التي وصفت بأحد أهم العوامل- فإنها تتمثل في إعادة كتابة الدستور بصلاحيات قضائية كافية لضمان أن تكون لهيئة تشريعية منتخبة السلطة المطلقة على جميع قوات الأمن، بحسب "ريسبونسيبل ستايت كرافت" الذي قال إنه من شأن القيام بذلك يجب أن يؤدي إلى نهاية البونابرتية.