المسألة لا تتصل بالقضايا الخلافية وحدها وإنما بمسألة التمويل المالي للمهام المنوطة به، حيث لا تمتثل الدول الأعضاء بضخ التزاماتها
ألغى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤتمره الصحفي المقرر في قمة حلف «الناتو» بلندن، وغادر العاصمة البريطانية غاضباً على خلفية تسريب فيديو يظهر زعماء دول بالحلف يسخرون منه.
ورغم أن «الدردشة» بين أولئك الزعماء جاءت على سبيل التندر، إلا أنها أظهرت الطريقة التي ينظرون بها إلى ترامب.
عدسات المصورين رصدت حديثاً جانبياً بين الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيسي الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والكندي جاستن ترودو، خلال حفل بقصر باكنجهام في لندن، وهم يتبادلون عبارات ساخرة من شخص ترامب وتصرفاته، فيما يمكن أن نطلق عليه ب «النميمة» التي تنم عن ودّ مفقود بين أبرز زعماء «الناتو».
المسألة لا تتصل بالقضايا الخلافية وحدها وإنما بمسألة التمويل المالي للمهام المنوطة به، حيث لا تمتثل الدول الأعضاء بضخ التزاماتها السابقة لميزانية الحلف، ما يربك أداءه، ويجعل الحديث عن توسيع في مهامه فاقداً للمعنى.
وظهر في الفيديو جونسون وترودو، وهما يتحدثان مع ماكرون عن سبب تأخر الأخير عن حفل الاستقبال المنعقد بمناسبة الذكرى الـ70 لحلف «الناتو»، ليكملا حديثهما بمزاح عن المؤتمر المطول الذي عقده ماكرون مع ترامب، حيث سأل بوريس جونسون إيمانويل ماكرون: «ألهذا السبب تأخرت؟»، وقاطع الكندي جاستين ترودو الحوار قائلاً: «لقد تأخر لأن المؤتمر الصحفي في الأعلى استغرق 45 دقيقة»، قبل أن يضيف ساخراً: «لا شك أنك شاهدت تدلي فكي فريقه إلى الأرض».
وهو يغادر لندن غاضباً أبدى ترامب حنقاً على شخص ترودو واصفاً إياه بأنه «ذو وجهين»، وإذا ما وضعنا مسألة الطرفة أو التندر جانباً في المحادثة التي أثارت غضب ترامب، علينا أن نرى في الأمر وجهه الآخر المتصل بمصير الحلف الذي التأمت في لندن قمة قادة دوله، في ذكرى مرور سبعين عاماً على تأسيسه بعيد الحرب العالمية الثانية، كأبرز علامات الحرب الباردة بين المعسكرين القائمين يومها: الاشتراكي بقيادة موسكو والرأسمالي الغربي بقيادة واشنطن.
محلل روسي اسمه جينادي بتروف استبق انعقاد القمة بمقال نشرته صحيفة «نيزافيسيمايا جازيتا»، خلص فيه إلى أن الحلف يواجه تحديات كبيرة قد تدخله في حال من «الموت الدماغي» بسبب التناقضات الكثيرة داخله، خاصة مع تغيّر الوظيفة التي أنشئ من أجلها أول مرة، حتى لو ظلت بعض الدول الأعضاء فيه ترى أن روسيا هي الخطر الماثل في وجه دول الحلف.
من القضايا المعقدة التي تواجه «الناتو» العلاقة مع تركيا، الدولة العضوة فيه، وتوسع «الناتو» في البلقان، وتعزيز القدرات الدفاعية في أوروبا، لكن المسألة لا تتصل بالقضايا الخلافية وحدها وإنما بمسألة التمويل المالي للمهام المنوطة به، حيث لا تمتثل الدول الأعضاء بضخ التزاماتها السابقة لميزانية الحلف، ما يربك أداءه، ويجعل الحديث عن توسيع في مهامه فاقداً للمعنى.
نقلاً عن "الخليح".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة