فتوى القرضاوي بشأن التفجيرات الانتحارية.. تكريس للإرهاب ودعوة للدمار
القرضاوي أجاز في فتوى قتل النفس بتدبير من جماعة، وبعد أن تقرر الجماعة أهدافها واحتياجاتها ينفذ الشخص الأوامر
"الأصل في هذه الأمور أنه لا يجوز تنفيذ عمل انتحاري إلا من خلال تدبير جماعي؛ فقرار الشخص أن ينفذ عملا انتحاريا ويفجر نفسه في الآخرين، يجب أن يدار من قبل جماعة ولا تترك للأفراد هذه الممارسات، وتحدد الجماعة لهذا الشخص ما يجب عمله، بعد أن يسلم نفسه لها، وبعد أن تقرر الجماعة أهدافها واحتياجاتها ينفذ الشخص الأوامر".. هذه العبارة كانت نص فتوى لـيوسف القرضاوي أجاز فيها تنفيذ العمليات الانتحارية بتدبير من الجماعات.
وأجاز القرضاوي في هذه الفتوى قتل النفس بتدبير من جماعة؛ الأمر الذي أثار غضب واستياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، رافضين هذه الفتوى التي تدعم الأفكار المتطرفة والجماعات الإرهابية.
وجاءت فتوى القرضاوي ردا على سؤال طرح عليه في إحدى القنوات الفضائية، وكان نص السؤال: "هل يجوز أن يفجّر شخص نفسه مستهدفا مجموعة من البشر حتى لو حدث خسائر في أرواح المدنيين، خاصة في سوريا، واستهداف جماعات تابعة للنظام السوري؟".
الفتوى المحرضة على الإرهاب قوبلت باستنكار واسع النطاق، وأكد عالمان بالأزهر، استطلعت بوابة "العين" الإخبارية آراءهما بشأن هذه الفتوى في ترسيخ الفكر المتطرف ووجود جماعة تدعم قتل النفس بدون وجه حق.
ووصف عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر السابق، أن هذه التصريحات هي دعوة للدمار والخراب، وفتح نافذة لبحور الدماء والقتال بين البشر، ودعم الأفكار المتطرفة؛ فالإسلام لم يفرق بين مسلم وأي إنسان آخر.
واستنكر الدكتور محمد أبو ليلة، أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر، هذه التصريحات من القرضاوي، قائلا: "ندين ونكرر إدانة كل العمليات الإرهابية والتفجيرات الأخيرة التي وجهت ضد أبناء مصر؛ لأن ما حدث يُعد إساءة بالغة في حق الإسلام والأمة الإسلامية كلها، فطوال التاريخ الإسلامي لم يحث أحد على ضرب المدنيين أو توجيه ضربات للكنائس ودور العبادة وزهق الأرواح وقتل الأطفال والنساء"، رافضا هذه التصريحات التي تدعم التمزق والتقسيم والانقسام بين أبناء الأمة الواحدة.
وأضاف أبو ليلة قائلا: التفجير الانتحاري أو استهداف أي شخص هي ممارسات لا يرضاها الإسلام ولا تتفق مع تعليمات النبي محمد ونصوص القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، التي تحث دائما على التسامح والمحبة والتآخي واحترام معتقدات الغير، معتبرا أن هذه الفتاوى بعيدة كل البعد عن صحيح الدين وتتنافى مع كل تعاليمه.
وفي الوقت نفسه، أعلن الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا، رفضه التام لهذه التصريحات، مؤكدا أن التفجير الانتحاري أمر يرفضه العقل ويرفضه الدين ويرفضه الشرع، خاصة أن الشخص المنتحر هو شخص يأس من رحمة الله سبحانه وتعالى، وما يقدم عليه من تفجير نفسه والآخرين يُعد خسارة لنفسه ولدينه ولربه.
وأشار الأطرش إلى أن حق الحياة والحفاظ على الدماء والنفس البشرية هي أساس الإسلام، مستشهدا بالحديث الشريف الذي أكد فيه الرسول أن حرمة الإنسان أشد من حرمة الكعبة، ونهى القرآن عن إلقاء النفس في التهلكة؛ نظرًا لأن الإنسان هو بنية الله.
تكرار كلمة جماعة في تصرح القرضاوي، اعتبرها أبو ليلة تكريسا للإرهاب وتصدير صورة غير حقيقية عن الإسلام، قائلًا: "لا داعي لسكب البنزين على النيران المشتعلة؛ فالأوطان حاليا لا تحتمل هذه العبارات"، مطالبًا بضرورة وجود تفاهم سياسي واجتماعي وتقارب بين أبناء المجتمع الواحد.
بينما وجد الأطرش أن مصطلح جماعة يجب إطلاقه فقط على جميع المسلمين الذين يكرسون العدالة والإنصاف والسماحة، ولا يجوز أن يخرج أي شخص من الجماعة، مشيرا إلى أن إطلاق مصطلح الجماعة على جماعات التكفير والإرهاب هو عبث وهزين، وأن هذه الكيانات بعيدة كل البعد عن الدين.