إيران «تختبر» فرنسا بتبادل السجناء.. مناورة أم جس نبض؟

لا تعد صفقة تبادل السجناء، التي باتت قريبة بين إيران وفرنسا، مجرد اتفاق "إنساني"، بل تحمل إشارات سياسية جمة في السياق الحالي.
فبحسب خبراء في الشأن الدولي، فإن إعلان طهران عن دخول مفاوضات تبادل السجناء مع باريس مرحلتها النهائية، ليس صدفة سياسية بل خطوة محسوبة بعناية، تعكس رغبة طهران في كسر عزلتها الدولية دون تقديم تنازلات كبرى في ملفاتها الحساسة.
وفي تصريح لوسائل إعلام محلية، أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن "الاتفاق بشأن تبادل السجناء مع فرنسا دخل مرحلته النهائية"، في إشارة إلى الإفراج المحتمل عن 3 فرنسيين محتجزين لدى طهران، مقابل إطلاق سراح الإيرانية مهدية إسفندياري المعتقلة في باريس بتهمة الترويج للإرهاب عبر الإنترنت.
تشابك سياسي وقانوني
القضية تتجاوز بعدها الإنساني لتكشف عن تشابك سياسي وقانوني، فباريس تتهم طهران باستخدام جاك باريس (72 عاماً) وسيسيل كوهلر (40 عاماً) كـ"رهائن"، بينما ترى إيران أن مواطنتها معتقلة بغير وجه حق.
يأتي الإعلان بعد أشهر من تقديم فرنسا شكوى رسمية أمام محكمة العدل الدولية ضد إيران، ما يضع خطوة طهران في سياق أوسع من "المساومة الدبلوماسية".
في هذا السياق، قال الخبير الفرنسي دومينيك مويسي، المستشار الخاص في معهد مونتيني للدراسات الدولية بباريس لـ"العين الإخبارية"، إن اختيار هذا التوقيت "ليس بريئاً"، مضيفاً أن إيران "تحاول إرسال إشارة مزدوجة: إظهار مرونة تكتيكية تجاه أوروبا، مع الاحتفاظ بموقف صلب تجاه الولايات المتحدة".
وأوضح أن تبادل السجناء قد يكون "جس نبض" لاختبار استعداد العواصم الأوروبية، ولا سيما باريس وبرلين، للدخول في قنوات حوار أوسع تتعلق بالملف النووي والعقوبات.
وأضاف: "طهران تدرك أن الانفتاح على فرنسا يمنحها متنفساً دبلوماسياً في وقت يتزايد فيه الضغط الأمريكي والإسرائيلي عليها".
كما اعتبر مويسي أن الأمر لا يتعلق فقط بإنقاذ رهائن فرنسيين، بل باختبار المصداقية الفرنسية في ملفات الشرق الأوسط -كذلك-.
ورأى مويسي، أن توقيت إعلان إيران عن دخول تبادل السجناء مرحلته النهائية مرتبط بالسياق الإقليمي والدولي أكثر من ارتباطه بالملف الإنساني نفسه.
وأوضح: "بينما ترى باريس في القضية احتجاز رهائن، تستخدم طهران الملف لتأكيد حضورها كلاعب لا يمكن تجاهله، سواء في الصراع مع إسرائيل أو في المفاوضات مع الغرب".
مناورة
من جانبه، قال الباحث كليمان تيرم، المتخصص في الشأن الإيراني في مركز الدراسات الدولية بـ"ساينس بو"، إن الملف "يجب قراءته في سياق التوترات الإقليمية الأخيرة بين إيران وإسرائيل، وما رافقها من ضغوط اقتصادية خانقة".
وأوضح أن "إيران تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إعادة ضبط صورتها أمام الرأي العام الأوروبي"، في محاولة لإظهار أنها شريك يمكن التفاوض معه، حتى وإن كانت خلافاتها مع الغرب عميقة.
وأضاف أن طهران "تراهن على أن مبادرات إنسانية كهذه قد تُضعف مواقف المطالبين بتشديد العقوبات الأوروبية عليها".
تيرم مضى قائلا إن التوقيت "يعكس حسابات دقيقة مرتبطة بالضغوط الاقتصادية والدبلوماسية على طهران، إذ إن الإعلان الإيراني يأتي في لحظة يسعى فيها النظام إلى كسر عزلته بعد التصعيد مع إسرائيل، وإرسال رسالة إلى أوروبا مفادها أنه ما زال يملك أوراقاً قادرة على تعطيل أو تسهيل الحوار".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI0IA== جزيرة ام اند امز