توصلت منظمة أوبك مع بعض المنتجين والمصدرين للنفط من خارج المنظمة إلى اتفاق في شهر نوفمبر الماضي يقضي بخفض مستوى إنتاجهم الإجمالي بنحو 1.8 مليون برميل يوميا
توصلت منظمة أوبك مع بعض المنتجين والمصدرين للنفط من خارج المنظمة إلى اتفاق في شهر نوفمبر الماضي يقضي بخفض مستوى إنتاجهم الإجمالي بنحو 1.8 مليون برميل يوميا، وهو ما عمل على رفع سعر برميل النفط بشكل ملموس لعدة أشهر.. وقد شهد هذا السعر تدهورا مرة أخرى منذ نحو شهر، قبل أن يعود للتعافي مجددا منذ عدة أيام على وقع التغيرات في المخزون النفطي لدى الدول المستهلكة من ناحية، وتباين المواقف بشأن موقف أوبك والمنتجين الخارجيين من قضية تمديد فترة العمل بالاتفاق.. أي أنه رغم إيجابية الاتفاق إلا أنه كانت هناك حالة من التذبذب في الأسعار بناء على بعض العوامل، ومن هنا تأتي قضية التفكير في آلية تضمن التنسيق المستقر طويل الأمد بين الأوبك والمنتجين خارجها.
من المناسب الآن طرح قضية التفكير في توفير آلية تسمح بالتنسيق بين الأوبك وغيرها من المنتجين بحيث لا تكون عرضة للتغير الدائم
ومن المنتظر أن تجتمع منظمة أوبك مع المنتجين الذين شاركوها الاتفاق وربما بعض المنتجين الآخرين يوم 25 مايو الحالي للنظر في تجديد الاتفاق، وتشير الأمور إلى أن أغلبية المجتمعين ربما توافقوا على تمديد أجل الاتفاق إلى نهاية شهر مارس 2018، حيث ينتظر عند هذا الوقت أن ينخفض حجم المخزون العالمي لدى الدول المستهلكة إلى متوسطه المعتاد، بدلا من المستوى الحالي المرتفع، وهو ما يتيح تحقيق والحفاظ على سعر مناسب لبرميل النفط.
وربما قد يكون من المناسب الآن طرح قضية التفكير في توفير آلية تسمح بالتنسيق بين أوبك وغيرها من المنتجين لا تكون عرضه للتغير الدائم، فمن الملاحظ أن موقف روسيا على وجه الخصوص (أكبر منتج عالمي حاليا)، يتميز بالمناورة دوما، إذ دأبت بعض الأوساط الروسية المسئولة منذ فترة على ترديد أنها لم تحدد موقفها بشأن تمديد أجل الاتفاق، وهو ما ساهم في المزيد من انخفاض الأسعار، وذلك قبل أن يعود وزير الطاقة الروسي مؤخرا إلى التأكيد على أن روسيا ستنضم إلى قائمة الدول الموافقة على التمديد.
وكان نفس الموقف قد أبدته روسيا قبل التوصل إلى اتفاق نوفمبر، هذا على الرغم من أنه سبق ذلك توقيع اتفاق بين المملكة العربية السعودية وروسيا في 5 سبتمبر الماضي بهدف التعاون في سوق النفط، إلا أن روسيا ظلت تناور إلى أن استقرت دول أوبك على الكمية التي ستخفضها هي ذاتها أولا قبل أن تعلن موقفها بقبول خفض الإنتاج، بل تعمد الموقف التفاوضي الروسي أن يظل غامضا إلى حد بعيد وبشكل مستهدف، إذ رغم إبداء روسيا استعدادها الدائم للتعاون مع أوبك، إلا أنها رددت لفترة أنها سوف تثبت مستوى إنتاجها فقط ولن تقوم بخفضه، وذلك قبل أن توافق فعليا في نهاية المطاف على خفض سقف إنتاجها بمقدار 300 ألف برميل يوميا.
وربما من الآليات التي يمكن التفكير في العودة إليها على سبيل التنسيق بين المنتجين داخل أوبك وخارجها ما يعرف بالنطاق السعري كآلية طويلة الأمد، وذلك بالطبع بعد انتهاء فترة تمديد العمل بمستوى الإنتاج الحالي، وفكرة النطاق السعري تتلخص في تحديد كميات معينة يتم خفضها من سقف الإنتاج حينما ينخفض سعر برميل النفط عن مستوى معين، أو السماح بزيادة هذا السقف إذا ما تجاوز السعر مستوى يتم الاتفاق عليه كذلك. وقد عملت أوبك بهذه الآلية لفترة من الوقت، إلا أنها هجرتها سريعا مع الارتفاع الشديد في سعر برميل النفط، إذ لم تكن هناك حاجة إلى أي خفض في الإنتاج، فقد كان بإمكان جميع المنتجين إنتاج أقصى ما يستطيعون دون التأثير على مستوى الأسعار.
ومن الطبيعي أن يقتضي الوضع التجمع والتباحث من جديد قبل كل خفض أو رفع لمستوى الإنتاج، ولكن النطاق السعري سيعمل بمثابة جرس إنذار يوجه المنتجين إلى ضرورة خفض مستوى الإنتاج أو رفعه، ويحد في الوقت ذاته من مناورات البعض التي تؤثر على مستوى الأسعار في الفترة السابقة على الوصول إلى أي اتفاق، كما أن النطاق السعري بوسعه تهيئة السوق بالتنبيه إلى قرب تدخل المنتجين مما قد يدفعه من تلقاء ذاته إلى تعديل ولو نسبي للأسعار في الاتجاه المرغوب فيه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة