كان مقطعا تسجيلياً قصيراً عن عائلة إماراتية تبذل جهدها في تربية ابنها تربية وطنية صالحة، ولتحقيق هدفها السامي وبحسن نية تستعين برجل غريب لتحفيظ ابنها المتفوق دراسياً القرآن الكريم.
ولكنها تكتشف متأخرة أن اختيارها لذلك الشخص الغريب لم يكن موفقاً، فكانت النتيجة أن الابن الخلوق اعتدى على أمه بالضرب وتطاول عليها، ذلك بعدما اكتشفت أن الشخص الغريب الذي كان يفترض أن يربيه على الأخلاق الحميدة ويعلمه تعليم الدين الإسلامي الذي يحث ويأمر الأبناء على بر الوالدين بل ينهى حتى عن قول "أف" لهما، علاوة على ذلك، ديننا الإسلامي الحنيف يأمرنا بطاعة ولي الأمر أي الطاعة والسمع لقادة وحكام الوطن، إلا أننا نجد أن هذا الشخص الغريب يتجاهل كل ذلك ويكسر القيمة والمبادئ الدينية والأخلاقية والقانونية وهي الاعتداء الأم.
هذه القصة التي عرضها الفيديو، ليست استثناء، بل هي تمثل نموذجاً لما يمكن أن يحدث حين يُغفل عن البعد الأمني في التربية، لذا جاء الفيديو التوعوي الذي حمل اسم جهاز أمن الدولة كمنتج له، الذي لم يأتي من فراغ بلا شك، بل جاء من قصة حقيقية وواقعية ومؤلمة، كما أنه جاء مبنى على سيرة مجتمعية أغلبنا يتعرض لها ويواجهها، ولكن مسألة تقييم كل واحد منا لأي سلوك يتعرض له يختلف باختلاف الوعي الأمني والفكري لديه، بالإضافة إلى الإدراك المعرفي، وبالتالي فالفيديو هدفه توعية وتنبيه والتحذير من الوثوق بالأغراب وتوكيلهم تربية الأبناء من باب حسن النية والظن والتي لا تأتي في أغلب الأحيان إلا بالمصائب.
فتعليم وتعلم القرآن الكريم بلا شك سلوك وصفة حميدة وسامية في مجتمعنا وكلنا يحب كلام الله ويشجع على تعلمه وحفظه وفهمه الفهم الصحيح حسب المنهج السليم، لأن القرآن الكريم أفضل مربي للإنسان السوي، ولكن يبقى الخطر فيمن يقوم بتأدية هذه الرسالة الدينية والدنيوية، إذا لم يكون صاحب منهج صحيح وسليم.
الفيديو أعاد لنا جميعا في العالم العربي وفي دولة الإمارات تأريخا لا نريد استرجاعه ولا الوقوف عليه إلا باعتباره تجربة مريرة، كان الدرس المستفاد منه هو أنه ينبغي على الجميع من أفراد المجتمع التكاتف مع المؤسسات الوطنية لحماية الأمن الوطني والحفاظ على المقدرات الوطنية، كما أعاد الفيديو التنبيه والتذكير بالطرق والمداخل التي يستغلها أصحاب الأفكار الهدامة والتخريبية والإرهابية، وهي استغلال الدين باعتباره أسهل وأفضل وسيلة للوصول إلى الشباب والتأثير على فكرهم وعقولهم وتسميمها وتدميرها بأفكار منحرفة فاسدة إرهابية، ذلك عن طريق تفسير وتأويل الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة حسب مآربهم وأهواهم وأهدافهم الخبيثة، لذا على أفراد المجتمع والشباب خاصة الحذر والفهم أن هذه الجماعات المنحرفة تسعى لتحقيق مآربهم السياسية بالدين وبهم.
ربما من المصادفة أن يتواكب نشر هذا الفيلم التوعوي مع أحداث في إقليمنا العربي وتحديدا في المملكة الأردنية الهاشمية التي كشفت عن القبض على خلية إرهابية كان هدفها تهديد استقرار المجتمع وسلامته، ما يعني أن خطر تنظيم الإخوان المسلمين لم يمت وأن خفت ولكن سيظل قائم وحي لأنه بلا مبادئ وطنية ولا أخلاق إنسانية أو حتى دينية.
ستظل "آفة" الإخوان المسلمين تختبر وعي المجتمعات وجاهزية الأجهزة الأمنية في كل مرة وستعيد تجربتها باستغلال عفوية الناس وفي لحظة إدراكها وجود فجوة فإنها ستقوم باستدارة لتعيد مشهدها الفاسد، لذا على كل من يبحثون عن أشخاص لتعليم أبناءهم القرآن الكريم بل كذلك غيره من العلوم عليهم التواصل مع الجهات ذات الاختصاص، خاصة أن تلك الجهات متخصصة وتملك وسائل التواصل معها والأدوات والمناهج التي بها تضمن الحفاظ على الوطن والمواطنين، إذا فالمسؤولية مشتركة، وتربية الأبناء أمانة وتوعيتهم وزرع حب الوطن والولاء له ولقيادته وتعزيز قيم المواطنة، واجب ديني ووطني.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة