ليس من السهل أن تعود قطر بعد أن تمكن منها الإخوان، بل ستستمر بالتلّون والمناورة والتكيف مع الظروف كما هو عهد الإخوان، ولن تتوقف قطر عن دعم الإرهاب
تتزايد المخاطر وتتأزم الأوضاع من حولنا، فمن الربيع العربي الذي تحول إلى جحيم عربي، إلى التنظيم السري الإخواني، الذي تفاجأ به الشعب الإماراتي، إلى المد الإيراني الذي اجتاح عدداً من العواصم العربية، وصولاً إلى صنعاء، وبدء مرحلة جديدة من الدفاع المتقدم عن أمن الوطن، فوضعنا أيدينا بأيدي المملكة للتصدي للأخطار المحدقة، عبر الجار الخائن الذي عمد لتقويض الأمن الخليجي على مدى عقدين من الزمن، واليوم تفضح دسائسه بعد أن فاض بنا الكيل، ويتضح للعلن إرهاب قطر من خلال احتضانها للإخوان وتعاونها مع إيران.
ما قصة قطر، ولماذا احتضنت "الإخوان" ودعمت أجندتهم المناهضة للحكومات العربية، وكيف وضعت يدها بيد إيران وهي تعرف أطماعها في المنطقة، وكيف انزلقت في دعم الإرهاب والعمل في الخفاء.
وجب علينا اليوم يا إخوة أن نفهم الصورة الحقيقية، بل يجب علينا أن نتمتع بالشفافية المناسبة لإيصالها للجميع.
بدأت القصة التي نعيش أحداثها اليوم، بتأسيس حسن البنا لحركة الإخوان عام 1928، والتي كان هدفها نظرياً، إعادة الخلافة وإقامة الدولة الإسلامية، وعملياً استخدام جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة للوصول إلى السلطة السياسية، وأهمها لبس عباءة الدين والفتوى الشرعية لتأطير الفكر الإخواني، والتأثير على المجتمع والتحريض للثورات والخروج على الحكام.
بدأ "الإخوان" الصراع مع السلطة في مصر، بالمد والجزر والتلّون حسب الأحوال وتبني «فقه المرحلة» بالتخلي عن المشروع السياسي تارة والمضي به تارة أخرى، وتنفيذ عدد من الأعمال التخريبية والتصفيات لمناهضة الحكم، والتي كان منها محاولة اغتيال جمال عبد الناصر، والنجاح في اغتيال أنور السادات عام 1981.
ليس من السهل أن تعود قطر بعد أن تمكن منها الإخوان، بل ستستمر بالتلّون والمناورة والتكيف مع الظروف كما هو عهد الإخوان، ولن تتوقف قطر عن دعم الإرهاب
التقف الخميني جزءاً كبيراً من الفكر الإخواني، حيث نادى الخميني بعدها «بولاية الفقيه»، وتمكن من إحداث الثورة الخمينية عام 1979، وباسم الدين وبحكم الملالي، استعبدت إيران شعبها، وعزلته عن العالم، واستنزفت أمواله في خدمة مشروعها وتصدير الثورة، من خلال تمويل الإرهاب والجماعات المتطرفة، والتدخل في شؤون الدول دونما أي اعتبار للأعراف الدولية.
في المسار الأخر، دخل الإخوان قطر على موجات كما دخلوا إلى جميع الدول الخليجية، ولكن الوضع اختلف في قطر بحصولهم على الرعاية والدعم من حكومة قطر، حيث أسهموا في تأسيس وزارة التربية والتعليم وكذلك معهد الدراسات الإسلامية، وتولي يوسف القرضاوي أحد قيادي ومنظري جماعة الإخوان تأسيس وعمادة كلية الشريعة الإسلامية بجامعة قطر منذ عام 1977 وتخريج دفعات من حاملي الفكر الإخواني، ما أسهم في سيطرة ونفوذ الجماعة في قطر، وذلك دون أن تسعى الجماعة في تطبيق أيدلوجيتها على نظام الحكم القطري، الذي وجدت منه الرعاية داخل قطر بتأسيس العديد من المؤسسات الإخوانية والدعم المادي السخي لأفراد الجماعة إضافة لدعم أجندتهم الخارجية استخباراتياً وإعلامياً ومادياً.
