الطاقة النووية من أجل الحياد المناخي.. قمة طموحة على هامش COP28
شهدت أعمال قمة "الطاقة النووية من أجل الحياد المناخي"، التي تقام على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، توافقا على أهداف طموحة للمستقبل.
وتنعقد القمة بتنظيم من مبادرة "الطاقة النووية من أجل الحياد المناخي" التي تدعو إلى تعاون غير مسبوق بين صناع القرار وقادة قطاع الطاقة النووية، لمضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية 3 مرات على الأقل لتحقيق الحياد بحلول عام 2050.
وسلطت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في اليوم الافتتاحي للقمة الضوء على دورها المحوري في تركيز الاهتمام على الجهود الدولية الجارية لتطوير تقنيات الطاقة النووية المتقدمة، من أجل مواجهة التغير المناخي وتسريع المسيرة العالمية لخفض البصمة الكربونية والوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وأضافت دولة الإمارات كميات من الكهرباء النظيفة لكل فرد على مدى السنوات الخمس الماضية أكثر من أي دولة أخرى، 75% منها تم إنتاجه من الطاقة النووية، وهو ما جعلها الوجهة المثالية لاستضافة "قمة الطاقة النووية من أجل الحياد المناخي".
الطاقة النووية
وتم إطلاق قمة "الطاقة النووية من أجل الحياد المناخي" من قبل مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والمنظمة النووية العالمية في سبتمبر/أيلول 2023، والتي حققت نجاحا كبيرا تمثل في الإعلان عن تعهد 22 دولة في اليوم الثالث من مؤتمر COP28 بمضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية ثلاث مرات بحلول عام 2050.
واتفقت هذه الدول على الأهمية الكبيرة لزيادة الاستثمارات في الطاقة النووية من أجل خفض الانبعاثات الكربونية وتسريع خفض البصمة الكربونية للصناعات الثقيلة.
وركز الموضوع الرئيسي لقمة الطاقة النووية من أجل الحياد المناخي على الحاجة المتزايدة لتقنيات الطاقة النووية الجديدة لدعم القطاعات الاقتصادية الأساسية.
وشددت القمة على أن الانتقال إلى هذه التقنيات يجب أن يتم بطريقة صديقة للبيئة، وبهدف المساهمة في مسيرة العالم نحو الحياد المناخي. وأكد سهيل المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية على الدور المهم للطاقة النووية في مسيرة الانتقال لمصادر الطاقة النظيفة في دولة الإمارات.
محطات براكة
وسلط الضوء على حقيقة أن محطات براكة للطاقة النووية تقوم بدور أساسي في عملية خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة وتوفير الطاقة المستدامة في دولة الإمارات.
ومن جهته، قال محمد الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، خلال اليوم الأول من القمة، إن تطوير محطات براكة للطاقة النووية خطوة كبيرة في انتقال دولة الإمارات إلى مصادر الطاقة النظيفة.
وأوضح أنها تعد من أكبر محطات الطاقة النووية في العالم، وأكبر مصدر منفرد للكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية في المنطقة، والكهرباء الوفيرة والنظيفة التي تنتجها محطات براكة، بجانب المعارف والخبرات والتكنولوجيا المكتسبة من تطوير المحطات، تدعم الابتكار في تقنيات الطاقة النووية المتقدمة ومن بينها تطوير المفاعلات المعيارية المصغرة.
وأضاف الحمادي أن قمة الطاقة النووية من أجل الحياد المناخي، على هامش مؤتمر COP28، توفر منصة مثالية لمناقشة الطلب على الكهرباء وكيفية الوفاء بهذا الطلب، حتى نتمكن بشكل جماعي من مواصلة خفض البصمة الكربونية للقطاعات الثقيلة، من خلال إنتاج كميات أكبر من الكهرباء النظيفة.
وأشار إلى أن السعي لتطوير تقنيات الطاقة النووية المتقدمة أصبح ضمن أولويات العالم الاستراتيجية، والدول التي تبادر في ذلك سيكون لها الدور الأهم في ضمان أمن الطاقة واستدامتها.
ولتحقيق هدف مضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية العالمية ثلاث مرات لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة النظيفة وتحقيق أهداف الحياد المناخي يجب إضافة المزيد من المفاعلات ذات الحجم الكبير، وتطوير المفاعلات المعيارية المصغرة، التي تتوافر بأكثر من 80 تصميما في مراحل مختلفة من التقدم، ويتوقع المطورون استخدامها بشكل تجاري في أوائل ثلاثينيات القرن الحالي.
وتقدر قيمة سوق المفاعلات المعيارية المصغرة بأكثر من 6 مليارات دولار، ومن المتوقع أن ترتفع بشكل كبير بمجرد تشغيل أول مفاعلات من هذا الطراز.
وخلال اليوم الأول من "قمة الطاقة النووية من أجل الحياد المناخي" سلط الحمادي الضوء على التقدم الذي حققه "البرنامج المتقدم لتقنيات الطاقة النووية" الذي أطلقته المؤسسة مؤخرا، وهو عبارة عن منصة جديدة مصممة لمواكبة أحدث التطورات في تقنيات الطاقة النووية.
الحلول المناخية
ويسهم البرنامج في تعزيز مكانة دولة الإمارات الريادية في تطوير الحلول المناخية من خلال تسريع الانتقال العالمي لمصادر الطاقة النظيفة، كما يركز البرنامج على تقييم أحدث التقنيات في فئات المفاعلات المعيارية المصغرة والمفاعلات المتقدمة الأصغر حجما وقدرة إنتاجية، والتي يمكنها إنتاج البخار والهيدروجين والأمونيا، إضافة إلى الحرارة المستخدمة في العمليات الصناعية.
وتتعاون مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، التي تتولى تطوير قطاع الطاقة النووية في الدولة مع الشركاء المحليين لتحديد سبل استخدام هذه التقنيات المتقدمة، ومع الشركاء العالميين في فرص تطوير هذه التقنيات وتنفيذ المشارع المتعلقة بها.
وفي إطار البرنامج أعلنت المؤسسة مؤخراً عن عدد من مذكرات التفاهم الجديدة مع شركاء دوليين خلال مؤتمر COP28، لبدء العمل على استكشاف فرص التعاون المشترك والاستثمار واستخدام تقنيات الطاقة النووية الجديدة.
وتدعم هذه المذكرات التطوير السريع لهذه التقنيات بهدف زيادة تطوير مشاريع الطاقة النووية الجديدة في دولة الإمارات وفي جميع أنحاء العالم، خاصة أن البرنامج النووي السلمي الإماراتي انتقل إلى حقبة استراتيجية جديدة من الابتكار والبحث والتطوير، للبناء على النجاح الذي تحقق خلال تطوير محطات براكة، لتطوير حلول جديدة للطاقة النظيفة بما في ذلك الهيدروجين والتقنيات الأخرى.
وعلى الصعيد الدولي، شهدت الطاقة النووية انتعاشا كبيرا، حيث تسعى الدول إلى تسريع خططها وإجراءاتها لضمان أمن الطاقة وخفض البصمة الكربونية بموجب مقررات الأمم المتحدة، خاصة مع الدعم الذي يلقاه قطاع الطاقة النووية من قبل صانعي القرار السياسي في عدد من الدول، بما فيها المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا واليابان وفرنسا والصين، بالإضافة إلى الاهتمام المتزايد من قبل القطاع الخاص في الاستثمار بتقنيات الطاقة النووية، إلى جانب الاتجاه أكثر إلى آليات التمويل الأخضر.