صواريخ كوريا الشمالية.. مصائب حرب أوكرانيا "فوائد" لبيونج يانج
بينما كان العالم منشغلا بالتركيز على أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة، زادت كوريا الشمالية من وتيرة تجاربها للصواريخ.
وخلال العام الأول من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، كان نظام الحكم الكوري الشمالي هادئا نسبيا قولا وفعلا، ربما بسبب الصعوبات التي واجهها وسط حالات الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19، أو بسبب رغبته في الانتظار لرؤية احتمال استعداد بايدن لرفع العقوبات من جانبه.
ومع ذلك فإن بيونج يانج بدأت حتى الآن في عام 2022 حملة ممنهجة ومتعمدة لاختبار الأسلحة؛ حيث أجرت ما مجموعه 13 اختبارا.
فيكتور تشا أحد كبار نواب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وكاترين فريزر كاتس، وهي زميلة غير مقيمة في قطاع كوريا بالمركز أكدا أن كل تجربة من التجارب الصاروخية لكوريا الشمالية، تقربها أكثر من هدفها الخاص بتطوير نظام توصيل للأسلحة النووية موثوق به ومستدام يمكن أن يستهدف الداخل الأمريكي.
وأضيف تشا وكاتس، في تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية، أنه من المفترض أن بيونج يانج تأمل أن تؤدي مثل هذه الإمكانية إلى ردع الولايات المتحدة عن مهاجمة كوريا الشمالية، وبث الشكوك بين حلفاء أمريكا في المنطقة بأن واشنطن لن تخاطر بتعرض أحد مدنها للخطر من أجل الدفاع عنهم ضد أي هجوم كوري شمالي.
ومؤخرا، في استعراض عسكري بمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الجيش الثوري الشعبي الكوري في 25 أبريل/نيسان الجاري، ارتدى كيم جونج اون زي مارشال عسكري أبيض اللون، وأعرب عن تصميمه على زيادة القوة النووية للبلاد "كما وكيفا".
وبدا أن العناصر الأخرى في خطابه توضح تحولا في العقيدة النووية لكوريا الشمالية، خاصة عندما قال كيم "لا يمكن مطلقا أن تقتصر أسلحتنا النووية على مهمة ردع الحرب فقط"، وإن القوات النووية للبلاد قد تستخدم في" مهمة ثانية غير متوقعة". إذا ما انتهكت قوات خارجية "المصالح الرئيسية" لبيونج يانج.
وعموما، فقد أوضح حدث الاستعراض للداخل والخارج أن كيم يواصل تعزيز برامجه النووية والصاروخية تمشيا مع تعهداته في يناير/كانون الثاني 2021 وأنه ليست لديه أي خطط للتراجع عن جهوده في هذا المجال.
وتعتبر التجارب التي تجريها كوريا الشمالية مهمة لتحقيق تقدم؛ إذ حتى الفاشلة منها توفر معلومات مهمة في تطوير الصواريخ.
وتوضح وتيرة الاستفزاز المتزايدة من جانب كوريا الشمالية أنها على استعداد بصورة متزايدة لقبول أي مخاطر تكمن في تجارب الصواريخ- بما في ذلك المخاطر السياسة كردود أفعال من الصين والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وكذلك مخاطر الفشل- من أجل تعزيز برنامجها الصاروخي.
ويشير تشا وكاتس إلى أنه يتعين توقع المزيد من تجارب الصواريخ ونجاحات كوريا الشمالية في البرنامج خلال الأسابيع المقبلة لعدد من الأسباب من بينها أنه من الناحية الخارجية تواجه بيونج يانج ظروفا مناسبة لإجراء التجارب؛ حيث انشغلت الولايات المتحدة بالحرب في أوكرانيا، وحيث أن هناك المزيد من المواءمة بين روسيا والصين، مما يعد في صالح كوريا الشمالية في حالة أي إدانة للتجارب أو عقوبات جديدة في مجلس الأمن الدولي.
ومن الناحية الداخلية، تواجه كوريا الشمالية ظروفا صحية واقتصادية صعبة تمثل حافزا أيضا لإجراء التجارب، حيث يتوق النظام لاستعراض نجاحاته العسكرية لرفع الروح المعنوية والولاء للنظام من جانب الشعب الكوري.
أما تكنولوجيا، لم تعد كوريا الشمالية في حاجة لمساعدة خارجية مهمة بالنسبة لأساسيات برنامجها كما كان الحال خلال الحرب الباردة. وما تحتاجه الآن مجرد مكونات ومواد خام متوفرة تجاريا في الأسواق الدولية.
وفيما يتعلق بالتداعيات السياسية بالنسبة لبرنامج كوريا الشمالية الخاص بتطوير الصواريخ، ليست هناك خيارات سهلة بالنسبة للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لإحباط المزيد من النجاحات في هذا البرنامج.
وعلى الرغم من عرض إدارة بايدن لعقد لقاء "دون شروط مسبقة" لم تعرب كوريا الشمالية عن أي اهتمام بالتحدث مع الولايات المتحدة في الشهور الأخيرة، ومن المحتمل أن تستمر في تجنب أي مفاوضات خلال ما تبقى من العام الحالي، إن لم يكن لفترة أطول من ذلك، حيث أنها تعمل نحو تحقيق المعايير الفنية التي أعلن كيم تفاصيلها في المؤتمر الثامن للحزب.
ويوضح تشا وكاتس أنه في ظل كل ذلك، هناك بعض الخطوات التي يمكن أن تساعد في تغيير حسابات المكسب والخسارة لدى كوريا الشمالية فيما يتعلق بجهودها في تطوير الصواريخ، من بينها إعادة تنشيط استراتيجية واسعة النطاق للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لمواجهة الصواريخ وتشمل كشف الصواريخ ومنصات إطلاقها، والدفاع ضدها بدفاعات صاروخية، وعرقلة شبكة إمكانيات كوريا الشمالية التي تتيح لها إطلاق صواريخها مرارا وتكرارا، وتدمير منصات الإطلاق والصواريخ نفسها.
ومن بين تلك الخطوات أيضا تعجيل الولايات المتحدة بنشر آليات اعتراض إضافية، وتشجيع كوريا الجنوبية على مواصلة تطوير قدراتها الذاتية لمواجهة التهديدات الصاروخية الكورية الشمالية، وزيادة التنسيق الثلاثي بين واشنطن وطوكيو وسيؤول بشأن الدفاع الصاروخي.
وأخيرا يرى تشا وكاتس أنه من أهم الخطوات المطلوبة في مواجهة كوريا الشمالية تحويل التركيز على الدبلوماسية من برنامج كوريا الشمالية النووي إلى إبطاء أو وقف تجاربها الصاروخية. ونظرا لاقتراب بيونج يانج من القدرة على التغلب على الدفاعات الصاروخية الأمريكية، فإن هذا النوع من التحول أصبح أكثر إلحاحا.
فمن الناحية العملية، فإنه طالما ترفض كوريا الشمالية التحدث مع الولايات المتحدة، فإن هذا سوف يعني أن يتم في خرائط الطريق المحتملة الخاصة بالدبلوماسية النووية دمج أفكار تتعلق بإمكانية استخدام أسلوب" العصا" و" الجزرة" في مجال الصواريخ.
aXA6IDE4LjIxNy4yMDcuMTEyIA== جزيرة ام اند امز