الملف الأمني.. العقدة الأخيرة لعودة الشرعية إلى غزة
رئيس الحكومة الفلسطينية أكد أنه لا استمرار للحكومة دون حل واضح للملف الأمني.
وضع رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمدالله، النقاط على الحروف، بإعلانه "لا استمرار للحكومة دون حل واضح للملف الأمني"، وهو الأمر الذي أجمع عليه خبراء من أجل بسط سيادة شرعية السلطة الوطنية على شقي الوطن.
ويؤكد الدكتور كمال الأسطل أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، أن السلطة يجب أن تكون واحدة؛ فلا توجد شراكة في الأمور السيادية، مطالبا حركة حماس بالتسليم بالسيادة الكاملة للسلطة المركزية.
وقال الأسطل لـ"بوابة العين" الإخبارية: "الملف الأمني شائك؛ لذلك من المفترض أن يكون واضحا بحيث تكون السيطرة كاملة للسلطة".
وأعلن رئيس الحكومة الحمد الله، في رسالة وجهها إلى شباب وشابات فلسطين، عبر صفحته في "فيسبوك"، مساء أمس الإثنين، أنه "لن تتمكن الحكومة من الاستمرار دون أن تكون هناك حلول واضحة للملف الأمني".
ورغم استلام الحكومة مهامها في الوزارات المدنية بغزة؛ فإن القوى الأمنية التي شكلتها حماس عقب سيطرتها على قطاع غزة، منتصف 2007، لا تزال هي الممسكة بزمام الأمور الأمنية والشرطية في القطاع.
ويشير الكاتب والمحلل السياسي محمد أبو هاشم إلى أن تصريحات السلطة واضحة بأنها "تريد أن تستلم الأمن بشكل كامل وهي تحدد من يبقى ومن يغادر؛ لأنها لن تقبل الشراكة في الأمن".
وقال أبو هاشم لـ"بوابة العين" إن السلطة تريد أمنا له ولاء كامل لها؛ ولهذا الأمر مبررات، مع إقراره بصعوبة ذلك في غزة.
ويصل عدد القوى الأمنية التابعة لحماس في غزة إلى نحو 20 ألف عنصر، بينما يبلغ عدد القوى الأمنية التابعة للسلطة (أجبروا على البقاء في منازلهم منذ عام 2007) أكثر من 30 ألفا، أُحيل منهم الآلاف للتقاعد بقرار من السلطة في الأسابيع الأخيرة.
ووفق الأسطل؛ فمن المفترض أن يتمكن عناصر أمن السلطة للوصول لعملهم وإعادة سلاحهم لهم (استولت عليه حماس بعد انقلابها على السلطة عام 2007)، وإعادة انتشارهم بعيدا عن أية تدخلات أو تأثيرات قوى غير قوى السلطة.
ونص اتفاق القاهرة الأخير بين حماس وفتح على تمكين حكومة الوفاق من مهامها كاملة حتى الأول من ديسمبر/كانون أول المقبل، ولكنه صمت عن الملف الأمني المفترض أن يُطرح على مائدة الحوار في اللقاء المرتقب بمشاركة الفصائل، يوم 21 من الشهر الجاري.
وللتعامل مع الواقع في غزة، يقول الأسطل إن هناك اقتراحات بأن تكون مناطق واسعة من جنوب القطاع خالية من الفصائل المسلحة وتكون السلطة لها كامل الانتشار الأمني في تلك المناطق لممارسة أعمالها السيادية بحرية.
ويشير إلى أن الموضوع الأمني جزء من المصالحة، وهناك تخطيط لإحالة عدد من العسكريين للتقاعد سواء من السلطة أو من حماس، ودمج بقية العناصر من الطرفين مع بعضهما البعض، لإعادة بناء عقيدة أمنية وطنية تخدم المواطن الفلسطيني ولا تخدم حزب معين وتكون الأذرع العسكرية للفصائل جزءا من جيش وطني يتم إنشائه بالآليات العسكرية المعروفة.
