دوامة الإرهاب والعنف.. هل تكفي الأسلحة الأمريكية لإنقاذ نيجيريا؟
مجموعة من العوامل ترفع منسوب انعدام الأمن في نيجيريا، البلد الأفريقي الذي بات معقلا لتنظيمات إرهابية ومسرحا لأعمال العنف.
تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية يحذر من أن درجة انعدام الأمن في نيجيريا غير مسبوقة.
فبالإضافة إلى الأنشطة الإرهابية المستمرة في الجزء الشمالي من البلاد -الذي شهد قتال قوات الحكومة تنظيمات مثل بوكو حرام وأحد أفرع تنظيم داعش- سجلت أعمال عنف واسعة النطاق بين المزارعين الرعاة واللصوص في عدة مناطق بالبلاد.
وليس المحللون الخارجيون فحسب، مثل السفير الأمريكي السابق في نيجيريا جون كامبل، ممن يدفعون للقول إن نيجيريا دولة عاجزة، بل يقول النيجيريون والمسؤولون الحكوميون نفس الشيء، ويتصرفون وفقا لذلك.
وعلى سبيل المثال، هدد حاكم ولاية كادونا ناصر أحمد إل روفاي، في وقت سابق من هذا العام، باستئجار مرتزقة لحماية الولاية بعد وقوع عدة هجمات.
وفي أبريل/نيسان الماضي، قال أسقف أبرشية الروم الكاثوليك في سوكوتو ماثيو حسن كوكه: "نحدق بمأساة يستحيل تقديرها بينما تتفكك الأمة من جميع الجهات".
فيما قال الرئيس السابق أولوسيجون أوباسانجو إن "الوضع الذي لا تكون آمنا فيه على الطريق، ولا على متن القطار، ولست آمنا بالمطار، خطير جدا".
أسلحة أمريكية
التحليل نفسه أشار إلى أن الحاجة للتصدي للمستوى المرتفع من انعدام الأمن في نيجيريا خطير ومعترف به على نطاق واسع، ما يدعم صفقة بيع أسلحة متقدمة بقيمة نحو مليار دولار من الحكومة الأمريكية إلى القوات المسلحة النيجيرية، التي تقول إنها بحاجة إلى الأسلحة لمكافحة الإرهاب.
ووافقت الخارجية الأمريكية على الصفقة في أبريل/نيسان الماضي، وأخطرت الكونغرس الذي لم يعترض، وتنتظر نيجيريا الآن تسلم المعدات العسكرية والخدمات من الولايات المتحدة.
وأشار التحليل إلى أن الوضع الأمني في نيجيريا محفوف بالمخاطر، كما أن هناك قلقا بشأن الانتهاكات الحقوقية التي لا يزال الجيش النيجيري يرتكبها.
وكانت هناك تقارير تشير إلى أن الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة جرى استخدامها ضد المدنيين، وحتى الآن لم تتم محاسبة الجناة.
واعتبر التحليل أن الصفقة الحالية لبيع الأسلحة الأمريكية إلى نيجيريا غير مسبوقة من حيث الحجم، لافتا إلى عملية بيع بقيمة 593 مليون دولار تمت عام 2017 لطائرات إلى نيجيريا، كانت أكبر صفقة عسكرية أمريكية إلى أفريقيا جنوب الصحراء حتى وقت قريب.
وليس هذا فحسب، بل ما زالت أسباب تأخر مبيعات أسلحة أمريكية إلى نيجيريا دون حل إلى حد كبير.
انتهاكات؟
والصيف الماضي، علق الكونغرس مؤقتا صفقة الأسلحة الحالية بسبب مخاوف حقوقية، لكن تم تجاوز الأمر من خلال تخصيص 25 مليون دولار في الصفقة للتدريب المرتبط بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى تأكيدات من جانب الحكومة النيجيرية بأنها ستحمي المدنيين من الأذى.
لكن منذ ذاك الوقت، لم تعالج القوات المسلحة النيجيرية الأخطاء العملياتية وراء الانتهاكات السابقة.
وأشار تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في 2021 إلى أنه "جرى تسجيل انتهاكات حقوقية جسيمة وجرائم بموجب القانون الدولي، بما في ذلك عمليات إعدام خارج نطاق القضاء، والاختفاءات القسرية، والاعتقالات التعسفية، والحبس الانفرادي، خلال استجابة قوات الأمن للتهديدات" من بوكو حرام وداعش ولاية غرب أفريقيا.
وعلى سبيل المثال، قتلت غارة جوية عسكرية استهدفت، في 2021، قرية بواري في ولاية يوبي، تسعة أشخاص وأصابت آخرين.
وفي 5 يونيو/حزيران الماضي، غزا رعاة لصوص وهاجموا قرى في جنوب ولاية كادونا، وشن السكان هجوما مضادا ضد الغزاة وكانت لهم اليد العليا، مما دفعهم إلى التقهقر، وبعد فترة وجيزة رأى القرويون طائرة هليكوبتر بيضاء تحلق فوقهم.
وقالوا إنها أطلقت النار عليهم بدلا من الغزاة المتقهقرين، مما تسبب في خسائر بينهم أكثر من الرعاة اللصوص. وشعر بعض القرويين بالقلق من أن اللصوص يمكنهم الآن الوصول إلى المروحيات، لكن قالت الحكومة في الولاية إنها تخص الحكومة النيجيرية، ما يعني أنهم عملوا ضد القرويون بدلًا من مساعدتهم، بحسب المصدر نفسه.
وتطال حوادث عنيفة مماثلة كل جزء من البلاد، بحسب التحليل، لافتا إلى أنه نتيجة للهجمات محددة الأهداف، لم يتلق الأطفال في مناطق بعينها تعليما جيدا أو مستمرا على مدار ما يصل لـ13 عاما.
وهناك حوالي 11 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس في نيجيريا، وهو أعلى رقم للطلاب المتسربين من المدارس في العالم، بحسب البنك الدولي.
وهناك أكثر من 8.4 مليون نسمة في شمال شرق نيجيريا بأمس الحاجة لمساعدات إنسانية منقذة للحياة، فيما يواجه 19 مليون نيجيري انعداما حادا بالأمن الغذائي، بحسب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
بيئة ملائمة
وأشار التحليل إلى أن الوضع لا يقتصر على المعاناة الحادة فحسب، بل إن هذا الوضع مهيأ لحركات تمرد في المستقبل من كيانات إرهابية مثل بوكو حرام.
وأفاد تقرير صادر عن منظمة "ميرسي كوربس" عام 2016 بأن العديد من الأفراد انضموا في البداية إلى بوكو حرام بسبب الحوافز المالية التي عرضتها الجماعة. وتدفع الأوضاع الاقتصادية السيئة الشباب إلى الأنشطة الإجرامية.
ورأى التحليل أنه قبل بيع أسلحة بقيمة مليار دولار إلى نيجيريا، يجب على الحكومة الأمريكية أن تطلب من الحكومة النيجيرية مشاركة هويات أي فرد عسكري نيجيري متورط في حوادث مدنية باستخدام الأسلحة الأمريكية.
ويعتبر أن ذلك سيساعد في فرز المسؤولين عن الانتهاكات الحقوقية السابقة وانتهاكات القانون الدولي الإنساني، وفي تقييم الولايات المتحدة لما إذا كانت القوات النيجيرية مدربة تدريبا كافيا للالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان والإنسانية في المستقبل.
aXA6IDE4LjE5MS45Ny4xMzMg جزيرة ام اند امز