اجتماع المعارضة في كيسمايو.. دعوات لـ«نموذج انتخابي توافقي» بالصومال
وسط أجواء متوترة مع الحكومة الفيدرالية، شهدت مدينة كيسمايو عاصمة ولاية جوبالاند المؤقتة فعاليات اجتماع موسع للمعارضة الصومالية.
ويأتي الاجتماع في وقت حساس يشهد فيه الصومال جدلاً محتدماً حول المسار الانتخابي، حيث يسعى قادة المعارضة إلى بلورة رؤية سياسية توافقيّة تهدف إلى تعزيز الثقة بين الأطراف المختلفة وتجنب الانزلاق إلى صراع سياسي جديد، مع التركيز على صياغة آلية انتخابية تحظى بالإجماع الوطني وتضمن مشاركة فعالة للمواطنين.
ويشارك في المؤتمر الذي انطلق الأربعاء ويستمر حتى 20 ديسمبر/كانون الأول الجاري، عدد من أبرز القيادات السياسية الصومالية، من بينهم رئيس ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دِني، ورئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام (أحمد مدوبي)، والرئيس الصومالي السابق الشيخ شريف شيخ أحمد، إلى جانب رؤساء الوزراء السابقين محمد حسين روبلي، وحسن علي خيري.
ووصل إلى كيسمايو وفق مصادر إعلامية محلية خلال الأيام الماضية أكثر من 700 مندوب، في مؤشر على حجم الحشد السياسي الذي استقطبه المؤتمر، وسط إجراءات أمنية مشددة عكست قدرة المدينة على استضافة فعاليات سياسية كبرى في ظل التحديات الأمنية القائمة.
دعوات إلى التوافق
وخلال كلمته بالمؤتمر، أكد رئيس جوبالاند ،أحمد مدوبي، أن الصوماليين يعولون على المؤتمر للخروج برؤية سياسية بناءة تقود البلاد نحو نموذج انتخابي توافقي، من شأنه تجنب الانزلاق إلى صراع سياسي جديد.
وقال إن أهمية هذا المؤتمر تكمن في توسيع دائرة المشورة، وتوضيح الإطار الزمني المتبقي للاستحقاقات الانتخابية، والتوصل إلى آلية انتخابية تحظى بإجماع وطني.
من جانبه، أعلن رئيس بونتلاند سعيد عبد الله دِني استعداد ولايته للمساهمة في إعادة بناء الدولة الصومالية، داعيا الحكومة الفيدرالية إلى الاستماع بجدية إلى أصوات المعارضة.
وأضاف: "إذا لم نستمع إلى بعضنا البعض ولم نحترم بعضنا البعض، فلن نحقق أي فائدة"، مؤكدا أن مسؤولية رئيس الدولة والحكومة الفيدرالية تتمثل في إتاحة الفرصة أمام الصوماليين لصياغة رؤية مشتركة حول الانتخابات القائمة على التوافق.
انتقادات للمناخ الانتخابي
بدوره، وجه الرئيس الصومالي السابق الشيخ شريف شيخ أحمد انتقادات حادة للمناخ الانتخابي الراهن، معتبرا أنه يُهدد بتقويض ثقة المواطنين في العملية السياسية.
وقال الشيخ شريف: "من المؤسف أن تتحول الانتخابات، التي كان ينبغي أن تكون مصدر فخر، إلى عملية مشوهة، وفق تعبيره، منتقدا ما وصفه بـ"إجبار المواطنين على التسجيل"، الأمر الذي قال إنه "يُبعد الشعب عن الحكومة ويقوض مكاسب التعافي السياسي".
رد الحكومة الفيدرالية
وفي ردها على مؤتمر كيسمايو، أكدت الحكومة الفيدرالية الصومالية أنها لا تعارض عقد مؤتمر للمعارضة، وقال وزير الداخلية الفيدرالي الصومالي علي يوسف علي حوش، في بيان، نقلته وسائل إعلام محلية، إن حرية التجمع والاجتماعات مكفولة بموجب الدستور.
وأضاف: "تحترم الحكومة الفيدرالية الصومالية احتراما كاملا الحق الدستوري في التجمع، وهو حق لكل مواطن، ويختلف عما كان يحدث في الماضي".
إلا أن الوزير وجه في المقابل انتقادات مباشرة لشخصيات المعارضة، متهما إياها بمقاومة إعادة السلطة إلى الشعب عبر انتخابات "صوت واحد لكل شخص" الانتخابات المباشرة .
وتساءل عما وصفه بـ"افتقار بعض قادة المعارضة لثقافة الانتخابات"، متهما إياهم بعرقلة المسار الانتخابي، وخاصة انتخابات المجالس المحلية في إقليم بنادر الذي يضم العاصمة مقديشو، ورفض طرح مواقفهم ضمن منتديات الحوار الوطني.
وكان "مجلس مستقبل الصومال" قد أُعلن عن تشكيله في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويضم قيادات من بونتلاند وجوبالاند إلى جانب أعضاء من منتدى إنقاذ الصومال، بهدف تنسيق المواقف بشأن القضايا السياسية والأمنية، وفي مقدمتها التحضير لانتخابات عام 2026.
ويُعارض المجلس المضي قدما في أي عملية انتخابية دون توافق وطني شامل، ويتزامن مؤتمر كيسمايو مع استعدادات اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات لإجراء انتخابات المجالس المحلية في الـ25 من الشهر الجاري بنظام "صوت واحد لكل شخص".
وبينما تتواصل التحضيرات في مقديشو، أعلن "مجلس مستقبل الصومال" مقاطعته للعملية الانتخابية، متهما الحكومة الفيدرالية بإدارة الانتخابات بشكل أحادي، وتعديل الدستور دون توافق، وتجاوز الإطار التشاوري القائم بين الحكومة الفيدرالية والولايات الأعضاء.
وتتركز الخلافات الحالية حول نموذج الانتخابات، وتوقيتها، والبيئة الأمنية، والتعديلات الدستورية، وآليات إدارة العملية الانتخابية.
ورغم تأكيد قادة المعارضة دعمهم المبدئي لنظام “صوت واحد لكل شخص”، فإنهم يحذرون من أن الظروف الراهنة قد تُفضي إلى عدم استقرار سياسي وصراعات ما بعد الانتخابات.
فيما يحذر سياسيون من أن إجراء الانتخابات دون مشاركة القوى السياسية الرئيسية قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات وخلق ديناميات سياسية جديدة، مشددين على أن الإطار الانتخابي القائم على التوافق يظل الخيار الأكثر واقعية للحفاظ على الاستقرار السياسي في الصومال خلال المرحلة المقبلة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز