تجنيس المبدعين بالسعودية.. المملكة تسارع الخطى لتحقيق رؤية 2030
تجنيس المبدعين يعد خارطة طريق للنهوض بالحاضر والاستثمار في المستقبل؛ لوضع السعودية في المكانة التي تليق بها عالميا
فتحت السعودية الباب لتجنيس المبدعين والمتميزين من أصحاب الكفاءات الشرعية والطبية والعلمية والثقافية والرياضية والتقنية، بما يسهم في تعزيز عجلة التنمية، ومسارعة الخطى نحو تحقيق رؤية 2030، وتحقيق قفزات تنموية واجتماعية واقتصادية وعلمية نحو المستقبل.
وتعد تلك الخطوة، التي كشفت عنها وسائل إعلام سعودية، خارطة طريقة للنهوض بالحاضر والاستثمار في المستقبل، لوضع بلاد الحرمين الشريفين في المكانة التي تليق بها في مصاف الدول المتقدمة.
ومن شأن تلك الخطوة فتح باب التنافس أمام المبدعين والمتميزين من جميع أنحاء العالم لتنمية المملكة، واستثمار مقدراتها ومواردها، والنهوض بها في مختلف المجالات.
الاشتراطات والمعايير
وبحسب صحيفة "سبق" الإلكترونية السعودية، فقد صدر أمر ملكي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بفتح باب تجنيس الكفاءات الشرعية والطبية والعلمية والثقافية والرياضية والتقنية.
وتضمن أمر الملك سلمان الرفع بكل الأسماء المرشحة لمنح الجنسية العربية السعودية من كل أنحاء العالم، بما في ذلك أيضا المتميزون والمبدعون ممن تتوافر فيهم المعايير المشار إليها من أبناء القبائل النازحة في السعودية وأبناء السعوديات ومواليد السعودية.
وتأتي هذه الخطوة، وفق الأمر الملكي الصادر منذ ما يقارب الشهرين، بحسب المصدر ذاته، "نظرًا لما تقتضيه المصلحة العامة من استقطاب المتميزين من أهل العلم والفكر والإبداع وذوي الاختصاص، وتماشيا مع رؤية 2030 الهادفة إلى تعزيز البيئة الجاذبة التي يمكن من خلالها استثمار الكفاءات البشرية واستقطاب المتميزين والمبدعين من أنحاء العالم للعيش على أراضي السعودية، بما يسهم في تعزيز عجلة التنمية، ويعود بالنفع على البلاد في المجالات المختلفة."
ويشمل الأمر الملكي بتجنيس المتميزين والمبدعين كلاً من العلماء الشرعيين، وعلماء الطب والصيدلة والرياضيات والحاسب والتقنية والزراعة والطاقة النووية والمتجددة والصناعة والنفط والغاز والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والتطبيقات والبيانات الضخمة وهندسة البرمجيات والروبوتات والحواسيب عالية الأداء والنانو والبيئة والجيولوجيا وعلوم الفضاء والطيران.
كما يشمل الأمر الملكي "الموهوبين والمبدعين في المجالات الثقافية والرياضية والفنية، وغيرها من المجالات التي تسهم في دعم وتعزيز الكفاءات السعودية، ونقل المعرفة، وكذلك في المجالات التي تحتاج إليها السعودية نظرا لطبيعتها الجغرافية، مثل العلماء المتميزين في تقنية تحلية المياه".
وأشارت "سبق" إلى أن أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بفتح باب تجنيس المتميزين والمبدعين تضمن حدا أعلى لعمليات التجنيس السنوية، وهي ألا تتجاوز في حدها الأعلى 300 أمر تجنيس سنويا.
إيجابيات بلا حدود
ويعد القرار السعودي بفتح باب التجنيس للمبدعين بمثابة إطلاق منافسة عالمية لتنمية المملكة والنهوض بها علميا وتقنيا ورياضيا وفي مختلف المجالات.
وتم تحصين القرار من أي سلبيات وقطع الطريق على أي مخاوف ومزايدات عندما تم تحديد الحد الأعلى للتجنيس بـ300 أمر تجنيس سنويا، وهو ما يزيل أي مخاوف بتأثير تلك الخطوة على التركيبة السكانية في المملكة من جانب، أو تأثير تلك الخطوة على حظوظ السعوديين في فرص العمل المتاحة في بلادهم.
ولا يشكل هذا العدد أي نسبة في اقتصاد المملكة المتنامي من جانب، كما أن الأماكن التي سيتم إحلالهم للعمل بها، هي أماكن نوعية.
وسيعد تجنيسهم فرصة لنقل معرفتهم وخبراتهم للسعوديين، من خلال العمل معهم، الأمر الذي سيحول المملكة إلى مجموعة ورش كبيرة يتنافس فيها الجميع للنهوض بالوطن، ويسهم في خلق استثمارات نوعية في مجالات جديدة، وتوفير المزيد من فرص العمل.
ومن أبرز إيجابيات هذا القرار، قطع الطريق أمام الكفاءات والعقول الوطنية للهجرة للخارج، وإعادة استقطاب المهاجرين منهم للقيام بدورهم في خطة المملكة الجديدة الهادفة للاستثمار في المستقبل.
