فلسطين.. الأمطار تخاصم الأرض وشكوى المزارعين تتزايد
للشهر الثاني، مازالت أراضي فلسطين تحن لسقوط الأمطار، ومعه تتزايد شكوى المزارعين من التصحر ومخاوف خسارة محصول هذا العام
يشعر المزارع الفلسطيني عبد العليم السميري بالقلق لاستمرار انحباس المطر، وهو الذي كان يعول عليه لري أرضه التي زرعها بالبازلاء على بعد مئات الأمتار من الشريط الحدودي مع إسرائيل شرق خان يونس جنوب قطاع غزة.
وقال السميري (55 عامًا) لـ"بوابة العين": "شهر نوفمبر/ تشرين الثاني يوشك على الانتهاء ولم تتساقط الأمطار، هذا أمر غير مسبوق، زرعنا الأرض، منذ بداية الشهر، ولكنها لم تنبت، كنا نعول الكثير على هذا الموسم والحمد لله على كل حال".
ويملك السميري 5 آلاف متر مربع من الأرض تبعد 200 متر عن الشريط الحدودي مع إسرائيل، ويقع جزء منها ضمن المنطقة العازلة التي تفرضها قوات الاحتلال شرق القطاع، وبالتالي يتجنب المزارعون حفر آبار فيها خشية تدميرها ويعتمدون على أمطار الشتاء في الزراعة البعلية.
ويشير إلى أن الأرض مع انحباس المطر بدت أقرب إلى التصحر، لافتا إلى أن الأمطار عادة تبدأ من شهر سبتمبر/ أيلول حتى تصل إلى زخمها في شهري ديسمبر/ كانون الأول ويناير/ كانون الثاني.
ولم يكن حال المزارعين في الضفة الغربية أحسن حالا، ويؤكد المزارع عبد المجيد معالي من سلفيت قلق المزارعين من استمرار انحباس الأمطار.
وقال معالي لـ "بوابة العين":" غياب الأمطار يعني موسم سيء، والمشكلة أنه بموازاة غياب المطر تنخفض الحرارة، وبالتالي تتلف المزروعات؛ الأمر الذي سيترتب عليه زيادة أسعار الخضروات وحتى الحيوانات لاحقا لأن فرص زراعة الشعير والقمع والمزروعات العلفية معدومة حتى الآن".
الأسوأ منذ 60 عاما
وأكد المهندس نزار الوحيدي مدير عام التربة والري بوزارة الزراعة بغزة، تأخر هطول الأمطار بشكل غير مسبوق منذ 60 عامًا.
وقال الوحيدي لـ"بوابة العين" إن معطيات فحص التربة تشير إلى أن شهري أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ونوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، هما الأكثر جفافاً خلال العقود الستة الماضية، مؤكدًا أنه جرت العادة تساقط الأمطار في هذين الشهرين، وبالتالي انعكس انحباس المطر على المزارعين بشكل سلبي واضطر بعضهم لشراء المياه بتكلفة عالية، كي لا تضيع مزروعاتهم، رغم تأثير الري الصناعي على المزروعات البعلية.
وأكد أن المحصلة هي خسائر فادحة مني بها القطاع الزراعي حتى الآن، فضلا عن التأثير على مجمل النظام البيئي، والذي ساهم في انتشار الأمراض الفيروسية، مثل الأنفلونزا التي انتشرت بشكل كبير في البيوت الغزية.
وأوضح أن هطول الأمطار يؤدي إلى بدء موسم من النشاط الحيوي بما له من انعكاسات إيجابية على المحصول والنباتات، وكذلك نشاط الكائنات الحية في التربية.
ووفق وزارة الزراعة الفلسطينية فإن موسم هطول المطر يبدأ في آخر شهر سبتمبر، وتزداد شدته بالتدريج كلما اتجهنا باتجاه وسط الموسم، في حين يكون الشتاء الحقيقي في شهري ديسمبر/ كانون الأول ويناير/ كانون الثاني.
وأوضح الوحيدي أن معدلات هطول الأمطار تختلف من الشمال للجنوب، حيث يكون أكثرها في بيت لاهيا وبيت حانون حيث بلغت 450 ملم في السنة، وتقل في رفح إلى دون الـ200 ملم.
وأشار إلى أن عدم هطول الأمطار يعني استمرار الضخ من الخزان الجوفي، وبالتالي استنزافه فضلا عن الخسارة المالية، بخلاف وجود الأملاح، بينما مزروعات هذا الموسم تحتاج للمياه العذبة وانخفاض في الحرارة لتتحسن جودة ثمارها مثل الحمضيات والزيتون، حيث فقدت فرصتها على الحصول على فرصة نضج نموها فتحسن من جودة ثمارها.
كما لفت إلى أن انحباس الأمطار قلل فرص وجدوى زراعة القمح والشعير والبازيلاء والفول والمحاصيل العلفية، فضلا عن أن هذا الانحباس أدى لتشكل ظاهرة الصقيع التي عانى منها المواطنون وأثرت على المحاصيل الزراعية.
تقلبات مناخية
ووفق يوسف أبو أسعد مدير دائرة الأرصاد الجوية فإن تأخر الأمطار يرجع إلى التقلبات المناخية التي تشهدها فلسطين، فضلا عن سيطرة مرتفع جوي على البحر الأبيض المتوسط، يحول دون تقدم المنخفضات الجوية القادمة من جنوب القارة الأوروبية.
وتوقع أن تسقط الأمطار الشهر القادم، ما يخفف من وطأة انحباسها، حسب ما تشير إليه الخرائط الجوية، وهو ما قد يشكل بشرى للمزارعين.
aXA6IDMuMTI5LjIxMS4xMTYg
جزيرة ام اند امز