ليست مصادفة أن يُقتلع داعش من العراق، وليست مصادفة أن تحقق قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية انتصارات حقيقية في اليمن
ليست مصادفة أن يُقتلع داعش من العراق، وليست مصادفة أن تحقق قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية انتصارات حقيقية في اليمن، وليست مصادفة تنفيذ الهدنة جنوب سوريا الأمر الذي يبعث على تحقيق سلام في كل أنحاء البلاد، وليست مصادفة نجاح قوات الجيش الوطني الليبي في تطهير مدينة بنغازي من العناصر الإرهابية والمتطرفة، وليست مصادفة أن تشهد المنطقة حراكاً فلسطينياً في سبيل إحياء عملية السلام للتوصل إلى حل شامل وعادل يضمن حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، كل ذلك وغيره ليست مصادفة على النحو الذي رأيناه في الأيام الأخيرة بينما اتخذت الرباعية العربية "المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية" إجراءات لمقاطعة قطر سياسياً واقتصادياً. فيد النظام القطري التي كانت ممدودة إلى داعش، ومليشيات الحوثي، وحماس، والإخوان، والنصرة، والقاعدة، وحزب الله" وغيرهم الكثير، صارت مغلولة بفعل هذه المقاطعة التاريخية، فلم تجد التنظيمات الإرهابية الخطيرة من يمولها بالمال الذي تشتري به السلاح، وتصنع به إعلاما يمارس حرباً نفسية، ودعاية سوداء، ضد خصومهم.
نطالب النظام الحاكم في قطر بأن يستمر في غيه وتعنته ورفضه للمطالب العربية والدولية، وأن يبقى على موقفه الداعم للإرهاب، حتى يتم القضاء على كل البؤر الإرهابية في العالم
إن ما جرى لداعش في العراق، حيث خسر معقله الرئيسي في الموصل، وتمت تصفية جيوبه المدمرة، لهو واحد من الأدلة القوية على همزة الوصل المتينة بينه وبين النظام الحاكم في الدوحة، التي لم يعد بمقدورها الآن -بعد فضح دورها المشبوه- أن تساعد الدواعش على النحو الذي كان طيلة السنوات الأربع الفائتة، وهي المساعدة التي مكنتهم من غزو العراق، وإسقاط مدن رئيسية في أيام معدودات، وبشكل جعل الجميع يتساءلون أيامها: من يقف وراء داعش؟
إن خروج داعش من العراق مهزوماً ذليلاً ما كان له أن يتم على هذا الوجه السريع الذي رأيناه لو ظلت قطر تتحرك بحرية في تقديم العون له، وهي تظن أنها بعيدة عن المراقبة والمتابعة والمساءلة بل العقاب. فدور قطر المشبوه لتخريب العراق واليمن وليبيا وفلسطين وسوريا ومصر عبر داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية والخارجة عن القانون، بات واضحاً، لا سيما بعد أن وضعت بعض عشائر العراق، وقبائل اليمن، فضلاً عن الحكومات الرسمية في ليبيا واليمن وتونس، يدها على بيت الداء، واتهمت قطر صراحة، جهاراً نهاراً، بأنها هي التي تقف وراء مختلف الجماعات الإرهابية، بمساندتها بأموال الشعب القطري المغلوب على أمره، وتسخير شبكة إعلام تنفق المليارات في توفير غطاء للتنظيمات الإرهابية، والدفاع عنها عبر رسائل إعلامية مبطنة، تدس السم في العسل، وتبرهن على تناقض موقف الدوحة، التي تقول في العلن إنها مع مكافحة الإرهاب، بينما هي في السر حليفة للإرهابيين التكفيريين، بل محركة لهم في بعض الأحيان.
فها هو عضو مجلس عشائر الأنبار في العراق، الشيخ سعد عبدالله الفهداوي، يعلن أن عشائر الأنبار تعتزم رفع دعاوى قضائية محلية ودولية ضد قطر لدعمها الإرهاب في العراق وبقية الدول الأخرى التي تعاني من وجود تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين. ثم يقول إن العراقيين بصدد جمع أدلة أكثر عن الدور المشبوه لقطر، بغية رفع دعاوى قضائية وتعويضية دولية ومحلية ضد الدوحة، تطوع عدد من المحامين الكبار برفعها، وستطلب من كل المواطنين العراقيين المتضررين أن يسارعوا إلى إقامة دعاوى مماثلة على قطر لإجبارها على تقديم التعويضات اللازمة لهم.
هذا الموقف الذي سيتفاعل في الأيام المقبلة، لم يكن من الممكن اتخاذه لولا قرار الرباعية بمقاطعة قطر، ومطالبتها بكف يدها عن دعم الإرهاب، وتخريب الدول، والسعي إلى تفكيكها. وهو قرار سيقود في المستقبل المنظور إلى خطوات مماثلة في دول عدة، ليرفع النقاب تماماً عن الجسور القوية بين الدوحة والشبكات التكفيرية الإرهابية التي تعيث فساداً في البلاد، فتقتل البشر، وتخرب المدن، وتترك خلفها دماراً شاملاً، يروق لحكومة قطر أن تراه يحل بكل جيرانها، الذين صبروا عليها طويلاً، حتى فاض الكيل، وحانت لحظة الحساب.
كما أن هذه المواقف وغيرها تجعلنا نطالب النظام الحاكم في قطر بأن يستمر في غيه وتعنته ورفضه للمطالب العربية والدولية، وأن يبقى على موقفه الداعم للإرهاب، حتى يتم القضاء على كل البؤر الإرهابية في العالم والتي تطالها اليد القطرية بدءاً من مالي إلى المغرب وأفغانستان وباكستان والصومال وتونس والجماعات المتطرفة في شمال ولاية كيرلا في الهند، وربما في مختلف الدول الأوربية.
إن مقاطعة قطر فتحت كل الأبواب المغلقة في ارتباطها بمختلف الجماعات الإرهابية التكفيرية من التنظيمات الإرهابية بالعراق منذ احتلاله في 2003 وحتى الآن، وهو أمر ينسحب أيضا على مصر وسوريا وليبيا واليمن وفلسطين وغيرها، ولعله أول نصر ملموس يتم إحرازه في المعركة ضد قطر، والتي لن تنفك دول الرباعية حتى تهزم الدور القطري المشبوه تماماً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة