بعد كرة لهب ترامب بشأن «الناتو».. رسائل مغازلة أوروبية وخطوات للخلف
بعد أيام من تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن حلف الأطلسي (الناتو)، بدأ الزعماء الأوروبيين، في تبني نهج يحظى باستحسان دونالد ترامب وأنصاره من الحزب الجمهوري، بعد أن بات قاب قوسين أو أدنى من المنافسة على المنصب الرفيع.
وتعرض ترامب لانتقادات حادة من مسؤولين غربيين بسبب تصريحاته التي قال فيها إنه لن يوفر الحماية للدول التي لا تفي بالهدف الذي حدده حلف شمال الأطلسي الخاص بالإنفاق الدفاعي، وإنه سيشجع روسيا على مهاجمة تلك الدول.
وفي مطلع الأسبوع، ألقت تصريحات ترامب، المرشح الأبرز لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة، بظلالها على مؤتمر ميونخ للأمن، وهو تجمع سنوي كبير للسياسيين والمسؤولين العسكريين والدبلوماسيين، والذي غالبًا ما يكون مقياسًا للعلاقات الأمريكية الأوروبية.
وينتاب الزعماء الأوروبيون حالة من القلق لا تتعلق فحسب بمستقبل حلف شمال الأطلسي، في حال فوز ترامب على الرئيس الحالي جو بايدن في الانتخابات المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني، بل أيضًا إزاء تأخر حزمة مساعدات لأوكرانيا بقيمة 60 مليار دولار في الكونغرس الأمريكي حيث يطالب الجمهوريون باتخاذ تدابير أمنية على الحدود للموافقة على مشروع القانون.
حزمة مساعدات
ويؤكد زعماء أوكرانيون وغربيون على أهمية حزمة المساعدات، في وقت تواجه فيه قوات كييف صعوبات بعد نحو عامين من العملية العسكرية الروسية. وأعلنت موسكو اليوم الأحد سيطرتها بالكامل على بلدة أفدييفكا التي لحق بها الدمار في شرق أوكرانيا.
ويتواصل الزعماء الأوروبيون مع أعضاء الكونغرس الأمريكي وقادة الأعمال ومراكز البحوث، في إطار جهودهم للتأثير على معسكر ترامب، وهي الجهود التي بدأت حتى قبل أسبوع من تصريحاته المثيرة للجدل.
ومن بين الحجج التي يقدمها الزعماء الأوروبيون لدعم وجهة نظرهم هي أن دول أوروبا تنفق المزيد على الدفاع، وتعتزم عمل ما هو أكثر، وأن مثل هذا الإنفاق والمساعدات المالية لأوكرانيا تحقق لشركات الأسلحة الأمريكية مليارات الدولارات، وأن الدفاع عن أوروبا يعكس قوة الولايات المتحدة أمام الصين، التي كانت محورا أساسيا لسياسة ترامب الخارجية.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتز أمام المؤتمر الذي يُعقد في فندق بايريشر هوف الفاخر ويحضره العشرات من المشرعين الأمريكيين "نحن الأوروبيون علينا أن نولي اهتماما أكبر بأمننا الآن وفي المستقبل»، مضيفًا أن «الاستعداد للقيام بذلك أمر عظيم للغاية».
مصالح خاصة
وأكد شولتز وغيره من الزعماء الأوروبيين، مثل رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، المرشح المفضل ليكون الرئيس المقبل لحلف شمال الأطلسي، على أنهم أصبحوا أكثر جدية بشأن الدفاع؛ لأن ذلك يصب في مصلحتهم الخاصة، وليس بسبب ترامب.
ولكنهم يهدفون إلى إقناع ترامب وأتباعه بأن البقاء في حلف شمال الأطلسي، كما فعل خلال رئاسته رغم انتقاداته العلنية، سيكون مفيدا لهم أيضا.
وقال رئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستوره لـ«رويترز» في ميونخ: «من مصلحة الولايات المتحدة أن تكون عضوا بحلف شمال الأطلسي مع حلفاء أقوياء يستطيعون تعزيز النفوذ الأمريكي».
وفي أواخر الشهر الماضي، سافر ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي إلى الولايات المتحدة في زيارة استهدفت في جزء منها إقناع معسكر ترامب بالبقاء في الحلف ودعم أوكرانيا.
وألقى ستولتنبرغ كلمة في مؤسسة التراث (هيريتدج فاونديشن)، وهي مؤسسة بحثية يدعمها ترامب في واشنطن، وزار مصنع لوكهيد مارتن في ألاباما الذي يصنع صواريخ جافلين المضادة للدبابات.
معدل الإنفاق
وقال ستولتنبرغ في ميونخ: «معظم الأموال المخصصة لأوكرانيا ينتهي بها المطاف في الولايات المتحدة من خلال شراء الأسلحة. على سبيل المثال، صواريخ جافلين من إنتاج الولايات المتحدة».
وأشار إلى مخاوف الولايات المتحدة بشأن الصين، قائلا: «الولايات المتحدة تمثل 25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومع حلفائنا في حلف شمال الأطلسي، نمثل 50% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و50% من القوة العسكرية العالمية. إذا حافظنا على وحدتنا، سنكون بأمان».
ويقول الزعماء الأوروبيون إن ارتفاع معدل إنفاقهم على الدفاع يعكس وجهة نظر مفادها أن روسيا تشكل الآن تهديدا أمنيا أكبر بكثير، مضيفين أنه يعكس أيضا وجهة نظر متنامية بين الحكومات الأوروبية مفادها أنها سوف تضطر إلى تحمل المزيد من المسؤولية عن أمنها في السنوات المقبلة بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
وقال كريسجانيس كارينز وزير خارجية لاتفيا: «أعتقد أن الولايات المتحدة بمرور الوقت ستكون أقل ميلا بالشعور بأن عليها ضمان الأمن الأوروبي بشكل كامل».
ويقول الحلف إنه من المتوقع أن تحقق 18 من الدول الأعضاء وعددها 31 دولة الهدف المتمثل في إنفاق 2% من ناتجها المحلي الإجمالي هذا العام على الدفاع، ارتفاعا من 11 دولة في عام 2023. ومن بين الدول التي من المتوقع أن تحقق هذا الهدف ألمانيا وفرنسا، أكبر قوتين اقتصاديتين في الاتحاد الأوروبي.
ووفقا لتقديرات حلف شمال الأطلسي، أنفقت الولايات المتحدة حوالي 3.5% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع في عام 2023.