اجمع الأخبار التالية على بعضها بعضاً، ثم احسب النتائج: الخبر الأول يقول: عشرات الآلاف يشاركون فى جنازة الدكتور عمر عبدالرحمن.. الخبر الثانى يقول: قررت نحو 40 أسرة مسيحية النزوح من العريش إلى الإسماعيلية، بعدما قتل مسلحون مجهولون سبعة مسيحيين خلال فبراير ا
اجمع الأخبار التالية على بعضها بعضاً، ثم احسب النتائج: الخبر الأول يقول: عشرات الآلاف يشاركون فى جنازة الدكتور عمر عبدالرحمن.. الخبر الثانى يقول: قررت نحو 40 أسرة مسيحية النزوح من العريش إلى الإسماعيلية، بعدما قتل مسلحون مجهولون سبعة مسيحيين خلال فبراير الحالى فى حوادث متفرقة استهدفتهم فى شمال سيناء. الخبر الثالث يقول: ارتفع سعر الدولار فى السوق السوداء بشكل ملحوظ، خصوصاً بعدما وصل الفارق بين السعر الرسمى والسوق الموازية إلى جنيه و20 قرشاً تقريباً، وكانت أسعار الدولار قد ثُبتت فى البنوك خلال الأسبوع الماضى لتُسجل أسعار الدولار بالبنوك ما بين 15.70 و15٫80 للشراء، وهو ما يُعجّل بتحرك وشيك لأسعار الدولار فى البنوك.
حاصل جمع هذه الأخبار = خطر مقبل. فمشاركة عشرات الألوف فى جنازة رجل معروف بأفكاره المتشدّدة، تعنى نوعاً من الترحيب بها، ويصعب أن نصف هذا الترحيب بالمحدود، بل يصح كل الصحة أن نصفه بالواسع، لا أستطيع بالطبع أن أصف من شاركوا فى جنازة الشيخ الضرير بـ«الإرهاب»، لكن ليس بمقدورى فى الوقت نفسه أن أنفى عن أغلبهم تقبّل الأفكار التى كان يُردّدها الشيخ. لست أدرى على وجه التحديد ما رأى من شاركوا فى الجنازة الضخمة للشيخ فى نزوح 40 أسرة مسيحية من سيناء إلى الإسماعيلية، هرباً من إرهاب «داعش»؟. دعك من موقف هؤلاء من هذا الحدث الذى يصح أن نصفه بـ«الجلل»، لأنه يمنحنا شاهداً شديد الخطورة على تراجع مستوى سيطرة الدولة على الأوضاع فى العريش، لأن هذه الأسر المسيحية لم يكن لها أن تهرب من العريش لو كانت تثق فى قدرة الأجهزة هناك على حمايتها، يكفى فى هذا السياق أن نشير إلى أن كل ما فعله محافظ شمال سيناء أن أصدر قراراً باعتبار أولياء أمور هذه الأسر وأبنائهم فى إجازة مفتوحة من العمل والمدارس!.
يُخيل لى أن عشرات الألوف الذين شاركوا فى جنازة عمر عبدالرحمن، يدركون هم الآخرون أن قدرة الدولة على السيطرة ليست على ما يرام، على الأقل فى قُرى مصر التى شهدت إحداها مراسم الدفن. هل ثمة وجاهة فى تلك النظرة إلى الدولة من جانب هؤلاء؟!. يمكن القول إنها تتمتع بقدر من الوجاهة التى تتأكد لدى المواطن كل يوم وهو يرى جميع أجهزة الدولة عاجزة عن ضبط الأسعار فى الأسواق، وعلى رأسها، سعر الجنيه المصرى. المواطن استمع إلى عشرات التصريحات، وقرأ وسمع وشاهد أخباراً تحمل تعليمات على أعلى مستوى لضبط الأسعار داخل الأسواق، وعن الوعود بخفضها حدث ولا حرج، ورغم ذلك فالأسعار تشتعل يوماً بعد يوم، وعجز أجهزة الدولة عن السيطرة عليها ترتفع معدلاته، ومع ارتفاع معدلات العجز يتراجع منسوب الثقة لدى المواطن، وهو أمر جد خطير وينذر بخطر جارف، إذا لم يتم التعامل معه بما يستحق من جدية. المواطن يفهم أن العجز عن السيطرة على الأسعار يقود إلى سيطرة سحابة لا إنسانية على الحياة، تهيئ العقل السقيم والنفس الضعيفة لقبول الأفكار المتطرفة، وتكون النتيجة أن يأكل من ينخرط من المواطنين فى صفوف الإرهاب مواطنين آخرين مثله، فيدفعهم إلى النزوح عن بيوتهم وأهليهم لمجرد أنهم يختلفون معه فى الدين!.
نقلا عن صحيفة الوطن
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة