عمر عثمان.. رحلة عبقري الرياضيات المصري إلى الدكتوراه والجنسية الفرنسية (حوار)

من الإسكندرية إلى القاهرة ثم ليون فباريس، انضم الشاب المصري عمر عثمان إلى قائمة أصغر الحاصلين على الدكتواره سنًا حول العالم.

وظهرت أمارات النبوغ على الشاب المصري في سن مبكرة، حينما لاحظ والداه ومعلموه قدراته السابقة لسنه في مادة الرياضيات في مرحلتي رياض الأطفال والابتدائية.

• "كشري ماما".. سحر ودينا تنقلان الأكل الشعبي المصري إلى بوسطن الأمريكية (خاص)

وفي العام الأول من المرحلة الإعدادية، كان عمر يطالع مقررات ومناهج طلاب الجامعات ويظهر قدرًا غير مألوف من الاستيعاب والفهم والقدرة على حل أحجيات الرياضيات.

وفي حواره مع "العين الإخبارية"، كشف عثمان السيد، والد الباحث عمر، رحلة نبوغ ابنه وحصوله على درجة الدكتوراه في فرنسا وعمره لم يتجاوز 22 عامًا.. وإلى نص الحوار:

في البداية.. من هو عمر عثمان؟

عمر من أصغر الحاصلين على الدكتوراه سنًا حول العالم، ونال درجة الدكتوراه عام 2018 من إحدى الجامعات الفرنسية المرموقة في مجال الهندسة غير التطابقية، وهو مجال شديد التخصص في الهندسة، ويضم عددًا ضئيلًا من الباحثين حول العالم، وكان عمره 22 عامًا، فهو مواليد 1 مارس/ آذار 1996، وهو الآن أستاذ بجامعة paris saclay الفرنسية، ويحمل الجنسية الفرنسية.

كيف كانت تنشئته؟ ومتى ظهرت علامات نبوغه؟

عمر التحق بمدارس حكومية، ولم يكن هناك أي فرق يميزه عن أقرانه على مستوى تلقي التعليم، اللهم إلا التحاقه بمدرسة لغات وهي مدرسة فيكتوريا كوليدج‏ بالإسكندرية ومجمع الملك فهد النموذجي في مدينة نصر بالقاهرة، لكنه أظهر اهتمامًا خاصًا بالقراءة والاطلاع منذ الصغر، وبدا مختلفًا عن أقرانه ما شاء الله، والجميع لاحظ عليه ذلك، وقلت أنا ووالدته إنه يتمتع بقدر عال من الذكاء.

بدأت هواية القراءة مبكرًا جدًا عند عمر، وكان يحب التعمق في كل ما يقرأه لفهمه واستيعابه بشكل كامل، وكان قادرًا على تشغيل جهاز الكمبيوتر والتحكم به وعمره 5 سنوات، ولم يواجه أي صعوبة في التعامل معه، وبدأ اهتمامه بالرياضيات في مرحلة رياض الأطفال، وكان يحب مادة الرياضيات بشكل خاص، وكان متفوقًا فيها للغاية، وكان يقرأ في مواد أكبر من سنه ومقررات أعلى من مرحلته العمرية والتعليمية، وكان معروفًا في مدرسته بتفوقه وقدرته العالية على التحصيل.

في الصف الأول الإعدادي، كان المدرسون يلجأون إلى عمر لحل المسائل الصعبة في الرياضيات أمام طلاب المرحلة الثانوية، وذات مرة نظمت مدرسته احتفالية لتكريمه، واستدعوا مستشاري رياضيات من وزارة التربية والتعليم والمدرسين الأوائل على مستوى محافظة القاهرة، واستدعوني لحضور الاحتفالية، وذهبت ومعي كاميرا لتوثيق الحدث، لكنني فوجئت حينها بمستوى الحفاوة والتكريم الموجه لعمر، والمدرسة سلمتني شهادة تفيد بأن مستوى ابني التعليمي يعادل الفرقة الثانية الجامعية وكان حينها في الصف الأول الإعدادي، والمدرسون نصحوني بالاستثمار في موهبة عمر.

كيف التحق بجامعة القاهرة والجامعة الأمريكية؟

كانت الشهادة الممنوحة لعمر من مدرسته الإعدادية ممهورة بختم النسر، وصحيفة "الجمهورية" وصفته حينها بـ"الخوارزمي الصغير"، فذهبت بهذه الشهادة إلى الجامعة الأمريكية بالتجمع الخامس في القاهرة، لكنهم وضعوا أوراق عمر في الدرج (أهملوا الطلب)، وبعدها ذهبت إلى الجامعة الألمانية وقابلت مديرة العلاقات العامة ووعدتني بالاهتمام بحالة عمر، وفي اليوم التالي فوجئت باتصال من أستاذ رياضيات بالجامعة الألمانية يدعى وفيق لطف الله، وطلب مقابلة عمر، وخضع لاختبار من الفرقة الأولى بكلية الهندسة، واجتاز الاختبار في وقت قياسي، فعرضوا علينا استمرار عمر في الجامعة، ومن هنا بدأ اسم عمر يظهر على الساحة.

جامعة القاهرة طلبت عمر لحضور محاضرات في كلية العلوم، وحصل منها على شهادة تفيد باجتيازه الفرقة الثالثة بكلية العلوم قسم رياضيات، وفي الصف الثالث الإعدادي أنهى عمر مواد مرحلة البكالوريوس وبدأ في دراسة مواد الماجستير، وحينها كان أستاذ الرياضيات الدكتور وفيق لطف الله انتقل من الجامعة الألمانية إلى الجامعة الأمريكية وطلب عمر، وحينها فوجئ أساتذة الجامعة الأمريكية بمستواه العالي، وأخبرني أستاذ كندي بضرورة سفر عمر لاستكمال دراسته في الخارج.

كيف تعامل المسؤولون وقتها مع موهبة عمر؟

في أعقاب 25 يناير/ كانون الثاني 2011 استقبلنا الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء المصري آنذاك، وكرم عمر، واهتم الإعلام المصري بنبوغه، فاستضافته الإعلامية دينا عبدالرحمن والإعلامي الراحل إبراهيم حجازي، واهتمت به وسائل الإعلام العربية والدولية، وبعدها سافرنا إلى جامعة لندن مع المستشار الثقافي المصري، والتقينا بأستاذ رياضيات هناك، وكان معجبًا جدًا بعمر، وقال إن مستواه أفضل من طلاب كثر بالجامعة، وإن مستواه العلمي يؤهله للالتحاق بجامعة كامبريدج لولا صغر سنه (15 سنة).

ما المعوقات التي واجهت عمر في مصر؟

كان يجب استكمال أوراق عمر في مصر، وكانت الشهادة الوحيدة التي حصل عليها هي الإعدادية، بالإضافة إلى شهادات تقدير وإشادات من أساتذة وجامعات بمستواه العلمي، لكن جامعة لندن كانت تشترط الحصول على شهادة معتمدة، وفي صيف 2012 اقترح أحد الأساتذة على عمر الالتحاق بمدرسة صيفية في ليون الفرنسية، وخضع عمر لاختبار أون لاين واجتازه بسهولة، وفوجئ الأساتذة في ليون بمستواه وعرضوا عليه القدوم إلى فرنسا على تكلفتهم، وبالفعل وصل إلى ليون في أغسطس/ آب 2012.

في ليون، التقينا أستاذة رياضيات من المدرسة العليا للأساتذة "École normale supérieure"، وعرضوا على عمر دعوة للقدوم إلى باريس والالتحاق بالمدرسة بشرط اجتياز اختبار واحد، ولم يتطلب الأمر أي إجراءات أو أوراق، وذهبنا إلى المستشار الثقافي الفرنسي في القاهرة، واستخرج لنا تأشيرات، وخضع عمر للاختبار في آخر سبتمبر/ أيلول 2012، وحينها كانت الدراسة قد بدأت في فرنسا، فهي دائمًا ما تبدأ في الأسبوع الأول من سبتمبر/ أيلول، وقبلت المدرسة عمر بشكل استثنائي لتفوقه، وبدأ بالسنة الدراسية الأخيرة وهي سنة البكالوريوس، ودرس معها مواد الماجستير، وفي 2014 نال درجة الماجستير، وبعد 4 سنوات نال الدكتوراه وكان عمره وقتها 22 سنة.

ماذا فعل عمر بعد حصوله على الدكتوراه؟

في فرنسا، يشترط على حملة الدكتوراه الابتعاث إلى الخارج لمدة سنتين قبل العمل بالدرجة العلمية، وسافر عمر إلى ألمانيا وعمل فيها لمدة عامين كباحث علمي، ثم عاد إلى باريس وهو الآن أستاذ في جامعة paris saclay الفرنسية.

كيف حصل على الجنسية الفرنسية؟

كان مقررًا أن يحضر مؤتمرا علميا في الولايات المتحدة الأمريكية، وحينها فوجئوا بأنه لا يحمل الجنسية الفرنسية، وواجه صعوبة في السفر بالجواز المصري، ولكنهم استخرجوا تأشيرته في غضون 48 ساعة، وسافر بالفعل إلى أمريكا، وعندها طلبوا منه التقدم للحصول على الجنسية، حصل عليها بعد 6 شهور، وهو الآن يسافر جميع دول العالم باسم فرنسا للأسف، هو مصري بالتأكيد، لكن عمله وأبحاثه تسجل باسم فرنسا.

ما التخصص الذي نال فيه الدكتوراه؟

نال عمر درجة الدكتوراه في تخصص الهندسة اللاتبادلية، وهو تخصص صعب للغاية، وعدد الباحثين فيه قليل جدًا على مستوى العالم، وهو مجال جديد وغير موجود في مصر.

هل هو ثالث أصغر باحث يحصل على الدكتوراه عالميًا؟

لا أحد يعلم ترتيب عمر في قائمة أصغر الحاصلين على الدكتوراه على مستوى العالم، لكنه أخبرني أن هناك باحثين أصغر منه سنًا حاصلين على الدكتوراه، ومن المؤكد أن عدد هؤلاء الباحثين قليل للغاية، وقد يعدون على أصابع اليد الواحدة.