اليوم يصل النظام القطري إلى طريق مسدود مع نفسه، والحقيقة أن هذا الجنون في مسألة المطالبة بتدويل الحرمين ليس من قبيل الصدفة.
حقيقة تاريخية يعرفها كل من حاول الحديث عن فكرة تدويل الحرمين، فالحرمان لم يكونا يوماً في تاريخهما إلا تحت نظام سياسي موحد، اليوم نحن نرى انشقاقاً مستغرباً في البيت الخليجي يتمثل في إثارة موضوعات حسمها التاريخ، ولكن عقدة النقص الشديد تصل إلى ذروتها لدى من يثيرون هذه الفكرة، اليوم يصل النظام القطري إلى طريق مسدود مع نفسه، والحقيقة أن هذا الجنون في مسألة المطالبة بتدويل الحرمين ليس من قبيل الصدفة ولكنه قضية تأتي في إطار العقدة الكامنة في هذا النظام.
وصف أحد الكتاب قطر بأنها «مثل صاروخ انطلق بالمصادفة، وهذا الصاروخ لابد أنه سوف يصطدم بالواقع الذي يضطره إلى للعودة إلى الأرض»، كما وصفت جريدة "لوموند" الفرنسية في العام 2012 قطر بأنها «لا تبحث سوى عن الاعتراف بوجودها»، هذه الدولة الغنية بمالها فقط والفقيرة بسياساتها، وتعيش عقدة الضعف والهزل، لم ولن تدخل التاريخ بهذا المنهج يوماً على اعتبارها فاعلاً استراتيجياً في العالم، كل ما فعلته قطر أن حملت مالها لتحاول تغيير العالم، بينما غاب عنها أن ما يغيّر العالم ويتحكم فيه شيء آخر غير المال.
عقدة سياسية كبيرة بدأت تظهر إلى الوجود، والدليل أن كثيراً من الدول لديها رقصة تشبه رقصة البجعة في آخر أيامها، ولعل مسألة تدويل الحرمين هي الرقصة الحاسمة لهذا النظام إذا لم يتراجع، والذي يجب أن يدرك أن تحولات الزمن أخطر من مسارات الهوس الإعلامي
لا أعتقد أن العالم يمكن أن يسمع بمغامرة سياسية أكبر من تلك التي يجري تداولها هذا الأيام، حيث إن هناك من يحلم بأنه يمكنه أن يسأل ولو على صفحات الإعلام حول فكرة تدويل الحرمين، للتذكير.. السياسة «ليست أن تشتري الخيول الأصيلة من مصر واللؤلؤ من الهند»، كما كان في العام 2009 عندما تحدث من يعرّف نفسه بهذه الكلمات، اليوم تتغير الأفكار ولم يعد الرقص على رؤوس الأفاعي ممكناً، ولم يعد الحديث عن اجتماع مايو 2011 في قصر الإليزيه ممكناً مرة أخرى.
أجزم بأن عقدة سياسية كبيرة بدأت تظهر إلى الوجود، والدليل أن كثيراً من الدول لديها رقصة تشبه رقصة البجعة في آخر أيامها، ولعل مسألة تدويل الحرمين هي الرقصة الحاسمة لهذا النظام إذا لم يتراجع، والذي يجب أن يدرك أن تحولات الزمن أخطر من مسارات الهوس الإعلامي، لذلك، فإن على الجميع أن يدرك أن من يلعب بالنار فعليه تحمل لهيبها.
نقلا عن صحيفة "الرؤية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة