كيف لا ونحن في بلد الوفاء، وطن زايد الخير والعطاء الذي علّم الجميع معنى الخير،
في السابق يكاد لا يكون هناك وجود لأصحاب الهمم في المجتمع، سوى في المؤسسات التأهيلية ودور الرعاية التي تنفق عليها المجتمعات ملايين الدولارات لتأهيل تلك الفئة وتمكينها من أبسط حقوقها في التعايش، ولكن اليوم تغيرت المفاهيم جميعاً، وإطلاق وصف أصحاب الهمم عليهم يعكس الهمة العالية التي يتحلون بها، والعزيمة الواثقة التي يتمتعون بها، والإرادة الصلبة التي يعتمدون عليها، فحولوا فئتهم من عالة على المجتمع إلى فئة تحصد الإنجازات والجوائز العالمية، وترتقي بالمجتمع إلى الأعلى، وترفع راية أوطانهم للعلا.
وبذلك احتفل العالم في أبوظبي بمرور خمسين عاماً على إنشاء الأولمبياد الخاص العالمي، في حفل عنوانه الإبهار والتميز، وما حدث في حفل الافتتاح من إبداع جعلنا ندرك تماماً مدى التطور الذي وصلت إليه رياضات أصحاب الهمم بشكل عام والأولمبياد الخاص على وجه التحديد، وبعد أن كانت هذه الفئة خلف الأسوار أصبحت الْيَوْم في دائرة الضوء ومحط الأنظار، وهي من ينظر إليها العالم بكل انبهار وإبهار.
وقد تخطت كل عقبة وخطت على كل عتبة، وعبرت كل حصن، وذللت كل صعب، بالإرادة والتحدي والعزيمة والإصرار. وبدلاً من أدوية العلاج في المؤسسات صعد الأبطال من أصحاب الهمم في الأولمبياد على منصات التتويج ليحصدوا ميداليات المجد في مختلف الألعاب، بقوة وروح الرياضة لا بنظرة الشفقة والإحسان.
المعنى والرسالة التي يحملها أولمبياد أبوظبي للعالم، أن ريادة الإمارات وقيادتها الإنسانية الراقية رسالة دولية سامية يمكن لبقية دول وأمم العالم الاقتداء بها، والسير على هَدْي النموذج الإماراتي لخلق عالم يعمه السلام والاحترام والريادة والسعادة للجميع.
وكيف لا ونحن في بلد الوفاء، وطن زايد الخير والعطاء الذي علّم الجميع معنى الخير، ومفردات السخاء بكل حب ورخاء. فالمغفور له بإذن الله الشيخ زايد كان أول من دعم أصحاب الهمم في المجتمع، ونادى بدمجهم مع أقرانهم الأسوياء حتى يكونوا فاعلين في مجتمعهم منتجين قادرين على تجاوز المحنة وتحدي الصعاب، فكانت اللبنة الأولى في المجتمع لهذه الفئة، واستمرت على ذلك النهج القيادة الحكيمة، فقد وجهت بتذليل كافة الصعاب لهذه الفئة وسن القوانين والتشريعات التي تضمن حقوقهم وتمكنهم من تحقيق تلك النجاحات، وقد اهتم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بهذه الفئة، ومنحهم الثقة بأنفسهم وبإمكانياتهم القادرة على المنافسات وتحقيق الإنجازات واكتشاف المواهب والإبداعات الرياضية، وتجلت كل هذه المعاني الراقية وأكثر في روعة الحدث الضخم للأولمبياد الخاص الذي انطلق كالشعاع من نور العاصمة أبوظبي إلى العالم أجمع؛ كرسالة سلام ومحبة ووئام، وجمع على ميادين التنافس والتناغم والتلاحم أبطال فئة من أهم فئات المجتمعات، وأكثرها نجاحاً وتميزاً وعطاءً.
وعلى رغم الإعاقة التي يعاني منها أصحاب الهمم إلا أن مواهبهم ونجاحاتهم وإنجازاتهم كتبت في صفحات التاريخ أسطر من ذهب، لقد حققوا المستحيلات لأسرهم ومجتمعاتهم وشعوبهم حتى صاروا أبطالاً يُشار إليهم بالبنان في المحافل الدولية، ومنصات التتويج العالمية.
وبالطبع كل ذلك الإنجاز يمثل صورة حقيقية للتلاحم الوطني، والتكاتف من قبل الجميع، والسعي الحثيث لمساندة ودعم وإنجاح التظاهرة الرياضية الإنسانية. والأجمل أن نرى راية الإمارات شامخة وعالية في المحافل العالمية والخيرية، وساحات العمل الإنساني.
وتنظيم الأولمبياد أيضاً يأتي تجسيداً لمكانة الإمارات الراسخة في طليعة دول العالم، ودورها الريادي في التخطيط والرؤية المستقبلية، للاستفادة من الخبرات والتجارب الثرية، في واحدة من أكبر التظاهرات الرياضية الإنسانية، التي تشهدها المنطقة، بما يعكس نهج الإمارات الرائد، ويرسّخ المبادئ السامية التي ترتكز عليها الدولة، وانفتاحها بسلام ومحبة وتسامح تجاه شعوب وثقافات العالم أجمع.
وتشكل ألعاب الأولمبياد الخاص جزءاً من رؤية الإمارات 2021 التي تدعم اندماج أصحاب الهمم في المجتمع، لممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي، وهو الحدث الرياضي الأكثر وحدةً وتضامناً في تاريخ الأولمبياد الخاص، من خلال تقديم تجربة شاملة ومتكاملة للرياضيين من ذوي الإعاقة الذهنية وغيرهم.
وبذلك تكون الإمارات ضربت مثلاً يحتذى في تحقيق الغايات الإنسانية والأهداف النبيلة الراقية في تنظيم الأولمبياد الخاص، وتعكس النظرة الإنسانية المنصفة تجاه من يعانون إعاقة لا ذنب لهم فيها، ولذا فلا ينبغي أن تكون عثرة في طريقهم، بل ينبغي أن يتخذها أصحاب الهمم دعامة يرتكزون عليها لتدفعهم إلى تحقيق أحلامهم مثل أي شخص آخر غيرهم في المجتمع. وهذا هو المعنى والرسالة التي يحملها أولمبياد أبوظبي للعالم، أن ريادة الإمارات وقيادتها الإنسانية الراقية رسالة دولية سامية يمكن لبقية دول وأمم العالم الاقتداء بها، والسير على هَدْي النموذج الإماراتي لخلق عالم يعمه السلام والاحترام والريادة والسعادة للجميع.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة