الشعب الإيراني أصبح أكثر وعيا، وأصبح يطلق بعالي الصوت نداءاته لوقف صرف ثروات بلادهم إلى غزة ولبنان واليمن
منذ أن أعلنت الحكومة الإيرانية رفع أسعار البنزين كانت الشرارة في المظاهرات التي اعتبرها المتحدث الرسمي باسم الحكومة الإيرانية أنها الأشد؛ إذ شملت أكثر من مائة مدينة إيرانية بشكل واحد من جميع الأطياف الشعبية لتكون أشبه بحرب أهلية طاحنة.
ولو رجعنا عن مسببات هذه المظاهرات فسنجدها ليست بسبب البنزين كما يروج له البعض، بل هو امتداد لتدهور الحالة المعيشية في بلد يسكنه أكثر من ثمانين مليون نسمة؛ إذ وقعت قبل مدة مظاهرات عارمة أيضا بسبب الضرائب والمشاكل الاقتصادية التي يعيشها الشعب الإيراني.
كل ما يحدث ليس فقط بسبب ارتفاع أسعار البنزين بل سلسلة تراكمات وكوارث قام بها النظام الإيراني تسببت بضعف عام بالاقتصاد والقادم أمرّ
لكن في هذه المرة كانت شرارة رفع أسعار البنزين لتفجر الوضع الشعبي من كافة المدن الإيرانية ضد السياسة الإيرانية والتي أوصلت البلاد إلى هذا الحد إذ ارتفعت نسبة الفقر إلى أرقام تاريخية تتجاوز أكثر من 60 مليون إيراني وهذا باعتراف المسؤولين في إيران، بعد انهيار العملة الإيرانية بشكل كبير جدا وارتفاع البطالة بشكل مخيف وأيضا ارتفاع التضخم وتقلص الاحتياطات النقدية الأجنبية بشكل كبير .
من هنا كان لمفعول العقوبات الاقتصادية التي أقرها الرئيس الأمريكي ترامب الأثر الكبير في تفاقم الوضع الاقتصادي خاصة مع وقف بيع أهم مورد دخل لإيران وهو النفط. كما اعترف الرئيس الإيراني قبل أسابيع أن بلاده تشهد ضعفا اقتصاديا غير مسبوق منذ أكثر من أربعين عاما، وهذا ما أكدته التقارير الاقتصادية والتي توقعت ارتفاع انكماش الاقتصاد الإيراني بأكثر من 9% وانخفاض النمو الاقتصادي بشكل كبير .
السؤال هنا: أين ثروات إيران؟
حقيقة هنا يجب الإشارة إلى أن إيران تملك من الثروات الاقتصادية من احتياطي نفطي الرابع بالعالم، ومن احتياطي غاز ضخم وأيضا من معادن وثروات أخرى يفترض أن تجعلها من أغنى دول المنطقة لكن تسببت أطماع من يقود دفة القيادة في إيران عبر إهدار هذه الثروات من خلال تمويل ودعم الإرهاب ومليشيات وأذرع لها في عدة دول، بإهدار جزء كبير من هذه الثروات والتي لم يستفد منها الشعب الإيراني المكلوم.
وأيضا دخول إيران في تحدي المجتمع الدولي عبر تطوير برنامجها النووي جعل القوى العالمية بقيادة أمريكا تفرض عليها عقوبات اقتصادية قاسية، ومع ذلك لم تستجب إيران إلى وقف تدخلاتها بدول المنطقة ونشر الفوضى ومحاولة إشعال المنطقة عبر حرب طائفية هي من يغذيها.
الشعب الإيراني أصبح أكثر وعيا، وأصبح يطلق بعالي الصوت نداءاته لوقف صرف ثروات بلادهم إلى غزة ولبنان واليمن، وأن يستفيد من هذه الثروات الشعب الإيراني الذي يعيش تحت الفقر.
ليعلم النظام الإيراني أن الشعب الذي أطاح بشاه إيران سابقا ووضع الخميني زعيما، قادر على أن يزيح خامنئي والذي منذ تولِّي هذا النظام سدة حكم إيران لم تنعم بلادهم بالراحة بل دخلت سلسلة من الحروب، منها الحرب العراقية الإيرانية، وبعدها دعم الإرهاب، وبعدها عقوبات اقتصادية، كان أكبر من دفع الثمن هو الشعب الإيراني.
في هذه المظاهرات -والتي كانت شرارتها رفع أسعار البنزين- لأول مرة يحرق المتظاهرون الحوزة العلمية والدينية وأيضا صور الخميني بكل المحافظات بشكل أكبر بكثير مما سبقها من مظاهرات، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن الشعب الإيراني طفح الكيل من الزمرة الحاكمة وأصبح لا يوجد ما يخسره لدرجة قيام النظام بقطع الإنترنت عن الشعب الإيراني خوفا وهلعا من استمرارها..
لذلك كل ما يحدث ليس فقط بسبب ارتفاع أسعار البنزين، بل سلسلة تراكمات وكوارث قام بها النظام الإيراني تسببت بضعف عام بالاقتصاد والقادم أمرّ.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة