نهاد أبوالقمصان تفند لـ«العين الإخبارية» أخطاء مسلسل «حالة خاصة» (حوار)
في الآونة الأخيرة، شرعت منصة "WATCH IT" الإلكترونية في عرض حلقات المسلسل المصري "حالة خاصة"، بطولة الفنان الشاب طه دسوقي.
واحتفى عدد من النقاد والمتابعين بالأداء الذي يقدمه الفنان المصري الشاب، بخلاف التفاعل الواسع مع أحداث العمل من جانب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب الحرص على متابعة حلقاته فور طرحها للمشاهدين.
وسط هذه الحالة، كان للمحامية المصرية نهاد أبوالقمصان، رئيس المركز المصري لحقوق المرأة في مصر، رأي آخر فيما يخص المسلسل، فخرجت عبر صفحتها على "فيسبوك"، وتحدثت عن عدد من الملاحظات التي لم تنل إعجابها خلال أحداث العمل.
وركزت "نهاد" في ملاحظاتها على عدد من الأمور التي لا تتواجد على أرض الواقع في بيئة العمل داخل مكاتب المحاماة، كما انتقدت بعض أساليب تناول عدد من القضايا في الحلقات.
مما سبق، حاورت "العين الإخبارية" المحامية المصرية نهاد أبوالقمصان، التي كشفت عما افتقده هذا العمل على الصعيد المهني، وما كان يجب أن يراعيه مؤلف المسلسل عند كتابة الحلقات.
وإلى نص الحوار:
ما هي أبرز مخالفات مسلسل حالة خاصة؟
وجدت خلال الأحداث 6 محامين يجرون تحريات خاصة في قضية خلع، فمن الأساس هذه القضية لا أسباب لها وهي كالطلاق على الإبراء، أي أن الزوجة تتنازل عن حقوقها المالية في سبيل الحصول على الخلع.
كما أن الأمر الأشد خطورة هي فكرة "تعرية الموكلين"، فخلال الحلقات يجلس الموكل داخل المكتب ويكشف عن أسراره أمام المحامين وحديثي التخرج، فهذا ضد ميثاق مهنة المحاماة، فهناك سياسة الخصوصية والسرية، وعند تناول القضية يتسلم المحامي الملف ويجلس مع الموكل للاستماع إليه، وبأي حال من الأحوال لا يجلس الموكل أمام 6 أو 7 محامين.
الملاحظة الثالثة فكرة تعامل المحامين فيما بينهم داخل المكتب، ورأيت مستوى مدتنيا في التعليقات والعلاقات، ولم أجد أي كود أخلاقي خلال الحلقات، فمن المستحيل أن يتحدث محام مع زميلته ويقول لها: "أحضري لي كوبا من الشاي"، أو حتى يبدي رأيه في ملابسها، هناك ألفاظ لا يمكن أن تقال في مكاتب المحامين، التي هي بمثابة "ثكنة عسكرية" فيها ترتيب وتدرج بين الزملاء.
كذلك صاحبة أكبر مكتب محاماة في مصر كما يُقال في العمل، كان عليها ألا تجلس مع المحامين الصغار من الأساس ولا تجري لهم المقابلة الشخصية، فعلى أرض الواقع صاحب المكتب يحدد المتطلبات التي يحتاجها، كما أنه لا يدرب الحديثي التخرج بنفسه.
إذا.. كيف تدار عملية تدريب حديثي التخرج في مكاتب المحاماة؟
يُعقد اجتماع مع المحامين الشباب ويجري تقسيمهم، ومن ثم إلحاقهم بمحامين أكبر منهم، مع العلم أن المكتب يكون فيه ما يُسمى بـ"ترتيب القيد"، فيكون أحدهم "جزئي وتحت التمرين"، ويظل المحامي على هذه الدرجة لمدة سنتين، خلالها لا يحضر غير جلسات الجنح الصغيرة والمخالفات، ثم يحصل على شهادة من المكتب ويُقيد كـ"محام ابتدائي" ويظل على هذه الدرجة لـ5 سنوات، يمكنه فيها أن يترافع في جنح وجنايات صغيرة، بعدها يُسجل كـ"استئناف"، ويعمل في قضايا الدرجة الثانية من الجنح المستأنف والجنايات، وبعد إتمامه 15 سنة يُقيد كـ"نقض"، ومن هنا يعمل أمام جميع المحاكم وأعلاها.
وحينما يأتي إلينا محامون شباب من المفترض أن نلحقهم بمحامين استئناف أو ابتدائي أو نقض، لكن لا يكون محامي النقض (الأعلى درجة) صاحب مكتب المحاماة ذاته، وهو ما أخطأ فيه العمل الدرامي.
برأيك.. هل ساهم العمل في تشويه الصورة الذهنية لعمل المحاماة في مصر؟
لا يوجد عمل درامي يرفع مهنة إلى السماء أو ينزل بها على الأرض، لكن كان بالإمكان أن يكون المسلسل أفضل لصالح الدراما وليس لصالح المحامين.
نحن نشاهد أفلاما ومسلسلات عالمية تحقق نجاحا لأن بنيت على أبحاث ودراسة، وهذا كله يُدمج دراميا بشكل جيد، كما هو الحال في المسلسل العالمي "سوتس"، الذي جاءت أحداثه مناسبة للنظام القانوني الأنجلوسكسوني المتبع في إنجلترا وكندا وأمريكا، وفيه ينجز المحاميون عملهم خارج المحاكم بشكل أكبر.
هل من إيجابيات تضمنها هذا العمل من وجهة نظرك؟
المسلسل فيه جزء إيجابي حيث إنه يسلط الضوء على إدماج الحالات الخاصة، فمن الواضح أن المؤلف بذل مجهودا جيدا في مقابلة من يعانون من التوحد، والممثل طه دسوقي بذل جهدا في تجسيدها بشهادة الأطباء.
ما الذي كان ينقص هذا العمل ليخرج على أكمل وجه من الناحية العملية؟
أن يدرس المؤلف بيئة العمل داخل مكاتب المحاماة حتى يفهم إدارتها، فما يُعرض به نقص شديد وسذاجة مفرطة، كما كان يجب مراجعة القضايا التي يتناولها المكتب في أحداث المسلسل مع محامين على أرض الواقع، فنحن لدينا العديد من القصص العجيبة لا يمكن لخيال مؤلف أن يصل إليها، وهو ما تتضمنه قضايا تتعلق بالنزاع على الميراث، أو مشكلة في المجلس الحسبي، أو التحرش.
يتضمن تاريخ السينما المصرية أعمالا كان أبطالها يجسدون أدوار محامين مثل "الأفوكاتو" و"ضد الحكومة".. هل ملاحظاتك تنطبق أيضا عليها؟
فيلم "الأفوكاتو" أغضب محامين وحرروا قضايا ضد الفنان عادل إمام، لكنه عمل جميل وفانتازي، وتحدث عن مكاتب المحامين البسطاء.
في رأيي، أفضل من عبّر عن المحامين هو عادل إمام خلال أحداث فيلم "طيور الظلام"، الذي جسد دور محام يعمل بالقطعة مع مكتب كبير، واستطاع التدرج والدخول إلى عالم السياسة وهذا واقعي، كذلك الراحل أحمد زكي في فيلم "ضد الحكومة"، الذي كان مضبوطا على الصعيد الدرامي.