ومن شأن تلك الخطوة التي سيتم بموجبها تجنيس المبدعين من مختلف أنحاء العالم، تعزيز خطوات الانفتاح الاجتماعي والثقافي المحسوبة، بما لا يؤثر على الهوية الوطنية، ويبرز الوجه الحضاري وروح التسامح والإبداع التي تتحلى بها المملكة.
وفي هذا السياق، أوضحت عضو مجلس الشورى السعودي الدكتورة لطيفة الشعلان، في تصريحات صحفية، أن قرار تجنيس الكفاءات "خطوة مهمة ومفصلية في دعم قرار اتخذته السعودية بلا رجعة، وهو الانفتاح الثقافي والاجتماعي على العالم، وتعزيز الأنسنة وقيم الحداثة".
دلالات التوقيت
يأتي القرار بالتزامن مع ترؤس السعودية مجموعة الـ20 لعام 2020 لتصبح بذلك أول دولة عربية تتولى رئاسة المجموعة، بما ينبئ برغبة سعودية في تحقيق قفزات تنموية تجعل المملكة في مصاف الدول المتقدمة، وتعزيز البيئة الجاذبة للاستثمار الأجنبي وتنويع مصادر الدخل بحسب رؤية 2030، كما يأتي قبل نحو عقد من إتمام رؤية 2030، الأمر الذي يؤشر إلى وجود رغبة سعودية في مسارعة الخطى لتحقيق تلك الرؤية.
وفي هذا الإطار، قال الكاتب السعودي فهد إبراهيم الدغيثر، في مقال له بجريدة "عكاظ" السعودية: "من أهم العناصر التي تضمنتها رؤية السعودية ٢٠٣٠ وأكثرها تحدياً الجانب العلمي الذي يتناول الابتكار والاختراع والتفوق في جميع التخصصات. العدو الأول لتحقيق هذه الأهداف، من بين عدة عوامل أخرى، هو الوقت الذي سيتطلبه التعليم للوصول إلى المستويات العليا المنشودة، إضافة للخبرات والتجارب".
ويأتي القرار أيضا بالتزامن مع مرور نحو 5 سنوات على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في السعودية، بما يعكس رغبة القيادة السعودية في تحقيق تطورات نوعية متسارعة في المملكة، كما يأتي في خضم إصلاحات اجتماعية واقتصادية تشهدها المملكة، ويقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الأمر الذي يعزز من تلك الإصلاحات، ويستثمر نجاحها في الوقت نفسه.
ويعد القرار خطوة على طريق الإصلاحات المتدرجة التي تمضي فيها المملكة بخطى مدروسة وواثقة وثابتة، ويأتي بعد شهور من بعد صدور نظام الإقامة المميزة لغير السعوديين.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تم منح الإقامة المميزة للدفعة الأولى من المتقدمين الذين بلغوا 73 شخصاً يمثلون 19 جنسية، في خطوة استراتيجية لرؤية 2030 لتشجيع واستقطاب الاستثمارات الخارجية، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تحسين الوضع الاقتصادي؛ إذ تتمثل المكاسب الأساسية من هذا النظام في جذب المستثمرين والقضاء على التستر التجاري، وتعزيز التنافسية وتطوير وتحسين البيئة الاستثمارية، وجذب استثمارات مباشرة ومشاريع نوعية.
ويسهم القرار في إعادة استثمار الطاقات المهدرة من المبدعين من أبناء السعوديات، الذين كانوا يعيشون في المملكة، ويتعلمون فيها، ويهاجرون للخارج، بسبب عدم حصولهم على الجنسية، وتشجيعهم على الإبداع والتفوق.
ومن أبرز التحديات أمام هذا القرار، قدرة المملكة على توفير حوافز جاذبة للمبدعين والمتميزين من مختلف أنحاء العالم، للحصول على جنسيتها والإقامة بها، ونقل خبراتهم ومعارفهم للنهوض بها، وأيضا سرعة الحاجة لتوفير بنية تحتية وتشريعية تواكب القفزات التي تسعى المملكة لتحقيقها في شتى المجالات.
نماذج وترشيحات
ورغم عدم وجود إعلان رسمي حتى الآن عن المرشحين لشرف حمل جنسية السعودية من المبدعين، فقد تفاعل الكتاب والمغردون مع القرار، مقدمين ترشيحاتهم لأولي الأمر.
وأعرب المغردون السعوديون عن تأييدهم للقرار، لافتين إلى تجارب الدول الغربية الكبرى في منح جنسياتها للمتميزين في جميع المجالات، ودللوا على ذلك بنماذج كثيرة منها ساندر بيتشاي، المدير التنفيذي لشركة جوجل، وساتيا نادالا هو الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، وهما هنديان حصلا على الجنسية الأمريكية.
ولفتوا إلى أن هناك مفكرين ومبدعين في دولهم لا يتم استثمارهم بسبب حالة الفقر والحرب ولكن إذا تم إعطاؤهم الجنسية سوف يقدمون كل ما لديهم.
aXA6IDE4LjIxNi41My43IA== جزيرة ام اند امز