سوريا الجديدة.. تعافٍ واستفاقة بعد عشرية عجاف
تسير سوريا على طريق التعافي، بعد تجاوز عقد من السنوات العجاف في محاربة ثنائية الإرهاب والانقسامات بين القوى الفاعلة في المشهد.
وضع إقليمي مضطرب وتدخلات خارجية أطالت أمد الاستفاقة السورية، التي انشغلت بتلك الثنائية منذ عام ٢٠١١، لكن في المقابل كان الدعم العربي للمسار السياسي وإصراره على تغليبه واحدا من أهم المحفزات التي أعانت سوريا في رحلتها نحو الاستقرار والأمن.
ولم تدخر دول عربية وفي مقدمتها دولة الإمارات العربية جهدا في تقديم المبادرات، التي استهدفت توظيف نقاط التقاطع والمشتركات السياسية، وتنحية مساحات الخلاف.
الانفتاح العربي على سوريا الجديدة، أثاره حدثان عكسا الجهود الحثيثة لدولة الإمارات للم الشمل، أحدهما كان الاتصال الهاتفي الذي تلقاه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة من الرئيس السوري بشار الأسد، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والثاني المباحثات التي جرت بين مسؤولين سوريين وإماراتيين على هامش أعمال معرض إكسبو 2020 دبي.
عودة للمحيط العربي
ويرى غسان يوسف، الكاتب والمحلل السياسي السوري، أنه حان الوقت لسوريا أن تعود للمحيط العربي وتحديدا لجامعة الدول العربية ليكون لها دور إقليمي ودور فعال في المنطقة سواء سياسيا أو جيوسياسيا.
ويفسر غسان في تصريحه لـ"العين الإخبارية" دلالة التوقيت بأن "سوريا بحاجة لأشقائها العرب الآن أكثر من أي وقت مضى، في ظل ضلوع تركيا بدعم وتمويل التنظيمات الإرهابية بسوريا.
ويضيف المحلل السوري: "حتى الآن ما زالت تركيا تقوم بتسليح مجموعات راديكالية بداية من القاعدة وصولا لبقايا داعش، لتجنيدهم لصالح سياساتها بالمنطقة".
ويتابع: "عودة سوريا للبيت العربي سيقوي موقفها في الجامعة العربية إقليميا ودوليا وأيضا سيفتح خطوات كبيرة ما بين سوريا والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة ولذلك لا يمكن لسوريا أن تكون بعيدة عن موقعها العربي والإقليمي".
فوائد عدة من الانفتاح على سوريا، يفندها غسان بقوله: الكثير من دول العالم في حاجة للتعاون مع سوريا لاسيما أن لديها خبرات في محاربة الإرهاب وتعرف الكثير من قادة التنظيمات المتطرفة الذين عملوا على أراضيها ولديها وثائق حولهم، فضلا عن الشخصيات التي استطاعت القبض عليها وهي موجودة داخل الأراضي السورية، ممن عملوا مع المجموعات الإرهابية المصنفة عالميا كجبهة النصرة وتنظيمي القاعدة وداعش..
الأمن القومي العربي
يتوافق شريف شحادة، عضو في البرلمان السوري السابق مع غسان في أهمية الانفتاح العربي على سوريا.
ويقول شحادة لـ"العين الإخبارية": عودة سوريا للبيت العربي تحمل فائدة لسوريا كما فيها فائدة للجامعة العربية وللدول العربية، لاسيما أن الأمن القومي العربي لا يتحقق بمعزل عن سوريا.
ويضيف: تستفيد سوريا اقتصاديا واجتماعيا لكن الدول العربية أيضا تستفيد من هذه العودة كأمن قومي عربي.
وذهب شحادة إلى أنه ظهر للمجتمع الدولي كيف أن سوريا تكافح الإرهاب خاصة تنظيم داعش وجبهة النصرة، متوقعا قرب دعوة سوريا للجامعة العربية.
واستند في توقعه إلى الدور الذي تلعبه دولة الإمارات العربية والأشقاء العرب في لم الشمل وحدوث حراك عالمي لتصحيح الموقف الدولي من سوريا.
ويعترف شحادة بوجود حالة نهوض سوري غير مسبوقة للعودة للحياة الطبيعية بعد ما دمر الإرهاب ما دمره في البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية.
ويتابع: الاستفاقة ليست وليدة اللحظة خاصة عندما تحدثت عن أن الإرهاب يضر بالمنطقة برمته، لكن هذه الاستفاقة في أوجها حيث عادت من جديد سواء للساحة العربية أو الدولية، لاسيما بعد سنوات من البعد الأمريكي والأوروبي عن الواقع السوري.
ومدللا على رغبة سوريا من جانبها في الانفتاح، ضرب مثالا بإدخال شركات صينية وروسية في إعادة الإعمار.
وخلص الخبير السياسي السوري إلى رغبة بلاده في أن تكون سوريا منفتحة على العالم سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، مشددا على أن دمشق تتبنى نهجا وسياسة ورؤية جديدة للأحداث ولن تغلق أبدا الباب في وجه هذه المساعي العربية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011، قررت الجامعة العربية تجميد مقعد سوريا، لحين الالتزام الكامل من قبل الحكومة السورية بتعهداتها ضمن "المبادرة العربية" التي طُرحت آنذاك لحل الأزمة والاضطرابات الداخلية، إلا أن المرحلة الحالية في سوريا على المستويات الأمنية والاقتصادية والسياسية تجاوزت الظروف الأخيرة في العام 2011، ما دفع العديد من الدول إلى تبني عودة سوريا إلى الجامعة.
aXA6IDMuMTQuMTMyLjE3OCA= جزيرة ام اند امز