في عام 1995 انقلب حمد بن خليفة على والده حاكم قطر، وبدأ في رسم ملامح سياسة قطر الخارجية بالتعاون مع حمد بن جاسم، وزير الخارجية القطري آنذاك، وبات يعرف هذا التعاون بـ«تنظيم الحمدين»، حيث أسس لسياسة خبيثة مستلهمة من فكر الإخوان، تبرر الوسيلة لتحقيق الغاية، وتستخدم الثروة القطرية لدعم الجماعات الإرهابية من خلال الإعلام المغرض والمؤسسات الخيرية الموجهة، وتحويل أجهزة قطر الأمنية من أجهزة أمن داخلي إلى أجهزة تدير الخطط والدسائس والتآمر على دول المنطقة، والأدلة على ذلك كثيرة: منها (التسجيل المسرب للتخطيط لاغتيال الملك عبدالله بن عبدالعزيز عام 2003 ).
باندلاع الثورات العربية عام 2011 التي رُوج لها «بالربيع العربي» سارع الإخوان إلى امتطاء صهوتها واستغلال الفرصة للوصول إلى السلطة، كما وفرت قطر الدعم الإعلامي المناسب لتأجيج الثورات، وصب الوقود على نيرانها، والتي كان من ضمنها ثورة الشيعة في البحرين المدعومة من إيران.
تتسارع الأحداث ويتدخل درع الجزيرة في إخماد ثورة البحرين، وينجح الإخوان في الوصول للسلطة في عدد من الدول العربية، وهنا ظهر جلياً، الدعم القطري لحكم الإخوان في مصر، كما اتضح التقارب بين الإخوان وإيران بتبادل الزيارات بين طهران وحكومة الإخوان في مصر والبدء بالتنسيق المشترك.
بالتزامن مع الربيع العربي بدأ الإخوان بالتحرك أيضاً في الإمارات، وبنجاح الإخوان في مصر، تطور دعم جماعة الإخوان في مصر للتنظيم السري في الإمارات، الذي أعد العدة المناسبة في الخفاء وبدء التحرك ضد الحكومة، بحملات التشويه والتحريض، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن؛ فسرعان ما أدركت الشعوب قبل الحكومات زيف مسعاهم.
مع تقهقر الخط الإخواني، استمر الخط الإيراني في التقدم في عدد من العواصم العربية، إلى أن اصطدم بقوات التحالف في اليمن، التي تسعى بقيادة السعودية والإمارات والبحرين إلى إعادة الشرعية في اليمن، وإيقاف المد الشيعي الإيراني نحو الخليج.
بتدبر الفكر الإخواني والإيراني- الخميني، يتضح التقارب بينهما في العديد من النقاط منها: ارتداء عباءة الدين للوصول إلى السلطة، واستخدام «فتاوى المرحلة» لتّلون حسب الظروف، وتصدير الثورات ودعم الجماعات والإرهاب والتدخل في شؤون الدول، ويتوافق هذا الطرح مع شاهد الحال والعلاقة الوطيدة بينهما خلال تسلسل الوقائع والأحداث التي مرت بها المنطقة.
كما يتضح من سرد الأحداث بأن قطر بثروتها وقلة سكانها، أصبحت محطة اللقاء الجغرافي بين تنظيم الحمدين والإخوان وإيران، أرض التخطيط والتنسيق وقاعدة التمويل والانطلاق، أرض أخرجت من محيطها الخليجي ودُنست بخبث نوايا الإخوان وإيران، لذا تحاول الدول الخليجية المقاطعة تطهير قطر من هذه الأدناس وإعادتها إلى الصف الخليجي، وتبدو المهمة صعبه واقعياً، إذ تصّر قطر على نهجها، وتتمادى في الإثم والتهجم وتدويل القضية.
ليس من السهل أن تعود قطر بعد أن تمكن منها الإخوان، بل ستستمر بالتلّون والمناورة والتكيف مع الظروف كما هو عهد الإخوان، ولن تتوقف قطر عن دعم الإرهاب إلا بعملية جراحية تستأصل فكر الإخوان من جسدها وارتباطاته بإيران وتركيا، لذا سنستمر بعون الله بمقاطعتها والتضييق عليها إلى أن تُكسر شوكتها "فعدو يجاهرك العداء خير من صديق زائف".
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة