ليلة السقوط التاريخي للنفط الأمريكي.. الخاسرون مستثمرون على الورق
من المقرر أن ينتهي عقد مايو للخام الأمريكي غداً الثلاثاء، على أن يبدأ عقد يونيو يوم الأربعاء، والذي أنهى تداول عند 20.03 دولار للبرميل
تدهورت أسعار النفط الأمريكي خام غرب تكساس الوسيط، المدرج في بورصة نيويورك، لأول مرة في التاريخ إلى ما دون الصفر عند انتهاء جلسة التداولات، الإثنين، تهاوى سعر العقود الآجلة للخام الأمريكي تسليم شهر مايو/آيار بشكل حاد قبل أن ينهي الجلسة على تراجع تاريخي عند سالب 37.63 دولار للبرميل فاقداً نحو 306% من قيمته.
ماذا حدث؟
ومع نضوب الطلب الفعلي على النفط ظهرت تخمة عالمية في المعروض بينما لا يزال مليارات الأشخاص حول العالم يلزمون منازلهم لإبطاء انتشار فيروس كورونا المستجد، وهو ما أثر على الاستهلاك العالمي الذى انخفض بما يزيد على 30% مع توقعات بأن يكون الشهر الحالى هو الأسوأ بالنسبة للطلب العالمي على النفط.
- تحت 8 دولارات.. هبوط كبير في أسعار النفط الأمريكي
- انهيار تاريخي.. سعر برميل النفط الأمريكي تحت الصفر لأول مرة
وإلى جانب تخمة المخزون النفط فإن مهلة تسليم العقود الآجلة للخام الأمريكي لشهرمايو/أيار، تنتهي غدا الثلاثاء، وهو ما أجبر المتعاملين على ضرورة العثور على مشترين في أقرب وقت ممكن، وأجبر المستثمرين على الدفع من أجل التخلّص من الخام.
ومن المقرر أن ينتهي عقد مايو/آيار للخام الأمريكي غداً الثلاثاء، على أن يبدأ عقد يونيو/حزيران يوم الأربعاء، والذي أنهى تداول اليوم عند مستوى 20.03 دولار للبرميل بعد خسائر تتجاوز 18%.
وكانت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أعلنت زيادة قياسية في مخزونات الولايات المتحدة من النفط بلغت 19.2 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 10 أبريل/نيسان الجاري.
تداعيات كورونا
وكانت تداعيات مكافحة فيروس كورونا ألقت بظلالها السلبية على النشاط الاقتصادي وأدت إلى جموده في كافة أرجاء العالم، وبالتبعية الطلب على النفط.
وأصبح الخام الامريكي سلعة لا يريدها أحد بسبب عدم وجود أماكن كافية لتخزين الخام، بالإضافة إلى ذلك فإن توافرت أماكن التخزين فإن ذلك سيحمل المشتري رسوم شحن وتخزين ضخمة بسبب هبوط الطلب.
وبحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة، فإن مخزونات الخام في "كوشينغ" تضخمت بنحو 16 مليون برميل في الثلاثة أسابيع المنتهية في 10 أبريل/نيسان لتصل إلى 55 مليون برميل.
وتبلغ طاقة التخزين في هذا المركز نحو 67 مليون برميل فقط حتى 30 سبتمبر/أيلول المقبل.
عدم بيع العقد
ويؤدي عدم بيع عقد النفط للشهر القادم، إلى ذهاب عمليات التسليمات إلى مركز التخزين في كوشينغ بولاية أوكلاهوما.
وتكمن المشكلة في أن السعة التخزينية في "كوشينغ" تمتلئ بسرعة مع انهيار استهلاك الوقود؛ بسبب عمليات الإغلاق لوقف تفشي وباء "كورونا".
الفجوة السعرية
في حين أن وتيرة الهبوط في سعر برنت لم تكن بنفس القوة، حيث تراجعت العقود المستقبلية للخام القياسي تسليم شهر يونيو/حزيران عند تسوية جلسة الإثنين بنحو 8.5% إلى 25.69 دولار للبرميل.
وتسبب هذا الوضع في اتساع تاريخي للفجوة السعرية بين الخام القياسي وخام غرب تكساس تتجاوز 63 دولاراً.
ولم تكن فروقات الأسعار بين خامي برنت القياسي ونايمكس الأمريكي تتجاوز بضعة الدولارات خلال الفترة الماضية.
لماذا لم ينقذ اتفاق أوبك أسواق النفط؟
وكانت أوبك أعلنت الأسبوع الماضي التوصّل لاتفاق بين المنظمة وشركائها لخفض الإنتاج بنحو 9.7 مليون برميل برميل يومياً اعتباراً من مايو/ أيار، وذلك في غضون الشهرين القادمين، وهي الصفقة التي وصفها الرئيس الأمريكي بأنها رائعة للجميع لكن يعتقد آخرون أن تأثيرها سيكون محدوداً ومقتصراً على المدى القريب فقط.
الخاسرون مستثمرون على الورق
الدكتور عبدالمنعم السيد رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، يرى أن السبب الأساسي للانهيار التاريخي وراءه التجار الذين يتعاملون بالعقود الورقية، وبالتبعية انتهت آجال عقودهم تلك، وأن هناك عددا كبيرا من المضاربين بالسوق اشتروا العقود ولم يستطيعوا تصريفها، وفي حال تسلم تلك الشحنات لن يجدوا مكانا لتخزينها بفعل الإغلاق العام لكورونا.
وتسبب تفشي فيروس كورونا بانهيار الطلب العالمي على النفط ومشتقاته، بسبب توقف إنتاج الطاقة وحركة المواصلات حول العالم.
وأضاف السيد لـ"العين اللإخبارية" أن الوضع الحالي مؤقت، ولن يستمر لشهر يونيو/ حزيران المقبل، مؤكدا أن عقود شهر يونيو ما زالت فوق العشرين دولارا، ولا توجد مشكلة في هيكل الأسعار المستقبلية، لكن الأمر حاليا له علاقة بالمضاربين اليوم وغدا، وهو موعد إغلاق العقود.
وفجر مفاجأة قائلا: "للعلم هناك أعداد ضخمة من المتداولين على عقود النفط لا يعرفون حتى رائحة النفط، هم فقط مستثمرون على الورق"، حسب وصفه.
وأضاف أن الخاسرين الفعليين هم هؤلاء المستثمرون على الورق فقط، متوقعا أن تعود أسعار النفط إلى طبيعتها في وقت قريب جدا.