جرائم في العتمة.. رصاص إسرائيل لا يزال في عيون الصحفيين خلال 2019
عطية درويش وسامي مصران وأحمد اللوح ومعاذ عمارنة.. 4 صحفيين عملوا بين غزة والضفة الغربية، لكنهم جميعا فقدوا عيونهم خلال عام 2019.
بـ4 رصاصات عمياء، اختار قناصة الاحتلال الإسرائيلي، توجيه رسائل بطش جديدة لـ"إغلاق عدسات" الصحفيين الفلسطينيين، عبر استهداف أعينهم بشكل مباشر لإبقاء جرائمهم في العتمة.
عطية درويش وسامي مصران وأحمد اللوح ومعاذ عمارنة.. 4 صحفيين فلسطينيين عملوا في أماكن مختلفة بين غزة والضفة الغربية، لكنهم جميعا فقدوا إحدى عينيهما خلال عام 2019، برصاص قناصة الاحتلال الإسرائيلي.
رسالة لكل الصحفيين
يجزم معاذ عمارنة، وهو مصور لوكالة فلسطينية محلية، بأن إسرائيل أرادت بقنص عينه أن تعاقبه وتوجه رسالة لكل الصحفيين بأن الصور التي يوثقونها ستكلفهم أرواحهم.
ففي يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أصيب عمارنة برصاصة معدنية مغلفة بالمطاط أطلقها الجيش الإسرائيلي، خلال تغطيته مواجهات بين فلسطينيين وقوات الاحتلال في بلدة صوريف، جنوبي الضفة الغربية؛ ما أدى إلى فقدانه عينه.
"عندما أصبت برصاصة روجر المحرمة دوليا تقدم جنود الاحتلال نحوي وأحدهم أخذ يوثق إصابتي بكاميرا".. بهذه الكلمات وثق "معاذ" أصعب لحظات مرت عليه منذ بداية عمله الصحفي.
وتابع: "رصاص روجر يطلقه قناص ونسبة الخطأ عنده تكون "صفر".. وهذا يؤكد أن استهدافي كان متعمدا.. الأطباء أبلغوني بأن الرصاصة وقفت قبل غشاء الدماغ بـ2 ملليمتر فقط وهذا لا يحدث عادة؛ لأن الرصاصة تخترق الجسد حتى تخرج من الجهة الأخرى أو تستقر في الدماغ فتؤدي للوفاة".
انتقام لهذا السبب!
معاذ عمارنة ربط بين استهدافه المباشر وما حدث قبل أسبوع عندما وثق وعدد من زملائه استشهاد الشاب عمر البدوي، جنوب الضفة الغربية، قائلا: "أنا و4 مصورين صحفيين التقطنا لحظات استشهاده (عمر) في مخيم العروب بالخليل ونقلت صور الشهيد للعالم كله حتى وضعت إسرائيل في موقف حرج، إثرها شعرت بأن قوات الاحتلال تتعامل مع صحفيي الجنوب بقسوة".
وأضاف: "صور الشهيد التي وثقها زميلنا عبدالرحمن حسان كانت الأكثر انتشارا على الصعيد الدولي؛ لدرجة أن مخابرات الاحتلال بعثت له استدعاء لمقابلتها يوم 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري بمقرها في مجمع عتسيون الاستيطاني".
إصابة عمارنة وهو رابع صحفي فلسطيني يفقد عينه خلال عام 2019، أوجدت حالة من التضامن الواسعة في فلسطين وخارجها؛ حيث نشر المتضامنون معه صورا لهم وأعينهم مغطاة في رسالة تنديد بجرائم الاحتلال.
وقال عمارنة: "فقدت عيني صحيح لكن حجم التضامن والتعاطف معي زرع فيَّ أمل كبير للاستمرار في المسيرة وفضح جرائم الاحتلال بالصوت والصورة".
والآن، بات الصحفي الفلسطيني يستشعر حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، قائلا: "كان حلمي بسيطا ورسالتي قبل الإصابة صغيرة لكن بعد الإصابة وما أبداه الزملاء والعالم من تضامن؛ فإن رسالتي صارت كبيرة والمسؤولية أثقل وأنا قبلت التحدي وسأقوم بأداء الرسالة بأقوى من قبل".
ورغم أن الرصاصة لا تزال في رأس عمارنة لأن إزالتها يمكن أن يؤدي لنزيف حاد وتهديد حياته؛ فإن ذلك لم يمنعه من التأكيد أنه بعد التعافي من الإصابة سينطلق من جديد أكثر قوة وتصميما لتوصيل صوت الصحفي الفلسطيني وإظهار حجم الانتهاكات لحقوقه وحرياته.
انتهاكات متصاعدة
الدكتور تحسين الأسطل، نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين، أكد بدوره أن 4 صحفيين فقدوا أعينهم ضمن 650 صحفيا أصيبوا في اعتداءات قوات الاحتلال خلال عام 2019، مشيرا إلى أن هناك 60 صحفيا أصيبوا بالرصاص الحي.
الأسطل تحدث لـ"العين الإخبارية"، قائلا: إن "عدد الإصابات في الجزء العلوي من أجساد الصحفيين زاد خلال 2019، والملاحظ أن هناك زيادة في استهداف الصحفيين بالرصاص الحي وقنابل الغاز المثبتة على سلاح إم 16".
واعتبر أن استهداف الصحفيين الفلسطينيين يؤكد وجود قرارات من أعلى المستويات الإسرائيلية لقتلهم أو إحداث إعاقة طويلة الأمد لمنعهم من أداء رسالتهم في فضح جرائم الاحتلال.
وبحسب الأسطل فإن استهداف الاحتلال للصحفيين ليس جديدا، مضيفا: "لكننا لاحظنا ارتفاع وتيرته هذا العام، فهناك استهداف بالرصاص الحي والغاز والمطاط علاوة على الاعتقالات والاستدعاءات".
ومنذ عام 2000 حتى الآن ارتكبت إسرائيل مجزرة حقيقية بحق الإعلام الفلسطيني أدت إلى استشهاد أكثر من 50 صحفيا، أي بمعدل 3 شهداء كل عام، وفقا لنائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين.
وقد فقد الجسد الصحفي الفلسطيني، كلا من (ياسر مرتجي وأحمد أبو حسين)، العام الماضي، اللذين استشهدا برصاص الاحتلال خلال تغطيتهما مسيرات العودة السلمية شرقي قطاع غزة، فضلا عن مئات المصابين من الصحفيين، بحسب الأسطل.
وشدد على أن استهداف الإعلام الفلسطيني يسير وفق مخطط أعلنه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قبل أكثر من عام في الكنيست الإسرائيلي.
وقد بدأت حرب "نتنياهو" المنهجية بإغلاق مؤسسات إعلامية بالضفة الغربية، ومكتب تلفزيون فضائية فلسطين بالقدس نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ومنع البث الإذاعي، ثم اتجه لاستهداف الطواقم الصحفية في الميدان بالرصاص والاعتقال والملاحقة.
وأمام كل ما سبق، فإن لجنة لتقصي حقائق من الاتحاد الدولي للصحفيين، ستصل إلى الضفة الغربية، نهاية العام الجاري، للاطلاع على جرائم إسرائيل بحق الصحفيين.
aXA6IDE4LjIyNy4xMTEuNTgg
جزيرة ام اند امز