"سوريتنا" كتاب طهي عن الأطعمة السورية والمعاناة
كتاب جديد بادرت إلى تأليفه عدد من السوريات الهاربات من الموت، تحدثن فيه عن معاناتهن ووصفات الأطعمة السورية اللذيذة
عادة ما يكون على العائلات المجبرة على الرحيل هجر الأشياء التي تذكرهم بوطنهم الأصلي، لكن وصفات الأكلات المحفوظة في أذهانهم لا تزال ذات قيمة لما لها من قدرة على اصطحابهم إلى الأماكن والذكريات، التي اضطرتهم الظروف الصعبة على التخلي عنها.
ولهذا السبب قامت دينا الموسوي وعتاب عزام بتأليف كتاب جديد لتعليم الطهي بعنوان " Our Syria: Recipes From Home"، يحمل بين طياته العديد من الوصفات السورية الشعبية، فضلا عن قصص عدد من اللاجئات السوريات المشتتات عبر أنحاء أوروبا والشرق الأوسط بسبب الحرب استنادا إلى مقابلات شخصية معهن.
نشأت عزام في جنوب غرب سوريا بالقرب من الأردن، وانتقلت إلى المملكة المتحدة منذ 6 سنوات، وبرغم عدم كونها طاهية محترفة، ووظيفتها الأساسية هي إخراج الأفلام والمسرحيات، إلا أن تحضير الطعام يشغل ذهنها دائما في الأوقات التي لا تعمل فيها.
وفي تقرير نشرته الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية "إن بي آر"، قالت عزام: "لم آت إلى المملكة المتحدة كلاجئة، كنت محظوظة بصورة كافية للحصول على منحة دراسية لتحضير الماجيستير في لندن". وأضافت: "لذلك أتيت إلى هنا في سبتمر 2011، بعد شهور قليلة فقط من اندلاع الثورة السورية، ثم بقيت".
وكتبت في كتابها Our Syria: "بينما تفكر عائلتي فيما هجرته وراء قريتنا الصغيرة، يعتبر هذا الكتاب بمثابة سفينة نوح؛ كبسولة تحتوي على نكهة الوطن".
وتابعت في حديثها مع الإذاعة الأمريكية أن حبها للطعام زاد عندما انتقلت إلى بريطانيا، لأنها شعرت أن طهي الأكلات السورية هي الطريقة الوحيدة لإبقائها على علاقة بجذورها. موضحة أنها كانت تعاني من إحساس الفقد، وأنها تتغلب عليه فقط عندما تقوم بطبخ الأطعمة التي تربت على تناولها في بلادها.
وعندما تشتاق عزام إلى وطنها، تقوم بطهي أكلة "المليحية" وأصلها من السويداء بالقرب من جنوب دمشق.. وقالت عن المليحية، إن والدتها كانت تطبخها معظم الوقت، وهي عبارة عن صوص زبادي حار مع الكركم والبصل والبطاطس والدجاج المكرملين.
وعن تحدثها عن الطعام السوري في ظل ما تعانيه بلادها، أشارت عزام إلى أن الأشخاص مرنين بطبعهم والحياة يجب أن تستمر، وفي الواقع الأمل هو الذي يدفعنا إلى ذلك.. لافتة أنها وشريكتها في الكتاب لاحظتا أن اللاجئات السوريات يتمتعن بقدر كبير جدا من المرونة والأمل ويحتفين بكل ما هو إيجابي في سوريا كطريقتهن للخروج من هذا الظلام الدامس.
والطعام السوري وفقا لعزام شبيه جدا بالطعام الشرق أوسطي، وسوريا كبيرة جدا وتأثرت بالعديد من الدول المحيطة بها.. وأضافت أن المطبخ السوري تأثر بالطعام العراقي والإيراني والتركي، وحلب على وجه الخصوص تأثرت كثيرا بآسيا والصين في أكلاتها.. لذلك لدى السوريين الكثير من الأطباق التي يتم استخدام الفاكهة فيها؛ أو أطباق حلوة ومرة، وهو ما لا تجده في أي دولة أخرى في الشرق الأوسط.
وأخيرا، قالت إن الطعام السوري لن يندثر مع الحرب الأهلية، وضربت مثالا بلبنان، حيث تشهد حربا أهلية منذ فترة طويلة، واضطر العديد من اللبنانيين أيضا إلى الفرار من بلادهم، لكن لا يزال الطعام اللبناني مزدهرا جدا، وبمجرد ذكر الطعام في الشرق الأوسط يكون الأكل اللبناني أول ما يتبادر إلى الذهن.. لذلك تعتقد عزام أن الطعام السوري لن يختفي خصوصا أن السوريين أينما ذهبوا يستمرون في الطهي والحديث عنه، فضلا عن افتتاح كثير من اللاجئين السوريين مطاعمهم الخاصة حول العالم وهي طريقة أخرى للحفاظ على الوصفات السورية.