شعارات "الصحوة الإسلامية" تتهاوى في رسالة سليماني لحماس
رسالة التهنئة من قائد النخبة بالحرس الثوري الإيراني لإسماعيل هنية تكشف زيف شعارات عدم المصالحة مع إسرائيل والعداء الإيراني المطلق لها
في خطوة نادرة من ميليشيا الحرس الثوري الإيرانية، وجه قائد فيلق القدس في ميليشيا الحرس قاسم سليماني رسالة تهنئة إلى إسماعيل هنية على اختياره رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس بغزة.
وفي الرسالة التي نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية، ومنها وكالة مهر للأنباء، الأربعاء، قال سليماني إنه يتطلع إلى "تعزيز التكامل مع رفاق حماس حلفاء المحور المقاومة لإعادة الألق للقضية الفلسطينية".
كما جاء فيها تطلعه إلى "جهودكم لتجذير المقاومة امتدادًا للخط الجهادي لحركة حماس".
كذلك تحدث قائد الميليشيا الإيرانية عما وصفه بـ"الاستكبار العالمي وأداته الصهيونية يسعيان إلى حرْف جهاد الأمة عن بوصلته الإسلامية وخطف القدس في لحظة عصيبة غاب عنها الصديق وضعفت إرادته".
ومن اللافت أن هذه التهنئة وهذه العبارات التي تتحدث عن "الخط الجهادي لحركة حماس" جاءت عقب إعلان الحركة عن وثيقة تنبذ فيها مبدأ "فلسطين من النهر إلى البحر" وهو الذي كان يعني أنها تحارب إسرائيل حتى تحرير كامل أرض فلسطين التاريخية قبل إعلان قيام إسرائيل عام 1948.
كما جاء في الوثيقة أن حماس تقبل بإقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو/حزيران 1967، أن ذلك الجزء من فلسطين المتبقي بعد إعلان إسرائيل، على أن يتضمن أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
وعلى إثر هذه الوثيقة انتخب مجلس شورى حركة حماس، مطلع الشهر الجاري إسماعيل هنية رئيسا للمكتب السياسي للحركة خلفا لخالد مشعل.
وكانت تقارير صحفية تحدثت عام 2016 عن أن قاسم سليماني يسعى لاستثمار الانتخابات الداخلية في حركة حماس لتصعيد إسماعيل هنية لقيادتها بعد انتهاء فترة خالد مشعل، واصفة هنية بأنه المرشح "المفضل" لسليماني.
وكانت المنافسة محصورة بين هنية وبين موسى أبو مرزوق الذي شهدت العلاقات بينه وبين إيران توترًا على إثر انتقاده لطهران بأنها لا تقدم الدعم الكافي لحماس.
كما أشارت ذات التقارير إلى أن سليماني يسعى لاستقطاب كامل ولاء حماس لإيران، وإبعادها تمامًا عن تركيا التي تنافس نفوذ إيران في غزة ذات الأهمية الاستراتيجية، خاصة وأنها على الحدود مع مصر.
ولقيادات حماس زيارات متكررة إلى طهران، ومنها زيارة إسماعيل هنية إلى هناك في فبراير/شباط 2012.
وفي تلك الزيارة قال خامنئي إن "الانتصارات التي حققها الشعب الفلسطيني في الأعوام الأخيرة، جزء من الصحوة الإسلامية التي شهدتها المنطقة".
وتعبير "الصحوة الإسلامية" عادة ما تستخدمه قيادات إيرانية بهدف الإشارة إلى تمدد أفكار ثورة الخميني التوسعية في المنطقة.
وتغلف القيادات الإيرانية هذا التعبير بشعارات لدغدغة مشاعر العرب والمسلمين والتغطية على هدفها الحقيقي؛ ومنها شعارات تخص العداء لإسرائيل وتأييد القضية الفلسطينية ومناصرة المظلومين إلخ.
ومن ناحيته هنّأ هنية خامنئي وقتها بذكرى ما وصفه بـ"انتصار الثورة الإسلامية في إيران"، مكررًا بدوره مصطلح "الصحوة الإسلامية"، وخاصة بعد أحداث ما وصف بثورات الربيع العربي والتي تدعمها إيران، خاصة تلك التي وقعت في مصر.
وفي تلك الزيارة قال هنية: "لن نعترف أبدًا بإسرائيل"، وهو ما خالفته وثيقة حماس الصادرة هذا الشهر.
ويأتي التحالف الوثيق بين إيران زعيمة المذهب الشيعي وبين حماس التي تنتمي للمذهب السني وجماعة الإخوان الإرهابية ليحيي التساؤل حول ما إن كان الصراع الذي تقوده إيران في المنطقة وتثير به الفتن والانقسامات هو مجرد صراع مذهبي ديني، أم أن المذهب مجرد غطاء لصراع سياسي قديم يرتبط بمطامع إيران التاريخية في السيطرة على المنطقة.
ويعزز هذا التساؤل أنه في الوقت الذي تتحالف إيران مع حركة حماس وجماعة الإخوان الإرهابية لتعزيز نفوذها في غزة، فإنها تحاربهم على أرض سوريا؛ حيث تصطف إيران إلى جانب حكم الرئيس بشار الأسد، في حين تصطف جماعة الإخوان الإرهابية ومعها ذراعها العسكري حماس إلى جانب فصائل المعارضة المسلحة المناهضة للأسد.