أوروبا تتحصن بـ«المستنقعات».. إحياء فكرة قديمة لمواجهة «قوة الروس»

يعتقد الأوروبيون أن استعادة المستنقعات على أطراف التكتل، من شأنها أن توقف الدبابات الروسية والتلوث المسبب للاحتباس الحراري.
وفي فبراير/شباط 2022، عندما زحفت روسيا على كييف، توصل أولكسندر ديميترييف إلى حل لوقف الجنود الروس، عن طريق تفجير ثقب في السد الذي يخنق نهر إيربين شمال شرق العاصمة واستعادة السهول المستنقعية المفقودة منذ زمن طويل.
ديميترييف، وهو مستشار دفاعي نظم سباقات الطرق الوعرة في المنطقة قبل الحرب، على دراية بالتضاريس، وكان يعرف تمامًا ما الذي ستفعله إعادة إغراق حوض النهر، وهو مساحة شاسعة من المستنقعات التي تم تجفيفها في العهد السوفياتي، بآلة الحرب الروسية.
وقال: ”إنها تتحول إلى قذارة لا يمكن عبورها، كما يقول سائقو الجيب“.
وعلى الفور، أخبر ديميترييف، القائد المسؤول عن الدفاع عن كييف بذلك، وحصل على الموافقة لتفجير السد.
نجحت فكرة ديميترييف، إذ أوقفت الهجوم الروسي من الشمال، وانتشرت صور دبابات موسكو الغارقة في الوحل في جميع أنحاء العالم.
وبعد ثلاث سنوات، ألهم هذا العمل اليائس، الدول الواقعة على الجانب الشرقي من حلف شمال الأطلسي "الناتو" للنظر في استعادة مستنقعاتها، مما أدى إلى دمج أولويتين أوروبيتين تتنافسان بشكل متزايد على الاهتمام والتمويل: الدفاع والمناخ.
فائدة مزدوجة
فالفكرة لا تقتصر على الاستعداد لهجوم روسي محتمل، بل تمتد إلى ما هو أبعد: المناخ.
وتعتمد جهود الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتباس الحراري جزئياً على مساعدة الطبيعة، والمستنقعات الغنية بالخث تمتص ثاني أكسيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري بنفس الكفاءة التي تغرق بها دبابات الخصوم.
وتتساءل بعض الحكومات الأوروبية الآن عما إذا كان إحياء المستنقعات المتدهورة يمكن أن يحل عدة مشاكل في وقت واحد.
وأبلغت فنلندا وبولندا مجلة "بوليتيكو"، بأنهما تبحثان بنشاط في إعادة تأهيل المستنقعات كإجراء متعدد الأغراض للدفاع عن حدودهما ومكافحة تغير المناخ.
وقالت وزارة الدفاع البولندية في بيان إن مشروع تحصين الحدود الشرقي الضخم الذي تبلغ تكلفته 10 مليارات زلوتي (2.3 مليار يورو)، والذي تم إطلاقه العام الماضي، ”يوفر الحماية البيئية، من خلال تشكيل أراضي الخث وتشجير المناطق الحدودية“.
فيما قالت تارجا هارانين، المديرة العامة لشؤون الطبيعة في وزارة البيئة الفنلندية: ”إنها حالة مربحة للجميع تحقق العديد من الأهداف في الوقت نفسه“.
إجراء غير مكلف
على الجانب الشرقي من حلف "الناتو"، يرى العلماء أن استعادة المستنقعات ستكون إجراءً رخيصًا نسبيًا ومباشرًا لتحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي في مجال الطبيعة والأمن في آن واحد.
وقالت أفيليينا هيلم، أستاذة علم إعادة التأهيل البيئي في جامعة تارتو، التي كانت حتى وقت قريب مستشارة للحكومة الإستونية بشأن استراتيجية الاتحاد الأوروبي لإصلاح الطبيعة: ”إنه أمر قابل للتنفيذ بالتأكيد“.
وأضافت: ”نحن الآن بصدد وضع خطة وطنية لترميم المستنقعات، كما هو الحال في العديد من دول الاتحاد الأوروبي، وأرى أن هناك إمكانية كبيرة للجمع بين هذين الهدفين (الدفاع والبيئة)“.
في الواقع، تتركز معظم أراضي الخث في الاتحاد الأوروبي على حدود حلف شمال الأطلسي مع روسيا وبيلاروسيا الحليفة للكرملين، وتمتد من القطب الشمالي الفنلندي عبر دول البلطيق، مروراً بممر سووالكي الصعب الدفاع عنه في ليتوانيا وصولاً إلى شرق بولندا.
وعندما تغمر المياه هذه الأراضي، تشكل هذه التضاريس فخاً خطيراً للشاحنات العسكرية والدبابات.
وفي مثال مأساوي في وقت سابق من هذا العام، لقي أربعة جنود أمريكيين متمركزين في ليتوانيا حتفهم عندما قادوا مركبتهم المدرعة "M88 Hercules" التي تزن 63 طناً إلى مستنقع.
وعندما لا تستطيع الجيوش عبور الأراضي المفتوحة المغمورة بالمياه، فإنها تضطر إلى الدخول إلى مناطق يسهل الدفاع عنها، كما اكتشفت روسيا عندما فجر ديميترييف وجنوده السد شمال كييف في فبراير/شباط 2022.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMiA= جزيرة ام اند امز