اللبنانية مايا الحاج: بطلة رواية "البوركيني" نموذج لكل شخص تائه
الرواية ترجمت في طبعتها الأولى إلى عدة لغات، وصدرت طبعة جديدة مؤخرا في خطوة وصفتها مؤلفتها بأنه نجاح فاق توقعاتها.
تطرح الروائية والكاتبة الصحفية اللبنانية مايا الحاج في روايتها "بوركيني" إشكالية الحجاب في المجتمعات العربية؛ حيث يمكن- ضمن أحداثها- للمحجبات ممارسة الإبداع دون أي موانع.
بطلة الرواية رسامة محجبة تروي تجربتها مع الفن والحياة، وترجمت الرواية في طبعتها الأولى إلى عدة لغات، ومؤخراً صدرت طبعة جديدة وصفتها مؤلفتها في حوارها مع "العين الإخبارية" بأنه نجاح فاق توقعاتها، وإلى نص الحوار..
كيف ومتى بدأت رحلتك مع الكتابة؟
لم أخطط لشيء في حياتي، كنت أحاول فقط أن أقوم بما أحبه، وكنت أقرأ الروايات بدرجة أكبر من الشعر، درست الأدب والنقد الإبداعي، ومن ثم عملت في الصحافة وصرت أكثر وعياً برغبتي في الكتابة الروائية.
تعرف الساحة اللبنانية نوعا من الازدهار الأدبي، ما قراءتك لهذا المشهد حاليا؟
خلال السنوات الـ5 الأخيرة ظهرت أسماء جديدة، وثمة أعمال واعدة جداً وأخرى أقل جودة، الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت لمعرفة مدى جدية هذه الكتابات وأيها سيعيش أكثر، ومن سيتمكن من تكريس اسمه عبر أعمال مستقبلية جيدة.
صدر ت مؤخرا طبعة ثانية من روايتك "بوركيني" ما الذي أردت قوله من الرواية بداية من عنوانها؟
"بوركيني" كلمة تختصر في داخلها منظومتين تحكمان العالم، من خلال مزج كلمتي "البرقع" و"البيكيني"، اخترتها نظراً إلى احتوائها تناقضاً ظاهراً يعكس حياة فتاة تعيش صراعاً بين مسارين مختلفين تماماً.
هل ترين أن هذا الانفصام المجتمعي الذي نعيشه حاليا يضع بطلتك في مأزق الهوية؟
تماماً، تخبط البطلة في ثنائياتها وتناقضاتها يعبّر فعلاً عن تخبط جيل كامل بين ثقافتين متباعدتين تحكمانه.
كم اقتربت شخصيات الرواية من الواقع؟
أظن أن الرواية تلامس الواقع فعلاً، وبطلته نموذج لكل شخص تائه بين خطين يرسمان هذا العالم، إيمانها مثلاً لم يمنع شكها، إبداعها لم يلغِ خوفها، حجابها لم يحجب رغبتها، هي الكائن اللا منتمي إلى هوية واحدة مفروض عليه اختيارها.
هل تفكرين في الاقتراب من المحظورات الاجتماعية خلال الكتابة؟
عندما أكتب لا أفكر في قضية وإنما في شخصية لها ظروفها وحياتها ومسارها، القصة هي التي تقود الكاتب إلى هذه المقاربة أو تلك.
في "بوركيني" طرحت قضية الحجاب، فكان من الطبيعي أن أتطرق إلى القضايا المحظورة، لكنني أثرت هذه القضايا بأسلوب غير صادم البتة، يتناسب وشخصية البطلة ورقتها وهشاشتها.
هل لاقت روايتك ما تستحقه من اهتمام في الأوساط الأدبية والإعلامية؟
أكثر مما توقعت، نالت نصيبها من الاهتمام إلى حد أنني ما زلت أحكي عنها بعد 5 سنوات من صدورها.
"بوركيني" موجودة اليوم في معظم الدراسات الأدبية التي تتناول الأعمال النسائية الحديثة، أو تلك المعنية بالجسد في المرويات العربية الجديدة، كتب عنها أهم النقاد اللبنانيين والعرب، كما أنجزت عنها رسائل ماجستير في الجامعات اللبنانية، وفي جامعة نيوشاتيل السويسرية بعد نشرها بالفرنسية قبل عامين تقريباً.
ما سبب توقفك عن الكتابة بعدها خاصة أنها صدرت في 2014؟
المدة الفاصلة بين العملين الأول والثاني لا تعني انقطاعي عن الكتابة، فأنا أكتب لكن بإيقاع بطيء نتيجة انشغالي خلال السنوات الماضية بمشاريع شخصية، أولها إنجابي وتفرغي الكامل مدة سنتين لابنتي، ومن ثمّ انشغالي بكتابة رسالة الماجستير، التي انتهيت منها قبل فترة وجيزة، لذا كان يصعب عليّ إنجاز كل هذه الأمور تزامناً مع التزامي بدوام عمل يومي.
قديما قيل إن الصحافة تقتل الكتابة الأدبية، مع ذلك رأينا العديد من الصحفيين برعوا في ذلك، هل تشعري أن مايا الحاج الصحفية من صنع مايا الحاج الروائية؟
الصحافة تمنح الكاتب بيئة ثقافية حاضنة يحتاجها في حياته الأدبية طبعاً، كما أنها توثق علاقته بالكتابة وتعلّمه اللعب باللغة تحريراً وتكثيفاً، وأظن أن عملي في الجريدة بلور شخصيتي ككاتبة وسمح لي بأن أتمسك بحلم الكتابة.
يرى الكثيرون أن الرواية باتت حاليا محط استسهال رغم ما تحتاجه من تأنٍ ووعي بأدوات الكتابة وبما يُكتب، كيف ترين المشهد الروائي العربي مقارنة بالمشهد الروائي العالمي؟
عملي في النقد الأدبي على مدار 10 سنوات سمح لي برصد حركة الرواية العربية الراهنة، وأرى أنها مبشرة إلى حد ما، لا شك أن عدداً غير قليل من الروايات المنشورة لا يستحق النشر أصلاً لكونه لا يتمتع بأقل المواصفات التي تجعل منها أدباً، ولكن في المقابل يمكن اكتشاف أعمال جديدة تتمتع بحساسية مختلفة، وقد استطاع كثيرون منهم رسم مسار أدبي خاص بهم من خلال عملين أو ثلاثة.
هل تفكرين في القارئ أثناء كتابتك، وأي أنواع القراء يشغلك؟
لا أنغمس في ذاتي إلى حد أنني لا أفكر لا في قارئ ولا في ناقد، هذه الحالة من التوغل في الذات تنتابني في كتابة المقالة والنقد كما في حالة الكتابة الإبداعية.