هواتف الآسيويين نموذجا.. هكذا تبني "نيتفلكس" إمبراطوريتها
"نيتفلكس" تتوسع في أسواق جديدة وتتطلع إلى أن تكون لاعبا أساسيا في هوليوود.
لا يكف القائمون على "نيتفلكس" عن البحث عما هو جديد في مجال خدمة البثّ الحي والفيديو، بهدف استقطاب مزيد من المتابعين، ومنح مشتركيها طيفاً واسعاً من الخيارات، سواء على صعيد المحتوى الأصلي أو على صعيد تحسين تجربة المشاهدة المفضلة لهم، وهو الأمر الذي تسعى لتنفيذه وفق 3 مستويات، الأول يتعلق بالتوسع الأفقي المتمثل بصناعة المحتوى الأصلي وصولاً إلى ما نسبته 50% من محتوى منصتها الكامل، وذلك وفق الخطط المعلنة حتى الآن، والمستوى الثاني يتعلق بالتوسع الأفقي برفع عدد المشتركين في خدمتها، أما المستوى الثالث فيتلخص بسعيها الدؤوب لمواكبة أي تطور تقني يخدم عملها الأساسي في خدمة البثّ الحي والفيديو، والتكيف مع تقنيات الفيديو الناشئة مثل Chromecast وسواها.
ولعل سر نجاح "نيتفلكس" يكمن، غالباً، في حرصها على تطوير مستويات عملها الثلاثة تلك، على نحو متزامن ومتشابك أيضاً، وهذا ما يمكن فهم آلية تطبيقه، من خلال خطة الاشتراك الجديدة التي أعلنتها منذ أيام.
تتيح خطة الاشتراك الجديدة لمستخدمي الهواتف المحمولة حصراً، تشغيل المحتوى وإمكانية تنزيله ومشاهدته من دون الاتصال، مقابل 4 دولارات شهرياً فقط، وقد اختارت "نيتفلكس" الأسواق الآسيوية هدفاً لمشروعها الجديد ابتداء من الهند وماليزيا، ولكن لماذا الأسواق الآسيوية بالذات لا الأمريكية أو الأوروبية؟
عملياً لم تختر "نيتفلكس" سوق خطتها الجديدة، وإنما ذهبت إلى هذه السوق بناء على ما توافر بين يديها من بيانات ومعلومات، تقول إن ما يقرب من 74٪ من إجمالي عدد مرات تشغيل الفيديو كان على الهواتف المحمولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مقابل نحو 55٪ في أمريكا الشمالية وأوروبا"، وذلك وفقاً لصحيفة "فارايتي".
الأرقام السابقة زاد من أهميتها خطط "نيتفلكس" في توسيع قاعدة مشتركيها في الأسواق الآسيوية من خلال زيادة إنتاج المحتوى الأصلي في اليابان، والهند، وتايلاند، وتايوان، الذي من شأنه أن يساعدها في اختراق السوق الآسيوية، ولاسيما أن للمنصة الأمريكية العملاقة تجارب سابقة ناجحة في إنتاج المحتوى الآسيوي، سواء من خلال المسلسل الياباني "Good Morning Call" الذي قدمته في موسمين، أو مسلسل الرسوم المتحركة "Devilman Crybaby".
بكل الأحوال الأسواق الآسيوية لن تكون سوى هدفاً لتنفيذ المرحلة الأولى من الخطة التشغيلية للمشروع الجديد، الذي يفترض أن ينتشر في العالم كله في وقت لاحق، وذلك أيضاً وفقاً للدراسات التي أظهرت أن استخدام الهاتف المحمول في مشاهدة المحتوى الترفيهي أعلى بكثير بين أبناء جيل الألفية من الجيل الذي سبقهم، الأمر الذي يملي على مقدمي خدمة البث عبر الإنترنت التعامل مع الهواتف الجوالة، بوصفها شاشة العالم الأكثر انتشاراً في الفترة المقبلة.
هذا على الأقل ما تثق "نيتفلكس" بقدومه، وتحلم بعينين مفتوحتين على اتساعهما لنيل حصة الأسد منه، والأحلام بالنسبة للقائمين على "نيتفلكس" قابلة للتحقيق مهما كانت صعوبتها.. حين دخلت منصة خدمة البث عبر الإنترنت الأمريكية سوق توفير المحتوى المرخّص للمشاهدين مقابل اشتراك شهري، كانت تؤسس لنمط خاص من المشاهدة، يتيح لمشتركيها سهولة الوصول إلى الأفلام والعروض التلفزيونية المفضلة لديهم، ومشاهدتها بالوقت والقدر والمكان الذي يريدونه، وسرعان ما كبر طموح "نيتفلكس" ليتجاوز فكرة أن تكون منصة عرض للمحتوى المرخص، فبدأت تشتغل على إنتاج محتواها الخاص.
ومع التدفق المستمر للعروض الأصلية، بدأت "نيتفلكس" تتطلع إلى أن تكون لاعباً أساسياً في هوليوود، وربما اللاعب الأول، ليس بحجم إنتاجها فقط، وإنما بقدرتها على جني الجوائز أيضاً. وما أن وقفت إنتاجاتها التلفزيونية على منصة التكريم في جوائز أيمي، ونال فيلمها الوثائقي" إيكاروس" جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي، وحاز فيلمها "روما" على جائزة الأسد الذهبية في الدورة الأخيرة لمهرجان فينيسيا السنيمائي، حتى بدأت تبدي سلوكاً في العرض السينمائي لا تخفي من ورائه طموحها في المنافسة على جوائز الأوسكار أيضاً.
هذه الثقة بالنفس التي تبدو عليها "نيتفلكس"، والتي بنت على أركانها إمبراطوريتها في العالم، سرعان ما باتت ثقة متبادلة بينها وبين شركائها، ولعل حال كثير من هؤلاء اليوم، يشبه حال المخرج الأمريكي ستيفن سودربرغ، الذي أعلن صراحة أنه لا تهمه أن يُعرض فيلمه المقبل عن وثائق بنما "The Laundromat" في صالات السينما، ولا يعنيه إن لم ينل جوائز بسبب ذلك، فما يريده فقط هو أن يصل الفيلم إلى أكبر عدد ممكن من المشاهدين، وهو الأمر الذي برأيه تضمنه له "نيتفلكس" التي تضم الآن نحو 137 مليون مشترك في جميع أنحاء العالم.
aXA6IDMuMTMzLjE1Mi4yNiA= جزيرة ام اند امز