قمة الناتو.. أمل بايدن و"رِشوة" أردوغان و"حصان طروادة"
بعد ساعات قليلة من الآن، تلتئم قمة حلف "الناتو" في بروكسل، على طاولة ملفاتها شائكة ومعقدة وأعضاؤها ليسوا على قلب رجل واحد.
وينعقد الأمل على الرئيس الأمريكي جو بايدن؛ الذي يحضر القمة لأول مرة، للمّ شمل أعضاء حلف الأطلسي، مدفوعا برغبته في "إحياء" التحالفات، على وقع حذر الأوروبيين المنقسمين بشأن إعادة التوجيه الاستراتيجي الذي يريده الأمريكيون.
ومن المفترض أن يطرح في مستهلّ ثلاث ساعات هي عمر القمة، ملف مراجعة المفهوم الاستراتيجي للحلف الذي تم تبنيه في 2010، بهدف الاستعداد لمواجهة التهديدات الجديدة في الفضاء، والفضاء الإلكتروني.
وثمة نقاط شائكة عديدة على طاولة الاجتماعات؛ أبرزها تمويل الدفاع، والعلاقة مع الصين؛ حيث أقر الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ بوجود "تقاربات وخلافات" حول كل ذلك.
والإثنين الماضي، كان الأمين العام للحلف قد زار واشنطن لوضع اللمسات الأخيرة على بيان القمة الختامي، وكرر تركيز الولايات المتحدة على مسألة الصين.
وقال في مقابلة مع صحيفة "دي فيلت" الألمانية قبل القمة: "نلاحظ أن روسيا والصين تتعاونان بشكل متزايد أخيرا على الصعيدين السياسي والعسكري. وهذا بعد جديد وتحد خطير لحلف شمال الأطلسي".
أما البيت الأبيض، فذكر من جانبه أن جو بايدن يأمل بأن "يظهر التحدي الأمني الذي تمثله الصين في البيان"؛ لكن ذلك أثار استياء بعص الحلفاء، خاصة فرنسا.
وحول ذلك قال قصر الإليزيه إن "قلب حلف الأطلسي هو أمن المنطقة الأوروبية الأطلسية؛ الآن ليس الوقت المناسب لتخفيف جهدنا في هذا الإطار".
في المقابل أوضح مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان الأحد "لن تروا فقرات وفقرات حول الصين في بيان" الحلفاء، مضيفا "اللغة لن تكون تحريضية، ستكون واضحة ومباشرة وصريحة".
بلسمة جروح ترامب
ويتوجّب على حلف الأطلسي أيضا أن يبلسم الجروح التي تسبب بها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كما أدى الانسحاب من أفغانستان الذي تقرر بدون التشاور مع الحلفاء، إلى تشويه صدقية العمليات الخارجية للحلف.
من ناحية أخرى، أصبحت أوروبا أكثر عرضة للخطر بعد انسحاب الولايات المتحدة من معاهدات عدة، أبرمت مع موسكو بشأن القوى النووية.
وأخيرا، أدى "عدم ثقة" ترامب في الأوروبيين إلى تضرر القارة القديمة، وقد سبب رفضه تذكير تركيا بواجباتها، إلى تفاقم التوتر مع الاتحاد الأوروبي.
وفي مواجهة ذلك، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وضع التحالف بأنه "في حالة موت دماغي"، وأكد عشية القمة أنه "يجب على حلف الأطلسي بناء قواعد للسلوك بين الحلفاء".
ومن المقرر أن يعقد جو بايدن لقاء وجها لوجه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لبحث هذا الموضوع.
"رشوة أردوغان"
لكن على الرئيس الأمريكي أن يتجنّب إثارة استياء الحليف التركي المستعد لتولي أمن مطار كابول، وهي "رشوة" ضرورية لأردوغان للحفاظ على وجود غربي في أفغانستان، يقول مراقبون.
وستبقى روسيا "الأولوية رقم واحد"؛ إلا أن أعضاء الحلف مدعوون كذلك لمحاربة "أحصنة طروادة الصينية"، بحسب أليساندرو ماروني في تحليل نشره معهد "إنستيتوتو أفاري إنترناتسونالي".
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن ستولتنبرغ قوله إن "الأمر لا يتعلق بنقل حلف الأطلسي إلى آسيا، بل مراعاة حقيقة أن الصين تقترب منا، وتحاول السيطرة على البنى التحتية الاستراتيجية.. يجب على الحلف أن يتشاور بوتيرة أكبر وأن يزيد استثماراته".
دول لا تدفع
ويقول الأوروبيون إنهم مستعدون لذلك، لكنهم يريدون "اعترافا كاملا" بمساهمتهم في الأمن الجماعي، ويطلبون أن يكونوا شركاء في مفاوضات ضبط عملية التسلح، وفق الإليزيه.
وبحسب توقعات النائب الأوروبي أرنو دانجان فإن "بايدن سيبدي انفتاحه لتطوير الدفاع في أوروبا، لكن ذلك لن يكون مجانا. سيكون الأمريكيون أكثر تطلبا من الأوروبيين لضبط أولوياتهم في آسيا والمحيط الهادئ".
وما زالت هناك حاجة إلى تصنيف الأوروبيين "أهلا للثقة"، لدى الحلف؛ فهناك 21 بلدا من دول الاتحاد الأوروبي أعضاء في "الناتو"، لكن ثمانية فقط منها ملتزمة بتخصيص 2% من ناتجها المحلي الإجمالي للإنفاق العسكري، فرنسا واحدة منها، بخلاف ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا.
ورحّبت برلين باقتراح ستولتنبرغ منح التحالف وسائل مشتركة "من أجل إنفاق أكثر وأفضل"، لكن باريس رفضته، ويبقى الإجماع أمرا حتميا لاتخاذ القرارات داخل الحلف.
aXA6IDE4LjIyNi4yMjYuMTU4IA== جزيرة ام اند امز