لم تعد وكالات الأنباء مجرد منصات تنقل الأخبار، بل أصبحت إحدى أبرز أدوات القوة الناعمة للدول، وذراعًا إعلامية استراتيجية تدعم السياسات الاقتصادية وتقود السرد الدولي.
وفي عصر الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي، لا تزال وكالات الأنباء تحتفظ بمكانتها كمصدر موثوق وأساسي، يُعتمد عليه في نقل الرواية الرسمية، والتحقق من المعلومات، وتقديم محتوى مهني يخدم المصالح الوطنية.
تلعب وكالات الأنباء دورًا محوريًا في دعم الاقتصادات من خلال بناء الثقة الدولية، وتسويق الاستقرار والفرص الاستثمارية، وتغطية السياسات والإصلاحات الاقتصادية بصورة دقيقة ومسؤولة. كما تساهم في قيادة السرد الاستراتيجي الوطني عبر إبراز الإنجازات الكبرى في مجالات التنمية، والتكنولوجيا، والطاقة، وترويج النموذج الاقتصادي الوطني على الساحة العالمية.
في الصين، تقود وكالة شينخوا جهود الترويج لمبادرة “الحزام والطريق” بأسلوب إعلامي يراعي السياقات المحلية للدول الشريكة. وفي الولايات المتحدة، تهيمن بلومبيرغ على المشهد الاقتصادي العالمي عبر منصاتها المتخصصة، وتلعب دورًا كبيرًا في تسويق قوة الاقتصاد الأميركي. أما رويترز، فتمثل ركيزة في الإعلام المالي العالمي وتُستخدم لنقل الرسائل البريطانية في مراحل مفصلية كالبريكست.
في السياق العربي، برزت وكالة أنباء الإمارات (وام) كنموذج حديث ومتطور لوكالة أنباء تدعم اقتصاد الدولة وتعزز صورتها عالميًا. فمنذ عام 2021، بدأت وام توسّعًا استراتيجيًا في علاقاتها الإعلامية الدولية، من خلال توقيع شراكات مع وكالات عالمية، وإطلاق خدمات بلغات متعددة، مما أسهم في نشر أخبار الإمارات إلى جمهور دولي واسع، وترسيخ صورتها كدولة رائدة في الاقتصاد والتنمية والابتكار.
وعلى الرغم من التحولات التي فرضها الإعلام الاجتماعي وصعود الذكاء الاصطناعي في إنتاج وتوزيع المحتوى، تبقى وكالات الأنباء المرجعية الأولى للخبر الموثوق، والمصدر الذي تعتمد عليه وسائل الإعلام الدولية في بناء سردها المهني. فالمصداقية لا تزال هي العملة الأقوى في عالم الإعلام، ووكالات الأنباء تمتلك رصيدًا منها لا يمكن استبداله بالخوارزميات.
إن دعم وكالات الأنباء وتطويرها يُعد استثمارًا استراتيجيًا في تعزيز الحضور الدولي، وفتح أبواب الاقتصاد بثقة وثبات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة