"أوبك+" والخفض الطوعي.. "العين الإخبارية" تحلل تأثير القرار بسوق النفط
في إجراء استباقي يستهدف دعم استقرار أسواق النفط وسط تحديات وتقلبات حادة شهدتها في مارس/أذار الماضي، أعلنت "أوبك+" خفضًا طوعيًا.
ويصل حجم التخفيضات بإنتاج الخام إلى نحو 1.16 مليون برميل يوميًا من إنتاج النفط لنحو 8 دول بتحالف "أوبك+".
هذا الخفض الطوعي هو إجراء احترازي يتم لتحقيق التوازن في سوق النفط بالإضافة إلى أنه يأتي في إطار خفض الإنتاج المتفق عليه في الاجتماع الوزاري الثالث والثلاثين لأوبك+ الذي عقد في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 2022.
وترفع قرارات اليوم الأحد إجمالي حجم التخفيضات من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا وحلفاء آخرين إلى 3.66 مليون برميل يوميا وفقا لحسابات رويترز، بما يعادل 3.7 بالمئة من الطلب العالمي.
وقال دان بيكرينج رئيس شركة الاستثمار بيكرينج إنرجي بارتنرز لرويترز، اليوم الأحد، إن هذا الخفض اليوم ربما يرفع أسعار النفط العالمية عشرة دولارات للبرميل، بينما توقعت (بي.في.إم) للوساطة في أسواق النفط ارتفاعا فوريا بمجرد بدء التداول بعد عطلة نهاية الأسبوع.
وقال تاماس فارجا من (بي.في.إم) "أتوقع أن يرتفع (النفط) عدة دولارات عندما يفتح السوق.. ربما يصل إلى ثلاثة دولارات".
وبدوره كشف المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط العراقية، عاصم جهاد، في حديث مع "العين الإخبارية"، كواليس قرار أوبك+ بخفض الإنتاج طوعيًا وتأثيره على أسواق النفط.
معنويات مرتفعة نحو استعادة التعافي والاستقرار
ووسط التحديات العالمية التي شهدها شهر مارس/أذار 2023 مع اندلاع أزمة انهيارات مصرفية واسعة النطاق في أمريكا، وامتدت تداعياتها إلى سويسرا، سجلت أسعار النفط أكبر تقلبات هبوطية بنحو 14 دولارًا للبرميل وهي التقلبات الأكثر حدة منذ مطلع العام الجاري، بينما يستمر الاعتقاد بأن هناك فرصة جيدة لتعافي الأسعار هذا العام بعد زيادة الطلب وارتفاع المعنويات بفضل ارتفاع أنشطة المصانع في الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.
وبات من الواضح أن أسعار النفط تُحركها المعنويات وليس الأساسيات وجاء الإغلاق الأسبوعي بنهاية 31 مارس/أذار 2023 بارتفاع سعر خام برنت لقرابة حاجز الـ 80 دولارًا بزيادة 8 دولارات عن أدنى مستوى له منذ 2021 في الـ 20 مارس/أذار المنصرم في أعقاب المعنويات المنخفضة بسبب مخاوف الأزمة مالية، حتى وإن استعادت الأسعار بعض الخسائر منذ ذلك الحين، لكنها لا تزال أقل من المستويات التي كانت تتداولها في بداية شهر مارس/أذار المنصرم عند نحو 86 دولارًا للبرميل.
وفي تقرير منظمة أوبك الشهري الذي تم إصداره في منتصف شهر مارس/أذار المنصرم، خفضت المنظمة تقديرها لكمية نفطها لتحقيق التوازن في السوق على الرغم من زيادة توقعاتها للطلب الصيني مما يوفر الدعم لمزيد من التخفيضات المحتملة للإنتاج.
وفي الجهة المقابلة، هناك استفادة نسبية من هدوء المخاوف المرتبطة بالأزمة المصرفية العالمية مع استمرار التفاؤل حيال استمرار تقييم تعامل الحكومات لدعم القطاع المالي.
قراءات متفائلة في العراق.. لكن يشوبها الحذر
عقب قرار التخفيض الطوعي لتحالف دول أوبك+ لإنتاجها النفطي، يرى مختصون في الشأن العراقي أن تبعات القرار ستصب في صالح اقتصاد البلاد.
وكانت وزارة النفط العراقية قد أعلنت في وقت سابق عن تخفيض إنتاجها النفطي طواعية بواقع 211 ألف برميل يوميًا من مايو/أيار المقبل وحتى نهاية 2023.
وبلغت صادرات العراق النفطية لشهر مارس/أذار الماضي، 100 مليون و913 ألفا و27 برميلاً، بمتوسط سعر بلغ 73.37 دولار للبرميل الواحد.
ويأتي ذلك القرار في التحرك الثاني من نوعه خلال 6 أشهر، إذ أعلنت أوبك+ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي جاء "ضرورة للحد من تقلب السوق واستعادة السيطرة عليها والإبقاء على الأسعار مرتفعة ومستقرة في حدود 100 دولار للبرميل"، بحسب قول الخبراء.
ويتزامن التخفيض الطوعي للعراق مع متغيرين مهمهين يتعلقان بذلك القرار، أولهما كسب الدعوى الدولية لدى هيئة التحكيم الدولية في باريس بشأن إيقاف صادرات كردستان النفطية عبر ميناء جيها التركي والتي تصل لنحو 480 ألف برميل نفط يومياً.
والملف الآخر، يتضمن التحضير لإقرار الموازنة المالية للبلاد والتي يعتزم البرلمان عرضها للقراءة الأولى الأسبوع الحالي والتي جرى إعدادها على أساس احتساب 70 دولارًا للبرميل الواحد من النفط.
ووفق مسودة مشروع الموازنة الحالية التي بلغت أكثر من 92 تريليون دينار بما يعادل (152 مليار دولار)، فإن نسبة العجز تجاوزت فيها الـ48 مليار دولار وفقاً للسعر المحتسب من برميل النفط.
وإذا ما طرأ تغيير على أسعار النفط العالمية بالإنحدار أو التراجع في مستوى الأسعار فإن العراق سيكون أمام أزمة مالية كبيرة نتيجة لارتفاع العجز في الموازنة أكثر مما نصت عليه المسودة الحالية.
وأمام القرار الأخير للخفض الطوعي سيكون العراق خسر نحو 700 ألف برميل يوميًا إذا ما أضيف إليه نفط كردستان، وهو ما قد يسهم في تراجع الإيرادات العامة جراء تلك الصادرات التي تعتمد عليها الموازنة العامة بأكثر من 92%.
ومن جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط العراقية، عاصم جهاد، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "قرار التخفيض جاء استجابة لمعطيات سوق الطاقة العالمية وبالتالي فإننا أمام آليات العرض والطلب".
وبشأن أنعكاس ذلك القرار بالسلب أو الإيجاب على واقع الاقتصاد النفطي في العراق، أشار جهاد إلى أنه من "الصعب جداً استقرار أوضاع الطاقة في السوق العالمية فكل شيئ وارد بالانخفاض والصعود وهو ما يجعل عملية التكهن صعبة جداً".
وتحدث نواب في اللجنة المالية النيابية، بأن مسودة مشروع الموازنة سيتم التعديل على العديد من فقراتها بما يخض احتساب سعر برميل النفط استناداً إلى المتغيرات والمتوقع خلال العام الحالي.
وأعلنت وزارة الطاقة الإماراتية عن تخفيض بمقدار 144 ألف برميل. كما أعلنت الكويت عن تخفيض إنتاجها بواقع 128 برميل يوميا، والجزائر 48 ألف برميل يوميا، وسلطنة عمان 40 ألف برميل يومياً.
والأمر كذلك عند المملكة العربية السعودية حيث أكدت وزارة الطاقة، في بيان، إنها "ستخفض طوعا إنتاجها النفطي 500 ألف برميل يوميا اعتبارا من مايو وحتى نهاية عام 2023".
من جانبه يتوقع الخبير في مجال النفط، بلال الخليفة، أن "يسهم التخفيض الطوعي في إنتاج النفط لتحالف أوبك+ في ارتفاع أسعار النفط على المستوى القريب لتتجاوز حاجز الـ85 دولارًا للبرميل الواحد".
ويستند الخليفة في توقعاته تلك إلى أن "التخفيض الذي عمدت إليه أوبك في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2022، أسهم في ارتفاع الطلب على النفط مما قابلها صعوداً بالأسعار العالمية والتي وصلت لـ100 دولار".