بوتين.. ولاية جديدة لقيصر لا يعرف الهزيمة
بوتين أثبت أن حكومته هي المؤسسة الأكثر استقرارا التي عرفها الروس، وأنه الشخص الوحيد القادر على الدفاع عن مصالح البلاد.
تحت شعار "كل شيء سيكون على ما يرام"، نجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الفوز بفترة رئاسة رابعة لمدة 6 سنوات مقبلة، وسط توتر متصاعد مع الغرب.
وأظهرت نتائج الانتخابات الرئاسية الروسية 2018، حصول بوتين، على نحو 75.% من الأصوات بعد فرز أكثر من نصف الأصوات الانتخابية.
ساعات ويعلن رسميا، بعد فرز باقي الأصوات، فوز الرئيس بوتين (65 عاماً) ليصبح ثاني أطول زعماء الكرملين بقاء في السلطة بعد الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين، حيث وصل إلى السلطة لأول مرة عام 2000 وسيبقى رئيساً للبلاد حتى 2024.
وتناوب بوتين على تولي منصبي رئيس الوزراء والرئيس، إذ عين رئيساً للوزراء عام 1999، ثم انتخب رئيساً بين في الفترة من 2000-2008، ثم رئيساً للوزراء بين عامي 2008-2012، وخلال تلك الفترة عدّل الدستور ليمدد سنوات منصب الرئيس من 4 إلى 6 سنوات، ليتم انتخابه مرة أخرى رئيساً عام 2012.
وقال بوتين في مقابلة مع شبكة "إن بي سي" الأمريكية، الأسبوع الماضي، إنه لا يريد تعديل الدستور للتمسك بالسلطة، وعليه فإن هذه الولاية الرابعة ستكون الأخيرة له.
تخرج بوتين في كلية الحقوق من جامعة لنينجراد عام 1975، ثم عين بعدها ضابطاً في جهاز "كيه جي بي" في مدينة دريسدن، فيما كان يعرف حينها بألمانيا الشرقية الشيوعية الفترة من 1985 - 1990.
وفي أغسطس 1999 أصبح بوتين رئيساً لحكومة روسيا الاتحادية، وذلك باختيار من الرئيس بوريس يلتسن، الذي أعلن استقالته في 31 ديسمبر 1999، ليتولى بوتين اختصاصات الرئيس بالوكالة.
وعلى مدار سنوات حكمه، نجح بوتين في إعادة مكانة روسيا على المسرح السياسي العالمي ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، في الوقت الذي وضع فيه الاقتصاد الروسي في المرتبة التاسعة عالمياً، رغم سلسلة العقوبات الغربية (الأوروبية والأمريكية).
ومنحت الثورة الأوكرانية وتبعاتها لبوتين فرصة استراتيجية، فكان استيلاؤه السريع على القرم في فبراير/شباط 2014، الذي شكّل ضربة قوية للغرب.
ولم تكن أزمة القرم مفاجئة، إذ كان بوتين يختبر التمدد السياسي لروسيا في دول الجوار، وهي الدول التي برزت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وظهر نجاحه جلياً أثناء الصراع في جورجيا عام 2008.
كما كان لتدخل روسيا في الصراع السوري، بدعم قوات الرئيس بشار الأسد، أثراً في كسب السيطرة من الغرب، والإمساك بزمام الأمور في الصراع.
وعاد تدخل بوتين في منطقة الشرق الأوسط بالنفع عليه، إذ أكد أنه لا أحد يمكنه السيطرة الكاملة على منطقة حيوية كهذه لاستقرار الشرق الأوسط، وأعطته الفرصة لتجربة خطط عسكرية وأسلحة جديدة، والأهم أنها كانت رسالة قوية للحلفاء التاريخيين بأن روسيا لا تتخلى عن أصدقائها.
وتعرض بوتين في الأسبوع الأخير من حملته الانتخابية لسيل من الانتقادات غير المسبوقة بحدتها، تراوحت بين اتهامات لندن له بأنه "أمر" بتسميم عميل مزدوج روسي سابق في إنجلترا، وبين تنديد الأمم المتحدة للدعم الذي يقدمه للرئيس الأسد، وبين العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا لتدخلها في الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها دونالد ترامب عام 2016.
إلا أن الانتقادات لم تفلح في إيقاف مسيرة "قيصر روسيا الجديد"، الذي لخصت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية سر قوته وشعبيته في حزمه وسياساته الفاعلة على الأرض، بعكس زعماء وساسة أوروبا الذين لم يدافعوا عن أي قضية بحزم.
لقد أثبت بوتين داخلياً أن حكومته هي المؤسسة الأكثر استقراراً التي عرفها الروس. كما ساعده تدخله في الصراعات الخارجية، على الترسيخ لرواية أن الغرب عدو روسيا، وأنه الشخص الوحيد القادر على الدفاع عن مصالح البلاد.