وشدد على ضرورة بناء عقيدة فلسطينية بحيث يكون الانتماء لفلسطين بعيدا عن الحزبية التي امتدت لمعظم تفاصيل الحياة العامة حتى وصلت المدارس والمساجد، متوقعا أن تتولى مصر إعادة تأهيل الأجهزة الامنية الفلسطينية وفق معايير وطنية تراعي المهنية.
الاستراتيجيات المختلفة
أما الخبير الأمني، اللواء المتقاعد يوسف شرقاوي، فيؤكد صعوبة توحيد الأجهزة الأمنية على عقيدة أمنية واحدة في ظل وجود برنامجين متباعدين واستراتيجية مختلفة لكل طرف.
ورأى شرقاوي في حديثه لـ"بوابة العين" أن الملف الأمني يحتاج حلا متكاملا وليس جزئيا، وقال: "الحل الكلي يتطلب من الأطراف الالتزام بما ورد في اتفاق القاهرة".
ونص الاتفاق على وصول قادة الأجهزة الأمنية الشرعية لغزة من أجل التباحث مع جهات الاختصاص حول سبل السيطرة على المؤسسة الأمنية، وهو أمر لم يتم بفعل تعقيدات الواقع.
حماس ورؤية غير واقعية
حماس من جهتها، تروج في إعلامها وعبر ناطقيها، أن الملف الأمني سيبقى في عهدتها لمدة عام وفق اتفاق 2011، الذي نص على تشكيل لجنة مشتركة ودمج 3 آلاف عنصر من الأمن الفلسطيني الشرعي، وهو الأمر الذي بات غير مقبول في هذه المرحلة وفق جهات في السلطة.
وقال مصدر فلسطيني مسؤول، لـ"بوابة العين": "ما تطرحه حماس غير واقعي، واتفاق 2011 لم يعد مطروحا للتطبيق، فقد رفضت حماس الاستجابة له سابقا، واليوم غير الأمس، والآن الاتفاق سيكون عرضة للبحث والنقاش من جديد، في لقاءات القاهرة".
وشدد على أنه لا حل للملف الأمني إلا بسيادة السلطة والحكومة على المنظومة الأمنية بشكل كامل وحقيقي وعبر أبنائها الشرعيين، وأنه لا مجال للقبول بتعدد ولاءات في المنظومة الأمنية.
ويتفق الكاتب أبو هاشم، بأن دمج الأجهزة يكاد يكون مستحيلا ولو تم سيكون هشا جدا. وأوضح "محاولة الدمج تحتاج إلى ترتيبات ضخمة وأعتقد أنها غير مقبولة من السلطة التي لن تقبل إلا بأجهزة أمنية ولاؤها الكامل للسلطة".
ويجمع الخبراء على أن قرارات الإحالة للتقاعد والإنهاء من الخدمة، هي السيناريو الأبرز، بحيث يعاد بناء المنظومة الأمنية بشكل مهني ودون انتماءات حزبية.
وأوضح أبو هاشم: "لذلك السلطة تعمل على تقليصات واسعة في صفوف عسكريها ثم بعد ذلك تفتح باب التجنيد لجيل الشباب يكون متحررا من الولاءات".
وأعلنت السلطة عزمها فتح باب التجنيد في قطاع غزة مطلع العام المقبل، فيما يعتقد أنه لاستيعاب عناصر أمنية بدلا من المحالين للتقاعد.
ويؤكد أبو هاشم أن السلطة تعلم أنها تقع في فخ غزة، وستكون سلطة بلا حكم لو قبلت بالوضع القائم في غزة حاليا؛ لذلك دائما تكرر بضرورة أن تكون سلطة واحدة وكاملة السيادة وبسلاح واحد وجيش واحد وقانون واحد.
وهذا معناه أن "السلطة لن تسمح بوجود قوة أخرى سواء باسم المقاومة أو غيرها" وفق الكاتب نفسه.
aXA6IDE4LjE5MS4xNTQuMTMyIA== جزيرة ام اند امز