لا يمكن لبعض العرب أن يعتمدوا أسلوب التسول على أبواب الخليج عند الجوع والشكر والثناء والولاء لتركيا وإيران عند الشبع لأن هذا بات مفضوحا
يعرف الأطباء الهوس بأنه حالةٌ من الانفعال ربما تصل لحد الجنون، وهذا كله وزيادة ينطبق على من سأتحدث عنهم، مستلهماً مقالي هذا من تغريدة للدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات قال فيها: "يذكرني هوس العاجز في استهدافه للإمارات والشيخ محمد بن زايد بالمثل المحلي والذي يميز بين من يأكل الثمر ومن يعد الطّعام، والطّعام هو نوى الثمر، أي من مخلفاته، وموقعنا سيبقى دائماً في الصدارة نأكل الثمر وليبقَ المتربص العاجز خلفنا يعد الطّعام".
ومن المؤكد أننا نشاهد كل صباح ومساء هجوماً سياسياً وإعلامياً على الإمارات والسعودية ومصر والبحرين، حيث توزع مهام المهاجمين ضمن خطة شهرية لنشر الأكاذيب وتأليف الافتراءات، والمباشرون للهجوم أحياناً كما هو معروف لنا وكلاء عن الأصلاء، إذ كلفت إيران وتركيا قطر والإخوان بالقيام بتلك الأدوار، لأن طهران وأنقرة تريان في فرقة العرب وعدم توحد مسارهم نصراً كبيراً يجب الحفاظ عليه.
وبوتيرة مستمرة يجتهد هؤلاء الأعداء وأتباعهم ضد بناء أي تكتل عربي ينظر إلى الاستقرار والتقدم كأساس للمنطقة ومستقبلها، فالرياض كما أبوظبي تواجهان تلك الهجمات الإقليمية الشرسة للتدخل في الشؤون العربية، وتضعان حداً لهذه المؤامرات الفارسية التركية في العراق وسوريا واليمن وليبيا وحتى فلسطين.
فالمسألة هنا مرتبطة بالقيادة، والعالم العربي بأسره مدينٌ بالشكر لإخوانه في قصر اليمامة وقصر الوطن، لأنهم السد المنيع الذي يحول دون تحقيق أحلام الواهمين.
وينظر بعض العرب إلى المشروعين الفارسي والعثماني الجديد في منطقتنا على أنه أمرٌ مرحبٌ به، وينسون أن هذه المشاريع أورثت الأجيال العربية الجهل والفقر، ورسخت لسنوات ثقافة الموت والإبادة، ودمرت مؤسسات الدولة وقطاعات الإنتاج، وحال بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء خير دليل على ما أقول.
فلو طالعت على سبيل إحصائية الفقر الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة في آخر عشر سنوات، لوجدت أن الفقر يتركز في الدول التي تدخلت بها إيران وتركيا على وجه الخصوص.
لا يمكن لبعض العرب أن يعتمدوا أسلوب التسول على أبواب الخليج العربي عند الجوع، والشكر والثناء والولاء لتركيا وإيران عند الشبع، لأن هذا الأسلوب بات مفضوحاً
ولا يمكن لأي عاقل إنكار الإرهاب والتطرف الذي تغذيه الحكومة في طهران وحكومة الإخوان في أنقرة، فإذا كان الحرس الثوري الإرهابي أنشأ الحشد الشعبي في العراق، ومليشيات طائفية كـ"زينبيون وفاطميون" وغيرهما في سوريا وحزب الله في لبنان والحوثي في اليمن، فإن مخابرات أردوغان أرسلت مرتزقة سوريين وغير سوريين إلى ليبيا، وعملت على تسهيل عبور ومرور بقايا "داعش" إلى مناطق أخرى في أوروبا وسواها، وذلك بحسب ما ذكرت وتذكر كل يوم وسائل إعلام محلية تركية معارضة.
ولا يمكن لبعض العرب أن يعتمدوا أسلوب التسول على أبواب الخليج العربي عند الجوع، والشكر والثناء والولاء لتركيا وإيران عند الشبع، لأن هذا الأسلوب بات مفضوحاً.
والذين يقومون به جاهلون لمآلات الأحداث كونهم يرزحون تحت نير الشعارات والعنتريات، وشعوب الخليج العربي تنهض نهضةً مميزة في مختلف المستويات بفضل سياسات الحكم الواعية في بلدانهم وتطبيق آليات الاستثمار بالمواطن من أجل الوطن كي يخدِم ويُخدَم، وهنا أنت مدعوٌ أيها العربي لتعرف أن أعلى نسبة ابتعاث أكاديمي في العالم موجودة في السعودية والإمارات على سبيل المثال.
وأخيراً لا بد للبعض أن يتعلم من تجارب الماضي، ففي دروسه عبر وفي محطاته عظاتٌ، وتركيا كما إيران سفكت دماء العرب قديماً وحديثاً، ومارستا كل أنواع الاستغلال والاحتلال بحقهم، فالمقتنع بمنهجية أردوغان من العرب هو كمن يكذب على نفسه بعد أن غرته ظواهر الأشياء لا بواطنها.
والسائر خلف ثورة خامنئي وخميني عليه مشاهدة أخبار ويوميات الشعب الإيراني الذي يموت ببطء نتيجة هذا التدمير الحاصل في كل ربوع بلاده، ولن تسلم الدوحة مهما حاولت من عواقب سيئة تنتظرها، لأنها جمعت الشرين معاً على أرضها؛ فالفرس يستغلون، والترك يحتلون.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة