خط النار يصل الخرطوم بـ«دارفور».. ومطلب أممي بتحقيق في «إعدامات»
جهات مشتغلة بالاشتباكات والمدفعية الثقيلة من الخرطوم إلى سنار، فيما تتحرك مطالبات بتحقيق مستقل بشأن مزاعم عن "إعدامات ميدانية".
وأفادت مصادر عسكرية "العين الإخبارية"، اليوم الجمعة، بأن حرب شوارع تدور في قلب العاصمة الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، بعد سيطرة الجيش على برج الساحل والصحراء وبنك السودان المركزي.
ووفق المصادر العسكرية فإن قوات "الدعم السريع" حشدت قواتها وآلياتها العسكرية في منطقة "المقرن" وسط العاصمة، واشتبكت مع عناصر الجيش السوداني في الشوارع الرئيسة والفرعية، ما أدى إلى اشتعال النيران بشكل جزئي في مقرات بنك السودان وبرج الساحل والصحراء وعمارة شركة اتصالات وفندق شهير.
إجراء تحقيق مستقل
ومع التطورات في مدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم، وأنباء عن وقوع انتهاكات بحق المدنيين، طالب خبير الأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان رضوان نويصر بإجراء تحقيق مستقل في الإعدامات الميدانية التي نُفذت بحق شباب في منطقة "الحلفايا".
واستعاد الجيش السوداني السيطرة على أحياء "الكدرو" و"السامراب" و"الحلفايا" الواقعة شمالي الخرطوم بحري خلال عملية عسكرية بدأها في 26 سبتمبر/أيلول الماضي لفرض سيطرته مجددا على مواقع داخل الخرطوم، قبل أن تمتد العملية إلى مناطق في دارفور وسنار.
وذكرت تقارير صحفية وبيانات القوى السياسية أن الجيش ولواء "البراء بن مالك" المتحالف معه نفذا "إعدامات ميدانية بحق عشرات الشباب بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع في المنطقة".
وغالبا ما ينفي الجيش السوداني الاتهامات، وسبق أن أعلن عزمه التحقيق في وقائع لكن نتائج التحقيق لم تنشر.
وقال رضوان نويصر، في بيان صدر ليل الخميس، إنه يدعو إلى"إجراء تحقيق سريع شامل مستقل ونزيه في عمليات القتل، ومحاسبة الجناة وفقا للمعايير الدولية ذات الصلة، حيث يجب أن يتوقف الإفلات من العقاب".
وأعرب رضوان نويصر عن قلقه البالغ إزاء تقارير تفيد بتنفيذ إعدامات ميدانية لعشرات الشباب في الحلفايا شمالي الخرطوم على أيدي الجيش ولواء البراء بن مالك، إذ تشير التقارير إلى مقتل ما يصل إلى 70 شابا.
وأضاف "أظهرت مقاطع فيديو متداولة جثثا لشباب يُزعم أنهم قُتلوا بناءً على اشتباه بانتمائهم أو تعاونهم مع قوات الدعم السريع، هذا أمر شنيع ويتعارض مع جميع المعايير والقواعد المتعلقة بحقوق الإنسان".
وتابع "أظهر مقطع فيديو، تلقته مصادر، رجالا مسلحين يرتدون زي الجيش، مع تصريح أحدهم بأنهم من شمال الخرطوم، وقد قتلوا 6 رجال كانوا ينهبون المنازل".
ودعا نويصر الجيش وقوات الدعم السريع والحركات المسلحة المتحالفة معها إلى اتخاذ تدابير فورية لضمان حماية المدنيين في الخرطوم، وسط تصاعد الأعمال العدائية.
وأشار إلى أن المعارك في الخرطوم تعيد إلى الأذهان أهوال الفترة الأولى من النزاع الذي اندلع في 15 أبريل/نيسان 2023، حيث يخشى أن تؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين المحاصرين بالقرب من المواقع الاستراتيجية، إضافة إلى ارتكاب انتهاكات وتشريد واسع النطاق.
