بعض الأزمات نستطيع أن نتفاءل بالوصول إلى حل لها ونرى الأفق الذي يؤدي إلى هذا الحل ونقول غدا تُحل، إلا أزمة لبنان لا نستطيع التنبؤ متى ستنتهي وكيف.
بعض الأزمات نستطيع أن نتفاءل بالوصول إلى حل لها ونرى الأفق الذي يؤدي إلى هذا الحل ونقول غدا تُحل، إلا أزمة لبنان لا نستطيع التنبؤ متى ستنتهي وكيف.
نظريا لبنان لا يستحق هذا العبث من زمرته السياسية التي تفتي في المال والاقتصاد والطب وانتشار الفيروسات والدين والسياسة المحلية والعلاقات الدولية وهم لا يفقهون منها شيئا، اختصاصهم الفساد والإفساد والكذب والنفاق على المواطنين وإثارة الفتن والقلاقل، فأي كلام فيما سوى ذلك لا يعدو كونه ثرثرة أو قرقعة أو جعجعة خاوية، فهذه الطبقة السياسية هي التي سعت بكل إصرار لتدمير لبنان سابقا أثناء الحرب المدمرة وحاليا مع الأزمة الاقتصادية التي تخنق البلد، فلبنان بلد التنوير والحرية، والمصرفية والسياحة العريقة، و منارة الشرق العربي .
لو اتفق اللبنانيون ووقفوا وقفة جادة لإصلاح الأوضاع لاستطاعوا تسوية الأمور خلال أشهر قليلة، إلا أن ذلك لم يحدث للأسف.
في نظري لم يعد سوى بقايا لبنان، فهو مُحتل ومرتهن لنظام إيراني يجره نحو الطائفية والكهنوتية والجهل والفقر والانسلاخ من محيطه العربي، ويدعوه إلى أن يردد شعبه "لبيك يا نصرالله" بدلا من "لبيك يا لبنان"، ويفرض عليهم "حزب الله" الإرهابي توجهاته وقراراته، وهو الذي يقف ضد مدنية الدولة وأصبح عبئا حتى على نفسه وعلى لبنان و العرب المسلمين، ومن يعارض ذلك تهمة العمالة لإسرائيل ستكون هي السيف المسلط مع إقصائه من المشهد.
عمليا الشعب اللبناني يعرف أين الخلل، فهو يعرف أين الخلل و السبب الحقيقي الذي يقود البلد نحو الهاوية والضياع والعمل على تعطيل مصالح الدولة ووضعها على سكة الدمار، فهم يطلبون الشيء و نقيضه، وفي الجانب الآخر يتفقون على نظام معين ويختلفون على تنفيذه، يريدون نظاما طائفيا وطبقيا، ولكنهم يحتجون على نتائجه الكارثية، يريدون دولة مدنية وديمقراطية لا تخلو من الوساطات والمحسوبيات ومن هم فوق النظام، يريدون جيشا قويا ولا يقفون معه، يريدون دعما عربيا لقضاياهم ولا يقفون مع قضايا العرب المصيرية، يطالبون دول الخليج بالدعم ويسقطون عليها فشلهم ولا يدينون بالولاء لها، ويتخندقون مع إيران ضدها .
لو اتفق اللبنانيون ووقفوا وقفة جادة لإصلاح الأوضاع لاستطاعوا تسوية الأمور خلال أشهر قليلة، إلا أن ذلك لم يحدث للأسف، مما دفع بعضهم للوقوف طوابير أمام المخابز و نحو الفرار من الجوع والعوز إلى الانتحار في ظل حكومة متخبطة وضائعة تدعم وتراعي حزب الله أكثر من لبنان؛ لأجل تقديم الولاء والطاعة والفواتير السياسية، لعلها تسترد ثمنها لاحقا منها من أجل بقائها على رأس الحكومة .
لقد أفضت الخلافات داخل السلطة الحاكمة في لبنان بشأن وضع تصور واضح يخرج البلد من أزمته الاقتصادية الخانقة إلى تعليق مساعدات الدول المانحة والداعمة والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي ما لم يتم إصلاح الأوضاع الداخلية، وتنفيذ الإصلاحات بأسرع وقت ممكن، بل إن الكثير من الدول العربية والغربية ربطت أي تمويل طارئ في إطار برنامج من صندوق النقد وشريطة أن يكون القرار لبنانيا، وهو مالم يحدث حتى الآن، وربما لن يحدث ذلك الأمر، في ظل الاحتجاجات الشعبية والمعيشية وغياب إرادة الإصلاح الحقيقية، فالاقتتال الداخلي السياسي وغياب الحكومة في صنع قرار موحد، وإجراء إصلاح لمساعدة نفسها، والحديث عن المؤامرات بصدد إفشالها، هدد بعرقلة التمويل الطارئ الضروري لدعم الاقتصاد المتعثر في البلاد، وهو ما أوصل سعر صرف الليرة مقابل الدولار إلى تسعة آلاف ليرة وقد يزيد الرقم في قادم الأيام .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة