تونس تبحث في مناطق الفوسفات عن مخرج للاقتراض.. هل تنجح؟
تعول تونس على استعادة نسق إنتاج الفوسفات كحل بديل لتفادي الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية.
والأربعاء، أعلن الرئيس التونسي، قيس سعيد، ضرورة العودة إلى إنتاج الفوسفات لتمكين اقتصاد بلاده من التعافي من دون اللجوء إلى الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية.
وقال سعيد خلال إشرافه على مجلس الأمن القومي في مقطع فيديو نشرته الرئاسة، إن تنشيط إنتاج الفوسفات "يمكن أن يمثل جزءا كبيرا من ميزانية الدولة حتى لا نقترض من الخارج وتتعافى الدولة التونسية والاقتصاد".
قبل 2011، كان الفوسفات مصدرا للعملة الصعبة التي تضخ في ميزانية تونس، لكن منذ 2011 انخفض الإنتاج وانعكس ذلك سلبا على موارد الدولة.
ويعود سبب التراجع أساساً إلى توقف عمليات استخراج الفوسفات في منطقة الحوض المنجمي؛ بسبب الاحتجاجات والاعتصامات المطالبة بالتشغيل وعدم اهتمام الحكومات المتعاقبة زمن حكم الإخوان بهذا القطاع.
وكانت تونس أحد أكبر المنتجين في العالم لمعادن الفوسفات، التي تستخدم لتصنيع المخصبات الزراعية (الأسمدة)، وتصدر لقرابة عشرين سوقا، ما جعلها تحتل في بعض الفترات المركز الثاني عالميا، لكن حصتها في السوق هبطت بعد 2011.
وتعد منطقة الحوض بمحافظة "قفصة" جنوب البلاد مصدر إنتاج الفوسفات بتونس، وتتشكل من أربعة مراكز أساسية وهي "المتلوي" و"الرديف" و"أم العرايس" و"المظيلة".
وكان مستوى الإنتاج كبيرا ما قبل فترة 2011، وحتى عام 2010 بلغ الإنتاج 8.2 مليون طن، وهو رقم كبير مقارنة بما ينتج الآن، إذ بحسب أحدث المعلومات المرتبطة بعام 2022 لا يتجاوز الإنتاج أربعة ملايين طن.
وفي مايو/أيار 2022، استأنفت تونس تصدير الفوسفات لأول مرة منذ 11 عاما، الى البرازيل وتركيا وباكستان وإندونيسيا وفرنسا.
وسبق أن قالت وزيرة الطاقة نائلة نويرة خلال مؤتمر صحفي لعرض المخطط التنموي للفترة بين 2023 و2025 إن بلادها "تسعى لزيادة إنتاج الفوسفات من 3.7 مليون طن في العام الماضي إلى 12 مليونا في 2025".
وتأمل تونس أن تستعيد مكانتها كأبرز المصدرين مستفيدة من ارتفاع كبير في أسعار الأسمدة بسبب الحرب في أوكرانيا خاصة في ظل المنافسة القوية مع المغرب.
8 ملايين طن في 2024
وقال المسؤول بشركة فوسفات قفصة (الشركة المختصة بقطاع الفسفات في تونس) شرف الدين بن يحيى، إنه بداية من سنة 2024 يمكن إنتاج 8 ملايين طن من الفوسفات مثلما كانت قبل 2011.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الرئيس التونسي قيس سعيد دعا الأربعاء إلى تحقيق 10 ملايين طن سنويا، موضحا أن هذا الرقم يمكن تحقيقه وإنتاجه بعد سنة 2024.
وأوضح أن الشركة وضعت برنامجا يهدف إلى إنتاج 5،6 مليون طن خلال هذه السنة، مشيرا إلى أن الشركة تعمل بجد لتحقيق أهدافها .
واكد شرف الدين بن يحيى أن أغلب وحدات إنتاج الفوسفات تشتغل باستثناء وحدة الرديف بالحوض المنجمي بمحافظة قفصة.
"بديل لقرض صندوق النقد"
من جهة أخرى، قال الخبير الاقتصادي التونسي علي الصنهاجي إنه يمكن أن يوفر الفوسفات عائدات تقدر بحوالي ملياري دولار سنويا، وهي نفس قيمة القرض الذي تنوي تونس الحصول عليه من صندوق النقد.
وأكد في تصريحات لـ"العين الاخبارية" أن استعادة نسق إنتاج الفوسفات يتطلب ،عودة العمل في جميع أماكن الإنتاج بمنطقة الحوض المنجمي، وعدم عودة الاحتجاجات التي أدت إلى توقف نشاط بعض الأماكن خلال السنوات الماضية من حكم الإخوان.
وأشار إلى أن تونس تحوّلت من مُنتجة للفوسفات إلى مستهلكة له حيث تراكمت الخسائر المالية التي تكبدتها شركة فوسفات قفصة خلال الفترة من 2011 الى 2019 لتبلغ 603 ملايين دينار (300 مليون دولار).
وتنتظر تونس، التي تعاني أزمة اقتصادية حادة، بشدة موافقة مجلس إدارة الصندوق لقرض بقيمة 1.9 مليار دولار، يأتي على أربع دفعات لمدة 4 سنوات، مقابل الالتزام بحزمة إصلاحات لإنعاش المالية العامة ودفع النمو الاقتصادي.
وتشمل الإصلاحات نظام الدعم والمؤسسات العمومية المتعثرة والتحكم في كتلة الأجور وغيرها من الإصلاحات الأخرى، وهي إجراءات قوبلت بتحفظ كبير من الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة النقابية الأكبر في البلاد وبرفض من الرئيس التونسي قيس سعيد.
حيث قال سعيد في بداية شهر أبريل/نيسان الجاري، إن الاملاءات التي تأتي من الخارج وتؤدي إلي مزيد التفقير مرفوضة''.
وشدّد سعيّد على أن البديل هو أن نعوّل على أنفسنا وأنّ السلم الأهلية ليست أمرا هيّنا.
aXA6IDMuMTQ3LjM2LjEwNiA= جزيرة ام اند امز