"شولتز" لخلافة ميركل.. خبرات سياسية تصطدم بتراجعات حزبية
حامل آمال الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط) للعودة لقيادة الحكومة بعد غياب دام 15 عاما.
كما كان متوقعًا، بات أولف شولتز، نائب المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ووزير المالية، مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط)، لمنصب المستشار في الانتخابات المقبلة، وحامل آمال الحزب للعودة لقيادة الحكومة بعد غياب دام 15 عاما.
لكن شولتز (62 عاما) الذي يعد أكثر مرشح لخلافة ميركل، خبرة بدولاب العمل الحكومي وممارسة السياسة على المستوى الاتحادي، يواجه من اليوم حتى موعد الانتخابات التشريعية في خريف 2021، صعوبات بالغة، وطريقا صعبا في سبيل تحقيق آماله وآمال حزبه.
وفي وقت سابق اليوم الإثنين، أعلن الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن شولتز بات مرشحه لمنصب المستشار في انتخابات 2021، بعد موافقة الهيئة العليا للحزب على ترشيحه.
وأكد وزير المالية نفسه ترشيحه للمنصب على حسابه بتويتر، حيث عبر عن تطلعه لقيادة حملة انتخابية قوية مع فريق قوي من الحزب.
ولم يكن ترشيح شولتز مفاجئا، حيث اعتبرته وسائل الإعلام الألمانية لأشهر طويلة، صاحب الحظوظ الأوفر لقيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الانتخابات المقبلة، خاصة بعد انسحاب رئيسة الحزب السابقة أندريا ناليس، من الساحة السياسية بشكل نهائي في ربيع 2019، إثر سلسلة من الأزمات.
كما أن شولتز نفسه لمح في أبريل 2019، إلى رغبته في قيادة الحزب في الانتخابات المقبلة، وخلافة أنجيلا ميركل في سدة الحكم.
وآنذاك، تحدث شولتز لمدة 40 دقيقة في معهد بيترسون للدراسات في واشنطن عن "التعددية في النظام الدولي" و"الفلسفة السياسية"، و"التنمية المستدامة"، أمام جمع من الصحفيين والمتابعين.
وعندما بدأ الملل يضرب القاعة، وجه أحد الحضور سؤالا لشولتز: حزبك يؤدي بشكل سيئ في استطلاعات الرأي، ماذا يمكن أن يفعله الحزب حيال ذلك؟، ورد: يحب أن يدعم الحزب التوازن الاجتماعي والثقة في المستقبل، كما يجب أن يستعد لحكم البلاد.
واعتبرت وسائل الإعلام الألمانية في ذلك الوقت، رد شولتز، تعبيرا واضحا عن رغبته في أن يصبح مستشارا خلفا لميركل، بل ذهبت مجلة دير شبيجل المرموقة للقول إنه "أطلق بالفعل حملته من أمريكا".
ووفق دير شبيجل، فإنه بعد خروج ميركل من الساحة السياسية بشكل طوعي في نهاية الفترة التشريعية الحالية، يصبح شولتز بشكل تلقائي المرشح الأبرز لخلافتها، لأنه يملك خبرة كبيرة في الدولاب الحكومي، ويشغل منذ مارس 2018، منصب وزير المالية؛ أهم حقيبة في الحكومة، بالإضافة إلى منصب نائب المستشارة.
كما أن شولتز شغل منصب عمدة هامبورغ "وسط"، وهي واحدة من أهم المراكز الاقتصادية في ألمانيا وفي أوروبا بأثرها، في الفترة بين عامي 2011 و2018.
الخبرة وحدها لا تكفي
لكن الخبرة وحدها لن تكون كافية لحمل شولتز وحزبه لقيادة الحكومة لأول مرة منذ 15 عاما، إذ إن هناك العديد من العقبات والصعوبات في طريقه إلى مقر المستشارية في وسط برلين.
أولى هذه الصعوبات هو التراجع الكبير والمستمر في شعبية الحزب الاشتراكي الديمقراطي منذ الانتخابات التشريعية التي أجريت في سبتمبر 2017، إذ حصد آنذاك 20.5% من الأصوات، واحتل المرتبة الثانية بعد الاتحاد المسيحي (يمين وسط/ 33%).
وفي الوقت الحالي، يعد الحزب الاشتراكي ثالث أقوى تكتل سياسي في البلاد بعد الاتحاد المسيحي وحزب الخضر "يسار". ويحظى اتحاد ميركل بـ38% من تأييد الناخبين، والخضر بـ18%، ثم الحزب الاشتراكي بـ15%، ما يعني أن الأخير بعيد جدا عن المنافسة على المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة.
وما يزيد الأمر صعوبة، الارتفاع المستمر في شعبية الاتحاد المسيحي بعد نجاح ميركل في قيادة البلاد بنجاح في أزمة فيروس "كورونا" المستجد، وسط ترجيحات بفوزه بالانتخابات المقبلة.
كما أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي عانى ظروفا صعبة في ٢٠١٩، حيث تعرض لخسارة كبيرة في الانتخابات الأوروبية في مايو من هذا العام، واستقالت رئيسته أندريا ناليس، وعانى فراغا على مستوى القيادة وفوضى سياسية استمرت أشهر، حتى انتخاب قيادة جديدة في نهاية نفس العام.
ورغم ذلك، فإن شولتز يملك شيئا مميزا يدفع الحزب الاشتراكي الديمقراطي للالتفاف حوله، إذ إنه ثالث أكثر السياسيين الألمان شعبية خلال العامين الماضيين، بعد ميركل التي احتلت المرتبة الأولى، وماركوس زودر، رئيس وزراء ولاية بافاريا الذي احتل المرتبة الثانية، وفق استطلاعات الرأي.
وبالنظر إلى أن زودر المنحدر من اتحاد ميركل، يرفض حتى الآن مغادرة منصبه في بافاريا لخوض الانتخابات التشريعية على منصب المستشار، فإن شولتز هو المرشح الأكثر شعبية لخلافة ميركل.
ووفق مراقبين، فإن شولتز لا بد أن يقود حملة انتخابية طويلة ويضع برنامجا انتخابيا قويا للحزب الاشتراكي الديمقراطي، من أجل انتشال الحزب من عثرته، وقيادته للحكم لأول مرة منذ نهاية عهد المستشار جيرهارد شرودر.
ويشكل الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، الائتلاف الحاكم في ألمانيا.
وفي أواخر أكتوبر/تشرين أول 2018، أعلنت ميركل عدم ترشحها في الانتخابات التشريعية المقبلة، وانسحابها من الحياة السياسية بعد انتهاء ولايتها الحالية.
aXA6IDE4LjExOC4zMC4xMzcg جزيرة ام اند امز