الروائي اللبناني جبور الدويهي لـ"العين الإخبارية": أكتب كي أستمتع ولا تعنيني الرسائل
الروائي اللبناني جبور الدويهي يتحدث في حوار خاص لـ"العين الإخبارية" عن روايته "طبع في بيروت" وطريقته في إدارة ورش للكتابة
قال الروائي اللبناني جبور الدويهي إن بطل روايته الأخيرة "طبع في بيروت" يعبر عن قصة كل كاتب عربي، حيث البداية الحماسية والفرحة بالمخطوطة الأولى، والاعتقاد أنه كتب ما لم يكتبه غيره، موضحاً أنه أراد أيضاً أن يحكي سيرة لبنان وبعض الأحداث السياسية والاجتماعية والثقافية التي مر بها عبر قرن من الزمان، من خلال مطبعة كرم إخوان.
وأكد الدويهي، في حواره لـ"العين الإخبارية"، خلال وجوده بالقاهرة هذا الأسبوع، أنه لا ينشغل بالرسائل وتوصيلها للقارئ، ويكتب فقط بهدف المتعة، موضحاً أنه يحب الكتابة عن المكان، ولذلك يأتي المكان بطلاً للكثير من رواياته التي حازت الكثير من الجوائز، ومنها "مطر حزيران "التي وصلت للقائمة القصيرة للبوكر عام 2008، و"شريد المنازل" التي وصلت للقائمة نفسها عام 2012، كما أشرف الدويهي على 4 ورش لكتابة الرواية، مرتين مع البوكر، ومرتين مع ورشة آفاق.
في روايتك الأخيرة "طبع في بيروت" تجعل من مطبعة "كرم إخوان" بطلًا لروايتك.. هل أردت من خلال المطبعة أن تسرد حكاية لبنان بشكل عام؟
هذه رؤية من رؤى عديدة وتأويلات للرواية، المطبعة هنا تمثل وحدة مكانية، وتربط جميع الأحداث بها، كل شيء في لبنان يأتي إلى المطبعة، ويمر بها، بما في ذلك الأخبار والأحداث التي تتطور عبر قرن من الزمان، وهي محاولة لرصد بيروت من خلال قصة مطبعة، منذ فترة العثمانيين وانتقالها للفرنسيين ثم استقلالها، وانتهاء بمرحلة الحرب الأهلية، كل هذه حقب مهمة وتاريخية وأثرت في لبنان على كل المستويات سياسياً واجتماعياً وثقافياً.
أردت أن تبعث برسالة من خلال روايتك؟
لا تعنيني الرسائل، أكتب فقط كي أستمتع وأمنح القارئ متعة هو الآخر، قد تكون هناك رسائل ضمنية.. لا بأس، ولكني لا أسعى إليها، لا أكتب بهدف توضيحها وتسليط الضوء عليها، لا بهدف الحكمة، الحياة من حولنا مليئة بالرسائل التي يمكننا تأملها يومياً، وأنا لست ساعي بريد مهمته توصيل الرسائل.
البطل هنا هو المكان، وهي سمة تميز كتاباتك بشكل عام.. هل ترى أن رواية المكان مرهقة في كتابتها؟
لا أشعر بذلك، أحب الكتابة عن الأمكنة، ومسألة أن يكون المكان بطلًا لرواية أكتبها هذا أمر لا يرهقني، بل أستمتع به، هي مسألة تعودت عليها، والأمكنة جزء من المناخ واللعبة والتأثير وهي تصنع الشخصيات أيضاً.
بطل الرواية "فريد أبوشعر" يحمل مخطوطته الأولى معتقداً أنه كتب ما لم يكتبه أحد، ممنياً نفسه بنشر الرواية.. هل هذه الحالة هي حالة كل كاتب في بداياته؟
نعم، هي قصة كل واحد فينا، يحمل مخطوطته الأولى ويظن أنه أنجز الكتاب العظيم، بالطبع هناك غمز لأحوال الكتاب كلهم، الذين يعتقدون حالهم يكتبون ما هو نادر واستثنائي، وهذا ينطبق على الجميع.
في الرواية ثمة مبالغة في قصة فريد أبوشعر، ولكن كلنا فينا من قصته.
