فورين بوليسي: إلغاء الاتفاق النووي الإيراني أفضل من إصلاح مزيف
إذا كان الكونجرس يعتزم تمرير إصلاح مزيف لثغرات الاتفاق النووي الإيراني، فمن الأفضل إلغاؤه؛ لأن هذه هي آخر فرصة لتعديله.
وضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكونجرس أمام خيار نهائي هذا الشهر عندما أصدر شهادته بالتزام إيران بالاتفاق النووي، وحذرهم من أنه سيكون آخر تصديق منه مهدداً بتدميره إذا لم يتم إصلاح عيوب الاتفاق.
لكن بوضعه معايير للاتفاق فتح ترامب الباب على ثغرات لا حصر لها يمكن للمدافعين عن الاتفاقية أن يحاولوا استغلالها، وإذا سمح لهم ترامب سيكون - عن غير قصد - قد شارك المسؤولية مع سلفه باراك أوباما في تسهيل وتشريع حصول إيران على أسلحة نووية.
فالأخطاء العديدة التي تتخلل الاتفاق النووي الإيراني، الذي أبرم في منتصف 2015 بين طهران والست قوى الكبرى في جنيف، بالفعل يجب إصلاحها، كما شدد ترامب عدة مرات، لكن في الوقت نفسه فإن إلغاء الاتفاق سيكون أفضل من إصلاحات مزيفة، حسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
وقال ترامب، على سبيل المثال، إن الاتفاق "يجب أن يطالب إيران بالسماح بالتفتيش الفوري لكل المواقع العسكرية التي يطلب المفتشون الدوليون فحصها، لكن تظل المشكلة هي ضرورة مطالبة المفتشين الدوليين بصلاحية الدخول لأية مواقع عسكرية إيرانية خوفاً من أن طهران لن تمتثل لهذه الطلبات، إلا أن هذا البند بلا معنى في هذه الحالة وفعلياً تعد إيران ملتزمة به.
وينبغي ألا يكون السؤال حول امتثال إيران لهذه الطلبات التي لا تأتي أبداً، فبدلاً من ذلك ينبغي على الكونجرس أن يطالب أجهزة المخابرات الأمريكية بتحديد أي من المواقع العسكرية الإيرانية تستحق التفتيش واكتشاف طريقة لإجبار فحص هذه المواقع، وهو ما رأته المجلة إصلاحاً لخطأ جوهري في الاتفاقية.
ويعد أحد مصادر القلق البنود المهمة الخاصة بانتهاء الاتفاقية، خلال سنوات قليلة، ما يترك إيران حرة في تشغيل أجهزة طرد مركزي متطورة وبناء قدرات تخصيب لليورانيوم.
وقال ترامب إنه يريد من الكونجرس إنهاء ما يسمى بـ"فترة الغروب"، وهي السنوات الخمس الأخيرة من الاتفاق الذي ينتهي في 2030، عن طريق التهديد بـ"استعادة تلقائية" للعقوبات الاقتصادية الصارمة التي تم رفعها بموجب الاتفاقية إذا تم انتهاك أي من البنود، وذلك ليس فقط خلال السنوات العشر المقبلة، لكن للأبد.
وربما يبدو هذا تخطيطاً صارماً من ترامب، لكن ما سيكتبه الكونجرس في التشريع سيحدد ما إذا كان سيحدث ذلك أم لا، فالاستعادة التلقائية ليست واضحة، هل ستعطي الكونجرس مستقبلياً فرصة للتصويت أولاً إذا تم إثبات تجاوز إيران لأي من الخطوط الحمراء؟ وهل ستظل عودة العقوبات "تلقائية" إذا بالفعل أعطت الكونجرس فرصة للتصويت؟.
وحتى إذا تم حل مشاكل التفتيش وبنود السنوات الخمس الأخيرة من الاتفاق، فإن أزمة أخيرة من المرجح أن تتصدر كنقطة مضيئة بين مؤيدي ومعارضي الاتفاقية، وهي برنامج إيران للصواريخ الباليستية، وكيفية تعامل الكونجرس معها ستحدد ما إذا كان ترامب فعلا سيصلح الاتفاق النووي أم لا.
ويعد فشل الاتفاق النووي في تقييد تطوير إيران للصواريخ الباليستية أحد أخطر أخطائه بينما تم رفع العقوبات عنها في المقابل، وهو ما يترك البنية التحتية للتخصيب في إيران سليمة تماما كما تسمح للنظام بتطوير أنظمة الصواريخ التي يمكن في أحد الأيام أن يستخدمها لنقل الرؤوس النووية، وهو ما سيخلق كوريا شمالية جديدة بعد سنوات قليلة.
والإصلاح المزيف لهذه الأزمة قد يعالج فقط تطوير إيران للصواريخ طويلة المدى فقط، والتي ليست موجودة أصلا حتى الآن، ما يسمح لطهران بإتقان الصواريخ قصيرة ومتوسطة وفوق المتوسطة المدى، ما سيمكنها من تدمير كل قواعد أمريكا في الخارج وحلفائها ومصالحها.
وقد يبدو الإصلاح المزيف أيضا مثل الذي يناقشه مجلس الشيوخ الأمريكي حاليا حول فصل نشاط إيران الصاروخي عن العودة التلقائية للعقوبات الاقتصادية، وبدلا من ذلك وضع خطوط للعقوبات أقل حدة لن تنجح أبدا في ردع الملالي من التقدم في برنامجهم الصاروخي غير الشرعي.
هل ينوي الكونجرس فعلا سن تشريع يعاقب إيران بشكل أكثر صرامة على بناء أجهزة طرد مركزية متطورة أكثر من اختبار صواريخ يمكنها مسح إسرائيل تماما أو أي من حلفاء أمريكا الآخرين في أوروبا؟
أعطى ترامب الكونجرس 120 يوما لإصلاح الاتفاق النووي الإيراني، وأي حل سيئ سيحمل نتيجة سيئة للولايات المتحدة وحلفائها حول العالم، وإذا لم يستطع معارضو الاتفاقية في الكونجرس الحصول على الأصوات الكافية لفرض إصلاح ملائم فإنه ينبغي على ترامب أن يلغيها من الأساس بدلا من السماح لمؤيدي الاتفاق بتدمير آخر وأفضل فرصة أمامه لإصلاحه.