قبل إطلاق "النووي" الاقتصادي.. سحر "نورد ستريم 2" ينقلب على روسيا
انقلب السحر على الساحر، وبات "نورد ستريم 2" نقطة ضعف لروسيا يستغلها الغرب، قبل أن يطلق "النووي" الاقتصادي.
و"النووي" الاقتصادي، هو إقصاء روسيا، من نظام "سويفت" (النظام العالمي لتنفيذ الحوالات المالية بين البنوك إلكترونيا)، ويوصف بأنه "خيار نووي"، بسبب عواقبه ليس فقط على الاقتصاد الروسي إنما كذلك العالمي.
ويعتقد في مطلق الأحوال، أنها تبقى الخيار الأخير أمام الولايات المتحدة.
وبقي خط "نورد ستريم 2" للغاز بين روسيا وألمانيا لفترة طويلة مصدر خلاف مع الولايات المتحدة قبل أن يقبل به الرئيس جو بايدن مرغما في نهاية المطاف، لكنه عاد ليطرح بقوة باعتباره "وسيلة ضغط" بيد واشنطن، وبرلين، لردع موسكو عن غزو أوكرانيا، وذلك حسب فرانس برس.
وسيلة ضغط للغرب
ولم يعلن البيت الأبيض، بشكل واضح أن بايدن، لوح بهذا التهديد الثلاثاء خلال قمته عبر الفيديو مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، غير أن مستشاره للأمن القومي جيك ساليفان، شدد خلال مؤتمر صحفي على أن هذه المسألة تتسم بـ"أولوية مطلقة".
وأشار ساليفان، إلى أن خط الأنابيب لم يوضع في الخدمة بعد بانتظار المصادقة عليه من الجانب الألماني، وهو بالتالي لا يمكن أن يشكل "وسيلة ضغط بيد بوتين".
وأضاف: "إنه وسيلة ضغط للغرب، لأنه إذا كان فلاديمير بوتين يريد نقل الغاز عبر نورد ستريم 2، فقد لا يجازف بغزو أوكرانيا".
ورغم أن ألمانيا شديدة التمسك حتى الآن بنورد ستريم 2، فإنها مستعدة للتجاوب مع الأمريكيين في وقت تنتقل السلطة من المستشارة المحافظة أنجيلا ميركل، إلى خلفها الاشتراكي الديموقراطي أولاف شولتز.
شولتز يهدد بـ"عواقب"
وقال المستشار الألماني، أولاف شولتز، الأربعاء، إن هناك عواقب تترتب على انتهاك روسيا للحدود الأوكرانية، في حالة حدوثه، لكن ألمانيا ودولا أخرى تبذل ما في وسعها لتجنب هذا السيناريو.
وردا على سؤال حول ما إذا كان من الممكن استخدام خط أنابيب "نورد ستريم 2" لممارسة ضغوط على روسيا قال شولتز لقناة فيلت التلفزيونية "لدينا رؤية واضحة للغاية. نريد من الجميع احترام سلامة الحدود".
وأضاف "يدرك الجميع أنه ستكون هناك عواقب... لكن الأهم هو بذل كل ما هو ممكن للتأكد من عدم حدوث انتهاك".
إقصاء روسيا من نظام "سويفت"
وتوجه الإدارة الأمريكية، منذ الأسبوع الماضي، تحذيرات لروسيا وسط اتهامات بحشد قوات روسية مجددا عند الحدود مع أوكرانيا، ملوحة بعقوبات اقتصادية شديدة في حال شنت هجوما على الدولة المجاورة.
ولإثبات أنه أكثر تصميما مما كان عام 2014، حين ضمت موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية، يؤكد بايدن، أنه سيفرض هذه المرة عقوبات غير مسبوقة "امتنع عن استخدامها في الماضي" بسبب "العواقب التي كانت تتأتى عنها في روسيا".
وتتردد تكهنات حول قيام واشنطن، بإقصاء روسيا من نظام "سويفت" وهو نظام أساسي في المالية العالمية يسمح بتنفيذ الحوالات المالية بين البنوك إلكترونيا.
غير أن أي مسؤول أمريكي، لم يؤكد هذه الفرضية التي غالبا ما توصف بأنها "خيار نووي"، بسبب ما قد يتأتى عنها من عواقب على الاقتصاد الروسي إنما كذلك العالمي، ويعتقد في مطلق الأحوال أنها تبقى الخيار الأخير أمام الولايات المتحدة.
وقال نائب رئيس "معهد الولايات المتحدة من أجل السلام" للدراسات، ويليام تايلور، متحدثا لوكالة فرانس برس، إن إقصاء روسيا من نظام "سويفت سيكون تصعيدا خطيرا".
ورأى تايلور الذي كان في الماضي سفيرا في كييف، أن "نورد ستريم 2 خيار جدي"، وهو "أحد أبرز التدابير" قيد الدراسة حاليا لأنه يسمح لإدارة بايدن، بإثبات حزم كبير بدون الوصول إلى حد إثارة زلزال اقتصادي.
ولطالما كان خط الأنابيب مصدر توتر في العلاقات بين واشنطن، وبرلين.
اتفاق أمريكي ألماني
وتعارض الولايات المتحدة، بشدة خط "نورد ستريم 2"، الذي يربط روسيا بألمانيا عبر بحر البلطيق، بدون المرور عبر أوكرانيا، ما يهدد بحرمان هذا البلد من قسم من الإيرادات التي يجنيها من مرور الغاز عبر أراضيها، وكذلك من وسيلة ضغط على روسيا.
وبالرغم من معارضة الطبقة السياسية الأمريكية للمشروع، إلا أن أي إدارة أمريكية لم تجازف بالوصول إلى حد التصادم مع ألمانيا، الحليف الأساسي للولايات المتحدة.
والعقوبات المحدودة التي فرضت حتى الآن لم تحل دون إتمام المشروع.
وإذ بات من المؤكد، أنه سيتم إنجاز أعمال البناء، قرر بايدن إغلاق ملف الخلاف مع الألمان فوقّع معهم في يوليو/تموز الماضي، اتفاقا يعود اليوم إلى الواجهة على الساحة الدولية.
ونص الاتفاق على أنه في حال ارتكبت روسيا "أعمالا عدوانية تجاه أوكرانيا" فإن ألمانيا ستتخذ تدابير "للحد من قدرات التصدير الروسية نحو أوروبا في قطاع الطاقة".
مشروع طويل الأمد
وتستند الدبلوماسية الأمريكية في موقفها اليوم إلى هذه التسوية التي لم تسلط عليها الأضواء عند إبرامها.
وحذرت المسؤولة الثالثة في وزارة الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند، أمام مجلس الشيوخ، الثلاثاء، بأنه "إذا لم يبدل الرئيس بوتين موقفه بشأن أوكرانيا، نترقب تعليق خط أنابيب الغاز هذا".
ويرى وليام تايلور، نائب رئيس "معهد الولايات المتحدة من أجل السلام" للدراسات، أن هذا سلاح قوي "لأنه مشروع طويل الأمد" للكرملين.
وأوضح أن "السبب الذي يجعل بوتين يتمسك به بشدة ... هو أنه سيسمح له بفتح وإغلاق" تدفق الغاز إلى أوروبا، ما يتيح له "التأثير على القرارات الأوروبية".
وأكد أن التهديد الأمريكي "سيحظى باهتمام بوتين الكامل".
aXA6IDMuMTQyLjIwMC4xMDIg جزيرة ام اند امز