في عالم يضج بالمعلومات والرسائل المتضاربة، أصبحت السمعة الوطنية أحد أهم أصول الدول، تتجاوز كونها مجرد صورة ذهنية إلى كونها أداة استراتيجية تؤثر في السياسة والاقتصاد وحتى الأمن القومي.
المحافظة على السمعة تبدأ ببناء رواية متماسكة ترتكز على المصداقية والإنجاز، وتُدار بمنهجية استباقية تراقب المشهد الإعلامي العالمي وتتصدى لمحاولات التشويه منذ لحظاتها الأولى. فكلما كانت الدولة شفافة، ومؤسساتها متفاعلة، وإعلامها الوطني محترفًا، كانت قدرتها على حماية سمعتها أعلى، وتأثير الحملات المغرضة أضعف.
الإساءة إلى السمعة لا تضر الجانب المعنوي فقط، بل تضرب مباشرة في عناصر محورية مثل الاقتصاد والاستثمار والسياحة والشراكات الدولية. ففي مناخ عالمي حساس، قد تؤدي رواية سلبية واحدة إلى تغيير توجهات المستثمرين، أو التأثير في صورة الدولة أمام حلفائها، أو تقليص فرص التعاون المستقبلي.
لكن السمعة لا تُحمى فقط من موقع الدفاع، بل يمكن للأزمات ذاتها أن تكون منصات لإعادة بناء الثقة وإبراز القيم الوطنية. فالدول الذكية هي التي تستثمر اللحظات الصعبة لتقديم مواقف نزيهة، وخطاب موحد، واستجابة رصينة تفضح خلفيات الحملات، وتُظهر صلابتها الأخلاقية.
من بين أدوات المحافظة على السمعة: التفاعل السريع والذكي عبر المنصات الرقمية، تمكين الجاليات في الخارج، وتفعيل دور المتحدث الرسمي لتوحيد الرسائل والرد على الشائعات باحترافية. كما أن التعاون مع الإعلام الدولي ونقل الرواية من مصادر موثوقة يعززان موقع الدولة في المشهد العالمي.
السمعة ليست ترفًا إعلاميًا، بل هي رصيد استراتيجي يبنى على مدى سنوات، ويجب أن يُصان برؤية واضحة وإرادة مستمرة، لأنها ببساطة… تمثل قيمة الدولة في أعين العالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة