رواسب الفوسفات النرويجية.. كنز يلبي طلبات بطاريات العالم لـ100 عام
حققت النرويج، المعروفة بجمالها الطبيعي ومبادراتها المتعلقة بالطاقة المتجددة، اكتشافًا رائدًا للمعادن،
يمكن أن يكون له تأثير كبير على سلاسل الإمداد العالمية بالمكونات الرئيسية للتقنيات الخضراء.
اكتشافات الفوسفات
تم اكتشاف الخام الثمين في عام 2018 من قبل شركة Norge Mining، التي كشفت في مايو/أيار أنها عثرت على 77 مليار طن من صخور الفوسفات. جدير بالذكر أنه تم اكتشاف الفوسفور لأول مرة في عام 1669 من قبل العالم الألماني "هينيغ براندت"، ومنذ ذلك الحين، أصبح الفوسفور -المستخرج من الفوسفات- مكونًا أساسيًا في بطاريات فوسفات الليثيوم والحديد في السيارات الكهربائية، وكذلك في الألواح الشمسية ورقائق الكمبيوتر.
هذا، وتُجدر الإشارة إلى أنه قبل هذا الاكتشاف، كانت أكبر كمية من صخور الفوسفات توجد في منطقة الصحراء الغربية بالمغرب، بحوالي 50 مليار طن، تليها الصين بـ3.2 مليار طن، ومصر بـ2.8 مليار طن، والجزائر بـ2.2 مليار طن، وفقًا لتقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية. وبالتالي فإن احتياطيات الفوسفات المؤكدة تعادل نحو 72 مليار طن على مستوى العالم.
اكتشاف صخور الفوسفات نعمة لأوروبا
يظهر الفوسفور في قائمة الاتحاد الأوروبي للمعادن الخام الاستراتيجية، ويعتمد التكتل بشكل شبه كامل على واردات الفوسفات ويهتم بإمداداته، وبالتالي جاء هذا الاكتشاف في وقت حرج؛ حيث كانت أوروبا تواجه مشكلات في سلاسل الإمداد، لا سيما بسبب العوامل الجيوسياسية التي تؤثر على واردات الفوسفات.
ومن جانبه، أشار "بيرند شيفر" العضو المنتدب للتحالف الأوروبي للمواد الخام، إلى أن أوروبا في وضع ممتاز، حيث يمكنها استخدام ميزتها في ابتكار التكنولوجيا النظيفة وتطوير المهارات لتحويل الصناعة إلى مركز قوة للابتكار والتغيير، وبذلك تحقق أعلى المعايير الاجتماعية والبيئية.
الطلب على التكنولوجيا النظيفة
مع الطلب على التكنولوجيا النظيفة، جاءت رواسب صخور الفوسفات المكتشفة في النرويج؛ لتُلبي الطلب العالمي المتزايد على البطاريات والألواح الشمسية خلال الـ100 عام القادمة؛ إذ تحتوي صخور الفوسفات على تركيزات عالية من الفوسفور، وهو مكون رئيس لبناء التقنيات والبطاريات الخضراء.
هذا، وقد أعلن "إيلون ماسك" الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، في شنغهاي في 7 يناير/كانون الثاني 2020 أنه سيتم استخدام بطاريات ليثيوم فوسفات الحديد في سيارات طراز 3 المصنوعة في الصين.
من هذا المنطلق، سيكون للتحولات العالمية في مجال الطاقة النظيفة عواقب بعيدة المدى على الطلب على المعادن خلال العشرين عامًا القادمة. وبحلول عام 2040، سيتضاعف إجمالي الطلب على المعادن من تقنيات الطاقة النظيفة؛ حيث تُمثل المركبات الكهربائية وتخزين البطاريات حوالي نصف نمو الطلب على المعادن من تقنيات الطاقة النظيفة على مدى العقدين المقبلين، مدفوعًا بارتفاع الطلب على مواد البطاريات.
هل صخور الفوسفات صديقة للبيئة؟
تُعُّد عملية تكرير الفوسفات عملية كثيفة الكربون، وهذا جزء من سبب عدم وجود المزيد من إنتاج هذه المادة الخام المهمة في أوروبا؛ إذ كان هناك بعض الإنتاج في هولندا منذ سنوات عديدة، لكنهم أوقفوه بسبب التلوث الشديد، إلا أن مناجم الشركة الجديدة في النرويج وشبه جزيرة كولا ستكون أكثر خضرة من المناجم الحالية، حيث إنها تُعُّد صخور نارية وأكثر نقاءً.
ومن جانبه، أشار "مايكل ورمسر"، الرئيس التنفيذي لشركة Norge Mining، إلى أن الشركة تُخطط لالتقاط الكربون المنبعث من عملياتها وتخزينه لتقليل الانبعاثات في أثناء عملية التكرير.
ووفقًا لما ذكرته مجلة الإيكونوميست، ستُصبح عملية الحصول على تصاريح بيئية عملاً روتينيًا، لكن المنجم يمثل أولوية قصوى للحكومة النرويجية، وكذلك لأوروبا وأمريكا؛ حيث تخضع معادنه لقانون المواد الخام الحرجة للاتحاد الأوروبي والمخطط الأمريكي الاستراتيجي للمعادن.