محور ولاية سنار
وشهدت منطقة "جبل مويا" بولاية سنار جنوب شرقي البلاد، لليوم الثاني على التوالي، مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" بالأسلحة الثقيلة والخفيفة.
وبينما أعلن قادة في الجيش السوداني استعادة الموقع الاستراتيجي، نفت قوات "الدعم السريع" الأمر، وأكدت أن قواتها تصدت لهجوم الجيش السوداني ما أدى إلى وقوع خسائر كبيرة في صفوفه.
وفي 24 يونيو/حزيران الماضي أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على "جبل مويا" بعد معارك ضارية، ما تسبب في نزوح أعداد كبيرة من المدنيين.
وأبلغت مصادر عسكرية "العين الإخبارية" أن الجيش السوداني واصل عملية التقدم التي بدأها الخميس من مدينة سنار وتوغل حتى سيطر على مواقع كانت تنتشر فيها الدعم السريع في "جبل مويا" المحطة ومواقع أخرى في السلسلة الجبلية.
وأكدت المصادر العسكرية -التي فضلت عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بالحديث- أن عناصر الجيش السوداني بسطت سيطرتها المطلقة على منطقة "جبل مويا" المحطة، وهو موقع يبعد عن مركز الجبل الرئيسي نحو 5 كيلومترات، وأقامت ارتكازات ضخمة.
ونشرت منصات تابعة للجيش مقاطع فيديو لعدد من الجنود وهم يستولون على مواقع كانت تسيطر عليها قوات الدعم السريع في "جبل مويا"، وأعلن قائد القوات الخاصة في متحرك سنار فتح العليم الشوبلي "تحرير" منطقة "جبل مويا".
لكن بيان صادر عن قوات "الدعم السريع" ذكر أن عناصرها تصدت لاعتداء وصفه بـ"الغاشم" من القوات المسلحة و"الكتائب الإرهابية المتحالفة معها"، وأفاد بأن المعركة أسفرت عن تكبيد ما أسماه "العدو" خسائر جسيمة في الأرواح والعتاد الحربي.
وكانت قوات "الدعم السريع" استغلت وجودها في "جبل مويا"، ذي الموقع الاستراتيجي الرابط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض، لشن هجوم مباغت في خواتيم يونيو/حزيران الماضي على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار، حيث سيطرت عليها وتمددت لتبسط سيطرتها على الجزء الأكبر من ولاية سنار.
محور دارفور
من جهة أخرى، تواصلت الاشتباكات المسلحة في إقليم دارفور، وبينما قالت "القوة المشتركة" في بيان إن المعركة حسمت لصالحها، قالت قوات "الدعم السريع" في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، إنها أحكمت سيطرتها على مناطق الشمال، وكبدت القوات المشتركة خسائر بشرية ومادية.
واستعرضت "القوة المشتركة" أعدادا كبيرة من السيارات ذكرت أنها استولت عليها من قوات "الدعم السريع"، بجانب سيارات قتالية أخرى جرى تدميرها، بينما قالت قوات "الدعم السريع" إنها قضت على متحرك يتبع الحركات المسلحة بالقرب من منطقة "المالحة".
ومنذ بداية من أكتوبر/تشرين الأول الجاري شهدت مناطق "مدو"، "الصياح" "تقابو" التابعة لمحلية "المالحة" شمال مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور معارك ضارية بين القوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة والجيش، وقوات "الدعم السريع".
وتفرض قوات "الدعم السريع" حصارا على مدينة الفاشر منذ أبريل/نيسان الماضي، قبل أن تبدأ في مايو/أيار عملية عسكرية واسعة استخدمت فيها المدفعية في محاولة للسيطرة على آخر معاقل السلطة المركزية في الإقليم، ولكن الجيش وحلفاءه من الحركات المسلحة يستميتون في الدفاع عن المدينة.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 20 ألف قتيل وأكثر من 10 ملايين لاجئ ونازح.