تشرف على ورش كتابية للرواية، فهل يقترب دورك بشكل أو بآخر من المحرر الأدبي؟.. وهل تشجع هذه الوظيفة وترحب بعمل محرر أدبي معك في رواياتك؟
في الخارج، وتحديداً في أمريكا وبريطانيا يكون للمحرر الأدبي دور كبير، حيث يشترك مع الروائي في عملية الكتابة، لكن عندنا وأيضاً في فرنسا فإن هذا الدور غير موجود، هناك عملية تدقيق، وربما تحرير ولكن بعد الانتهاء من العمل تماماً، إذ يتقدم الروائي بنصه لدار النشر وإما أن تقبل أو ترفض، وفي حال الموافقة قد تكون هناك تعديلات بسيطة، لكني لم أمر بالتجربة، ولم يتدخل محرر في عملي من قبل.
ألم يُعرض عليك من قبل تحرير رواية لك؟
حدث ذلك مرة واحدة، عندما عرضت عليّ سيدة إنجليزية أن تغير مطلع روايتي "مطر حزيران"، لكني رفضت تماماً، ليس عن كبرياء، لكن الرواية وقتها كانت مكتملة تماماً، كما أنها تُرجمت لعدة لغات.
أعرف أن المحرر الأدبي بإمكانه أن يضع يده على بعض الهنات والتفصيلات المهمة فعلًا، والروائي في النهاية ليس مهندساً ينتج نصاً لا أخطاء فيه.
أريد أن أعود بك لعملك الأول الذي كان مجموعة قصصية بعنوان "الموت بين الأهل".. لماذا لم تكرر كتابة القصة القصيرة؟
لا أعرف. لم يحدث ذلك عن عمد، ولكن هناك كتاب كثيرون حدث معهم ذلك، ربما لأن الرواية حياة مستديمة يعيش فيها الروائي عمراً أطول، وذلك لا يحدث مع القصة التي لا تتح لك التعرف على الشخصيات.
بالقدر الكافي.. في النهاية لم أخطط لذلك، حدث الأمر هكذا.
بمناسبة تجربتك مع ورش الكتابة.. هل ترى أنها قادرة فعلًا على تخريج روائي حقيقي؟
بالنسبة لي، ورش الكتابة عرفتني على جيل كامل من الكتاب، منهم منصورة عز الدين، وأحمد مجدي همام، وأريج جمال، وهدى عمران، وأنيس الرافعي، ووجدي الأهدل.
وأشرفت على 4 ورش، بما يعني أني تعاملت مع 40 من الكتاب الواعدين من كل البلدان.
أنا لا أعلمهم كتابة الرواية، وهذا معروف، لكني أوفر لهم الجو المطلوب والانضباط، وأنهم إذا ثابروا على الخلق لن يحدث خلق، من الجميل أيضاً أننا نتناول كل عمل من الأعمال في الورشة بالنقد حتى يخرج كل واحد بملاحظات وآراء متنوعة. في النهاية أنا مع الورش جداً لكن حتى سن معين، حيث لا يتعدَّ الخامسة والثلاثين.
هل لديك نظام منضبط للكتابة أم تخضع لشروط الإلهام والحالة المزاجية؟
أكتب كل يوم.. من العاشرة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً، لا أنقطع يوماً واحداً إلا لو كنت ذاهبًا للمستشفى، الكتابة مثابرة، وأؤمن أن عليّ الكتابة يومياً لأن الأفكار قد تأتي ولا تجنى.
ولذلك تجدني أصدر رواية كل 3 سنوات تقريباً، أكتب الرواية في سنتين، وأنتظر سنة كاملة أتأمل وأقرأ فقط، ولا أكتب شيئاً، حتى أتخلص من الرواية السابقة، وأعطِ نفسي فرصة للتأمل وإعادة النظر.
وعلى الرغم من أن لديّ بيت جميل وزوجة عظيمة، إلا أني أحب الكتابة في المقهى، وهذه عادة منذ سنوات طويلة.
ما الجديد لديك؟
انتهيت من رواية تصدر خلال أيام اسمها "ملك الهند" عن دار الساقي، تدور الرواية في عدة بلدان، أمريكا ولبنان وأوروبا، وعلى الرغم من اسمها إلا أنها ليس بها ملك ولا علاقة لها بالهند.
aXA6IDMuMTUuMjI4LjMyIA== جزيرة ام اند امز