عمران خان.. معاناة بين فكي "المحاكمات" و"التضييق"
محاكم عسكرية وحملات اعتقال لأنصار عمران خان تدفع محللين لقراءة مآلات التحركات الباكستانية ضد رئيس الوزراء السابق قبل الانتخابات.
وكان خان (70 عاما) أوقف في 9 مايو/أيار في إسلام أباد في قضية فساد، ثم أطلق سراحه بكفالة بعد ثلاثة أيام. وأدى توقيفه إلى صدامات عنيفة بين أنصاره والشرطة خلّفت تسعة قتلى على الأقل.
- أزمة باكستان.. عمران خان يلقي "طوق الحوار" لانتشال البلاد من الفوضى
- باكستان تدرس حظر حزب عمران خان.. هل تعصف أحداث 9 مايو بـ"الإنصاف"؟
ووصفت إسلام أباد هذه الأعمال بأنها "مناهضة للدولة"، ما برر الاعتقالات الجماعية اللاحقة وإعادة تفعيل المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين الذين استهدفوا منشآت حكومية وعسكرية.
ويقول صحفيون ومحامون ونشطاء ومؤيدون لحركة الإنصاف (حزب خان) وقادة منها إن هناك حملات ترهيب وتأثير، مؤكدين أن "المؤسسة" تقف وراءها، وهو مصطلح للإشارة إلى الجيش الذي يدعم الحكومة المدنية.
ولطالما شكّل الدعم العسكري حجر زاوية لاستقرار أي حكومة باكستانية، على الرغم من أن مؤسسة الجيش دائما ما تنفي أداء أي دور سياسي.
وقال المحلل حسن عسكري: "يرغبون في أن يوضحوا لعمران خان أنه لا يمكنه قتال المؤسسة (الحاكمة)".
وأكد عسكري لـ"وكالة الأنباء الفرنسية" أنه "يتم تحطيم الناس بممارسة الضغط بطرق مختلفة، يرغبون بوضع السياسيين في مكانهم".
ولم يرد الجناح الإعلامي التابع للجيش الباكستاني على طلبات "وكالة الأنباء الفرنسية" المتكررة التعليق.
سحق المعارضة
وكان الجيش ساند في بادئ الأمر وصول خان إلى السلطة في 2018 قبل أن يسحب دعمه له، ثم تمت إزاحة خان عبر تصويت لحجب الثقة عن حكومته في البرلمان في أبريل/نيسان 2022.
ويأمل خان في العودة إلى السلطة ويضغط عبثا على الحكومة من أجل تنظيم انتخابات مبكرة قبل أكتوبر/تشرين الأول المقبل، في بلد غارق في أزمة اقتصادية وسياسية عميقة.
ووفق "فرانس برس"، يعتبر انتقاد الجيش في باكستان خطاً أحمر. فيما يقول خان إن القضايا المرفوعة ضده هي جزء من حملة تقوم بها الحكومة والجيش لمنعه من العودة إلى السلطة.
وبعد أيام من المظاهرات التي صاحبت اعتقال خان، تم اعتقال عشرات من قيادات حزبه ثم إطلاق سراحهم بدعوى التحريض على العنف.
وفي مؤتمرات صحفية بعد إطلاق سراحهم، أدان بعض من أقرب مناصري خان أعمال العنف وانسحبوا من الحزب.
وقال خان في خطاب "وضعوا الجميع في السجن"، مضيفا "إذا قلتم الكلمات السحرية: لسنا أعضاء في الإنصاف بعد الآن، سيتم إطلاق سراحكم"، في إشارة إلى أن السلطات هددت أنصاره.
واعتقل الآلاف من مناصري خان أيضا من الناس العاديين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.
وفي مدينة لاهور (شرق) التي تعد معقلا لخان، روت ربة منزل مؤيدة لحركة الإنصاف الباكستانية أن نجلها اعتقل بعد أن تظاهر سلميا.
وقالت لـ"فرانس برس" مشترطة عدم الكشف عن اسمها "كان من الواضح أنه تعرض للضرب وكان خائفا".
وأضافت "لم تطأ قدمه خارج المنزل منذ ذلك الحين. ويتلقى مكالمات من أرقام مجهولة تحذره من أنه مراقب".
بدورها، ذكرت منظمة العفو الدولية أنه يتم استخدام "أحكام فضفاضة وغامضة للغاية لمكافحة الإرهاب" و"تخيم ظلال من الخوف على مؤيدي خان في أعقاب الاعتقالات التعسفية التي طالت عددا من قادة المعارضة".
وكتبت صحيفة "داون" في افتتاحية "القصة مألوفة. يعتقد حزب سياسي أنه قادر على مواجهة المؤسسة القوية في البلاد ليجد نفسه بسرعة يخسر حرب استنزاف قاسية ومن طرف واحد".
وأضافت "المخرج الوحيد هو أن تفعل بالضبط ما قيل لك".
رقابة
في كراتشي، قال صحفيون لـ"وكالة الأنباء الفرنسية" إنهم يتلقون أنباء من قبل العلاقات العامة في الجيش تستهدف سمعة خان.
وأكد صحفي يعمل في التلفزيون مشترطا عدم الكشف عن اسمه: "نتلقى الكثير من الأخبار المشوهة للسمعة عبر واتساب، والتي من المفترض أن تكون غير قابلة للنشر ونحن مضطرون لبثها دون أي مصدر"، مستخدما مصطلحا للإشارة إلى الجيش.
وأضاف: "نمارس الرقابة الذاتية طوعا لتجنب أي إزعاج".
وتحدثت "مراسلون بلا حدود" ومنظمة العفو الدولية عن اختفاء الصحفي البارز والمؤيد لحركة الإنصاف عمران رياض خان منذ القبض عليه من وكالات الاستخبارات العسكرية قبل أسبوعين.
وأصبح الإعلام المحلي مليئا بالأخبار المؤيدة للجيش منذ اعتقال خان، بما في ذلك "يوم الشهداء" الذي أعلن عنه يوم الخميس على عجل.
وقال مايكل كوغلمان مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون إنه "لم يفاجأ بأن الجيش يرغب في إطلاق حملة علاقات عامة".
وأوضح كوغلمان أن "الجيش تلقى ضربة كبيرة لشعبيته وحتى مصداقيته بسبب كلام خان المناهض له".
aXA6IDEwMC4yOC4yMzEuODUg
جزيرة ام اند امز