"لعنة ميت رهينة" في رواية سهير المصادفة
في الرواية يرتبك الأهالي وهم يطالعون كل يوم آثار أجدادهم الخالدة محاولين سرقتها أحياناً والتباهي بها أحياناً أخرى.
في قرية "ميت رهينة" الأثرية، أول عاصمة مركزية لمصر القديمة في عهد الفراعنة، عقب توحيد الوجهين القبلي والبحري، تدور أحداث الرواية الجديدة للكاتبة والروائية المصرية سهير المصادفة، الصادرة أخيراً عن الدار المصرية اللبنانية.
يتحرك أبطال الرواية بين زمنين؛ زمن موغل في القدم يمتد إلى أكثر من خمسة آلاف عام وزمن معاصر مهزوم. يرتبك بعض الأهالي وهم يطالعون كل يوم آثار أجدادهم الخالدة محاولين سرقتها أحياناً والتباهي بها أحياناً أخرى والمقارنة بينها وبين واقعهم المضني في أغلب الأحيان.
لا تقع سهير المصادفة في كتابة فخ "رواية تاريخية" مباشرة وتقليدية، وإنما تستلهم من الماضي تأثيره لكتابة الحاضر، فيصير المكان أسطورياً، ولا ندري هل جعله الماضي أسطورياً أم أن المكان هو الذي يحول كل ما فيه من أشياء وبشر إلى أساطير. تحدث اختفاءات متكررة للأهالي، وتُرتكب جرائم قتل، وتواصل مقبرة ذهبية اختفاءها، لنكتشف عبر حكايات المكان المدهشة أن رحلة القتل ونهب الآثار والحب المستحيل كانت أيضاً رحلة بحث عن هوية وطن.
سهير المصادفة، روائية وشاعرة مصرية، حصلت على الدكتوراه في الفلسفة عام 1994 من موسكو. عضو في اتحاد كتاب مصر، وعملت رئيساً لتحرير سلسلة كتابات جديدة بالهيئة المصرية العامة للكتاب، ومشرفاً عاماً على سلسلة الجوائز بالهيئة، وعضو اللجنة التنفيذية في مشروع مكتبة الأسرة، وعضو اللجنة التحضيرية للنشاط الثقافي في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
نظمت العديد من الندوات والمحاور الثقافية للأنشطة والفعاليات المصاحبة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وأسست جناحاً لمناقشة المبدعين الجدد بعنوان إبداعات جديدة، كما شاركت في هيئة تحرير وترجمة بعض القواميس والموسوعات في مصر مثل: "قاموس المسرح"، و"موسوعة المرأة عبر العصور"، و"دائرة المعارف الإسلامية". وحالياً تشغل منصب رئيس الإدارة المركزية للنشر بالهيئة العامة للكتاب.
صدر لها 4 روايات هي: "لهو الأبالسة" (2003)، "ميس إيجيبت" (2008)، "رحلة الضباع" (2013)، "بياض ساخن" (2015)، "لعنة ميت رهينة" (2017). وفي الشعر صدر لها كتابان "هجوم وديع" (1997)، و"فتاة تجرب حتفها" (1999). وعن هذا الكتاب الأخير حصلت على جائزة أندية فتيات الشارقة للشعر من الشارقة، كما حصلت على جائزة أفضل رواية من اتحاد كتاب مصر عن روايتها "لهو الأبالسة" لعام 2005.
من أجواء الرواية:
"الداخل إلى ميت رهينة سائراً على قدميه، سيجد تقاطعَ طُرق، فيهزُّ رأسه حائراً، وإذا ما قرر الانحراف يميناً بزاوية حادة، فسيقف- لا محالة- شعر رأسه وتنغرس قدماه في الأرض رافضة مواصلة السير بعد أن يجتاز كيلو متراً واحداً من الطريق الترابي الرئيس؛ ستكون عيناه قد شخصتا من مداعبة النسيم العليل للنخيل العالي الذي سيبدو بلا نهاية، ومن أبراج الحمام، ومن المآذن وهي تخترق السحب الرمادية والسوداء القريبة، ومن القباب الباهتة بنوافذها الصغيرة المتصدعة، ومن نسوة يحملنَ على رؤوسهنَّ أكياس القمامة أو دِلاء المياه المتسخة ليلقينها في ساحة معبد "بتاح"! ستجري خلفه أنصاف حلقات من الكلاب الضالة تنبح في شراسة، فقط لكسر مللها، ولكنها لن تؤذيه ولن تنهش جسده فهي متخمة بالطبع من أكوام القمامة التي لا يرفعها أحدٌ عن الطرقات".