"متظاهرو تشرين" بالعراق.. هتافات ضد إيران ودعوة للإصلاح
بعد يومين على إنهاء الاحتجاجات وحركة الاعتصامات لطرفي الصراع "الصدريين والإطار"، يعود "التشرينيون" للمنصات لاستغال الفرصة واستئناف المطالب.
ومنذ أيام دعت الحركات التنسيقية لـ"احتجاجات تشرين" إلى مظاهرات مركزية بالعاصمة بغداد وتأتي رداً على سوء الأوضاع العامة واستدامة الأزمة السياسية التي فجرتها انتخابات أكتوبر/تشرين الأول المبكرة، وما خلفته من تداعيات.
وعصر الجمعة، تجمع المئات من المحتجين عند ساحة النسور غربي العاصمة بغداد، ورفعوا شعارات التغيير، تقدمها لافتات كتب عليها بصريح العبارة "إيران لن تحكمنا".
وندد المتظاهرون الذين بدى عليهم الغضب والاستياء مما يجري في البلاد، بالتبعية السياسية وتعريض السيادة إلى الإرادات الإقليمية والدولية.
ودعا المتظاهرون إلى حل البرلمان العراقي الحالي والمضي إلى انتخابات تشريعية مبكرة، ولكن شريطة أن يسبقها تعديل في بعض بنود الدستور، وقانون الانتخاب بما يؤمن عدم تكرار نسخ التوافق والمحاصصة في الحكومات المقبلة.
الناشط المدني حميد جحجيح، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، يقول إن "المظاهرات الحالية تأتي تثبيتا لموقف تشرين، ومطالبها التي تم الاتفاق عليها قبل نحو أسبوعين في اجتماع لقوى تشرين عند محافظة واسط، والتي تتضمن إصلاح النظام السياسي والقضائي ومحاسبة قتلة المتظاهرين الذين سقطوا في أحداث خريف 2019".
ويضيف "مع تلك المطالب نقف بالضد من تشكيل أي حكومة في ظل المعطيات الآنية، كونها ستكون هشة وتحكمها قوى إيران، فضلاً عن ذلك الدعوة إلى حل البرلمان والمضي بالتحضير لانتخابات جديدة".
ويتابع: "ما يجري اليوم غير مقبول دستوريا ودولياً ومؤسساتياً بعدما تحولت البلاد إلى ساحة صراع مسلحة بين قوى الإسلام السياسي، لذا باتت تطالب الحل وتغير تلك الطبقة الحاكمة عبر آليات وطرق ديمقراطية هي الضامن الوحيد للعودة بالعراق إلى ناصية الحياة وبداية لتحقق تغيير منشود".
وكان رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر دعا بعد أيام من اقتحام أنصاره إلى المنطقة الرئاسية ببغداد، في يوليو/تموز الماضي، إلى حل البرلمان وإسناد تلك المهمة للقضاء، وكذلك تحقيق انتخابات تشريعية مبكرة.
تضامن واسع
وأبدت العديد من القوى السياسية تضامناً مع تلك المطالب باستثناء بعض الكيانات المنضوية تحت مسمى الإطار التنسيقي، والتي كان الصدر أطلق عليها "الثالوث المشؤم".
ودفعت تلك المطالب إلى تأزم الوضع المعقد بين طرفي النزاع الشيعي، مما أفضى إلى وقوع اشتباكات مسلحة عند المنطقة الرئاسية أواخر الشهر الماضي، انتهت بمقتل وإصابة العشرات، مما اضطر الصدر إلى دعوة أنصاره إلى الانسحاب وإنهاء مظاهر الاحتجاجات السلمية.
وتتقارب مطالب المتظاهرين في ساحة النسور مع دعوات الصدر الأخيرة، إلا أنهم يمضون في أبعد من ذلك في إدانة جميع القوى السياسية الفاعلة في المشهد وتحميلهم مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الحالية.
حسين المعارض السياسي وأحد الحاضرين في مظاهرات "النسور"، يقول إن "تشرين هي الفكرة وقد تمرض ولكنها لا تموت لذا فإن مظاهراتنا تأتي استكمالاً لانطلاقها في خريف 2019".
ويضيف خلال حديث لـ"العين الإخبارية" "مطالب تشرين واجهت ولأسباب عديدة مصاعب بعدما ركب موجتها البعض، ومنهم من دس السم في العسل مما أفضى إلى ضعف زخمها، وتعسر مدها وبقائها بالحجم والقدر الذي كانت عليه"، لافتاً إلى أن "حركتنا اليوم تأتي تأسيساً لتدشين مظاهرات كبيرة عارمة بعنوان أكتوبر 2022".
ويستدرك بالقول "ستكون لنا انطلاقة موحدة وكبيرة ومركزية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تجمع فيها كل القوى الاحتجاجية على غرار البدايات التي جاءت منها احتجاجات خريف 2019".
ويتابع: "مطالبنا الأساس محاسبة قتلة تشرين من الاحتجاجيين والنشطاء، وكذلك الكشف عن المتسببين بضحايا الاشتباكات المسلحة الأخيرة التي دارت على أبواب المنطقة الرئاسية".
ورغم الوعود الحكومية التي أطلقها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي منذ تسلمه المنصب في 2020، في محاسبة القتلة والكشف عن الجناة، إلا أن ذلك الملف ما زال يسير ببطء شديد لا يتناسب مع حجم الدماء التي أهدرت في مظاهرات تشرين 2019.