صدور الطبعة الثانية من "الحصان الأبيض" لصلاح هاشم
مجموعة قصصية للكاتب والمخرج المصري صلاح هاشم المقيم في باريس تعكس أجواؤها ظلال هزيمة 1967 وتفاصيل الحياة اليومية في الحارة المصرية.
صدرت حديثا الطبعة الثانية من كتاب "الحصان الأبيض"، المجموعة القصصية للكاتب والناقد والمخرج السينمائي المصري صلاح هاشم المقيم في باريس، عن "دار إيزيس للفنون والنشر" في مصر.
وتضم"المجموعة 9 قصص قصيرة، نشرت في فترة الستينيات في جريدة "المساء" التي كان يشرف على صفحتها الأدبية عبدالفتاح الجمل، الذي يعتبر الراعي الرسمي لجيل الستينيات، والمفجر الحقيقي لطاقاته الإبداعية الأصيلة ومواهبه الأدبية الجديدة في القصة القصيرة والشعر والنقد والفلسفة، التي أثرت في الحياة الثقافية المصرية في ما بعد بأفكارها ومواقفها وكتاباتها المتوهجة من أمثال: إبراهيم أصلان وجمال الغيطاني وأمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودي ومحمد كامل القليوبي وصلاح هاشم وعبده جبير وسيد سعيد وزين العابدين فؤاد وغيرهم..
تتفجر الرؤيا عند صلاح هاشم، أحد أبرز كتاب القصة القصيرة في مصر والعالم العربي، في مجموعة "الحصان الأبيض" وفي ظلال هزيمة 1967 وانعكاساتها، من الدخول في تشابكات الواقع وكوابيسه إلى الخروج من مناطق "اللافعل".. والدخول في دوامة الخلق والتمرد. إنها صرخة أمام العذابات المستكينة، والإهانات المتصلبة، والعيون المترصدة.أمام الرعب المتغير والغربة في وطن الأسياد والعجائز، ملّاك الديار المكتظة رعبا، حيث يكون التخفي أحيانا في مناطق الظل محاولة يائسة لرصد ميلاد الفعل، وحين ذلك يكون هو "الفعل"، وبلا تردد.
ويهدي صلاح هاشم مجموعته إلى زهرة اللوتس وطنه مصر: " إلى زهرة اللوتس، وهي تتطهر في الماء المقدس من تسلط الأشياء القديمة العالقة وروائح المستنقعات العفنة، وتدخل في النسيم. إلى الأقدام وهي تتحسس للمرة الأولى الأرض المتشققة فتسري قشعريرة كل البدايات الأولى المترددة. إلى الرغبة في التوحد والتحليق يسكنان فينا رحم الروح. لاقيمة للقطة لاتظهر فيها السماء والسحب الراحلة.. وكيف تمضي أنت؟".
كتب د.غالي شكري عن القاص صلاح هاشم ومجموعته التي حصلت على جائزة في القصة في أول مؤتمر للأدباء الشبان يقام في مصر عام1969: "عرفت صديقي الكاتب الشاب صلاح هاشم في أواخر الستينات، ضمن الموجة الهادرة من الكُتاّب الجدد الذين ولَّدوا فينا غداة الهزيمة في العام 1967، وربما كنت شخصيا مسؤولا على إطلاق "أدب الستينيات" على هذا الجيل الجديد الوافد على العمل الثقافي-السياسي، من بين جدران الجامعة، متمردا على أسباب الهزيمة، صارخا في وجوه الجميع.. أين الأمل؟
كان صلاح هاشم واحدا من هذا الجيل، يكتب القصة القصيرة بإتقان وحرارة، تجمع بين أصالة التراث القصصي في مصر الحديثة، ومعاصرة التجديد في الآداب الغربية التي كان يقرؤها في الإنكليزية، فهو أحد خريجي قسم اللغة الإنكليزية بكلية الآداب. ولكن ما يميز صلاح هاشم هو معايشته الحارة الغنية بالتجربة الإنسانية في بلاده، فلم يستغرقه الإغراب والتغريب ولم يجنح إلى الغموض والتجريد، بل كان ذا صوت خاص فريد في التقاط الزوايا والشخصيات والمواقف والجزئيات والتفاصيل والدقائق الصغيرة في حياة الشعب الذي ينتمي إليه".
والمعروف أيضا أن فترة الستينيات في مصر التي أنجبت "الحصان الأبيض وقصصه، كانت فترة صعود وتألق القصة القصيرة كنوع أدبي في تاريخ الأدب، وصدور الأعداد الخاصة بالقصة القصيرة مثل عدد مجلة الهلال في أغسطس 1968 وتألق مجموعة كبيرة من أبرز كُتّاب القصة القصيرة في مصر..".
وفي مقال للناقد عبد الرحمن أبوعوف بعنوان "مقدمة في القصة القصيرة" في كتابه "بانوراما نقدية في الأدب والفن والسياسة" الصادر عام 2008 عن الهيئة العامة للكتاب، يقول في صفحة 40 في ما يخص زمن الحضور المعاش وظلال عدوان 5 يونيو على الإبداع القصصي: "إن المحاولة القصصية الحالية والتي تهتم بحريات غير محددة لم تعرفها المراحل السابقة لأنها تغوص بجرأة في هوة يختلط فيها الكلام والسكوت والحياة والموت فحضور الواقع المصري الذي أعقب هزيمة 5 يونيو بقتامته وصمته واستفزازه.. كان الإطار والجو الذي تنفست فيه إمكانات الإبداع المختزنة لدى جيل أدبي كامل.. ودراسة هذه القضايا تصبح أكثر وضوحا واكتمالا عندما نناقش التجربة الجريئة بكل سلبياتها وإيجابياتها التي يقدمها من كتاب الأجيال السابقة والمعاصرة كل من نجيب محفوظ ويوسف إدريس وبعض من كوكبة الكتاب الجدد أمثال محمد روميش ومحمد البساطي وجمال الغيطاني وإبراهيم عبد المجيد وإبراهيم أصلان ومجيد طوبيا وعبده جبير ويحيى الطاهر وضياء الشرقاوي وصلاح هاشم وعبد الحكيم قاسم وبهاء طاهر وحسني عبد الفضيل... إلخ، وليس لترتيب الأسماء أية علاقة بالتقديم أو التأخير..".