«الضم قائم».. الاعتراف بفلسطين علامة فارقة والدولة بعيدة المنال

حصلت فلسطين على دفعة قوية مع اعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا بالدولة الفلسطينية مع اعتزام فرنسا ودول اخرى اتخاذ الخطوة نفسها.
وسيمثل الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية من جانب ثلاث دول من مجموعة السبع هي كندا وفرنسا وبريطانيا، والأخيرتان من بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى جانب اعتراف دول أخرى مثل بلجيكا والبرتغال وغيرهما، علامة فارقة رمزية للقضية الفلسطينية.
ومع ذلك، فإن الوضع الراهن على الأرض يجعل من شبه المستحيل تصور أن حل الدولتين، الذي يتم من خلاله إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة جنبا إلى جانب إسرائيل، يمكن أن يصبح حقيقة واقعة، وذلك وفقا لما ذكرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.
ويرى العديد من المحللين والناشطين أن قيام الدولة الفلسطينية هو حلم بعيد المنال نتيجة عقود من السياسة الإسرائيلية الهادفة إلى تخريب حل الدولتين من خلال بناء المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية وتقويض السلطة الفلسطينية، التي تحكم أجزاء من المنطقة.
وقال يوسي ميكلبيرج، الزميل الاستشاري الأول في مركز "تشاتام هاوس" البحثي في لندن وأستاذ العلاقات الدولية، إن الدولة الفلسطينية أبعد ما تكون عن أن تصبح حقيقة منذ أن أسست اتفاقيات أوسلو عملية سلام قبل أكثر من ثلاثة عقود.
وأضاف أن العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين في وضع ربما يكون الأسوأ منذ عام 1948.
وأصبحت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الأكثر يمينية وتطرفا في تاريخ إسرائيل، صريحة وثابتة في رفضها قيام دولة فلسطينية، كما تسود أفكار الشرائح اليمينية المتطرفة داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث دعا الوزراء علنًا إلى ضم الضفة الغربية المحتلة وطرد الفلسطينيين من غزة.
وفي وقت سابق من العام الجاري، قال وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، إن الموافقة على بناء آلاف الوحدات السكنية اليهودية الجديدة في الضفة الغربية "ستدفن فكرة الدولة الفلسطينية إلى الأبد، لأنه لا يوجد ما يستحق الاعتراف به ولا أحد يستحق الاعتراف به".
هذا التصريح أثار قلقًا بين مؤيدي حل الدولتين، وقالت جولي نورمان، الأستاذة المشاركة في كلية لندن والزميلة المشاركة في المعهد الملكي للخدمات المتحدة "إنهم يُصرّون بوضوح على رفضهم المطلق لقيام دولة فلسطينية، ويفعلون كل ما يلزم لعرقلتها، وأعتقد أن هذا هو ما دفع المملكة المتحدة وأستراليا وفرنسا إلى اتخاذ هذه الخطوة الآن".
وتعتبر الأمم المتحدة القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة أراضٍ فلسطينية، وهي الأراضي التي ستشكل الدولة الفلسطينية المستقبلية.
لكن القدس الشرقية ضمتها إسرائيل منذ زمن طويل، كما حولت عقود من التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الدولة الفلسطينية المنشودة إلى مجموعة من الجيوب المتفرقة، والمعزولة عن بعضها البعض بنقاط تفتيش وطرق ومساحات من الأراضي التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي.
والآن، يعيش حوالي 700 ألف مستوطن إسرائيلي، في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، في مستوطنات تُعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي ومن المرجح أن يرتفع هذا العدد بعد موافقة حكومة نتنياهو في الأشهر الأخيرة على توسع هائل للمستوطنات، بما في ذلك مشروع مثير للجدل لبناء آلاف المنازل الجديدة سيقسم الضفة إلى قسمين.
وقال ليور عميحاي، المدير التنفيذي لمنظمة "السلام الآن"، وهي منظمة إسرائيلية غير حكومية تدعو إلى حل الدولتين وترصد التوسع الاستيطاني والعنف في الضفة إن الوضع هناك لم يكن يومًا بهذا السوء، وأضاف "يكتشف باحثونا بؤرًا استيطانية جديدة أسبوعيًا، ويتم إنشاء الطرق بشكل غير قانوني.. الضم قائم بالفعل".
وتابع "عنف المستوطنين الذي يؤدي إلى طرد التجمعات الفلسطينية، والعنف ضد النساء والأطفال وكبار السن، يحدث على نطاق قياسي، وبشكل منتظم، ودون أي مساءلة، إن لم يكن بدعم من الجيش والشرطة الإسرائيلية".
في غضون ذلك، تحولت غزة إلى أنقاض نتيجة ما يقرب من عامين من القصف المتواصل والعمليات البرية التي شنتها إسرائيل.
ونتقدت كل من إسرائيل وحليفتها الأقرب والأقوى، الولايات المتحدة، التحركات للاعتراف بفلسطين، واعتبرتا أنها "مكافأة للإرهاب"، لكن عزلة واشنطن وتل أبيب تزداد مع انضمام دول غربية إلى 140 دولة تعترف بالفعل بفلسطين.
وقال إليوت أبرامز، الذي خدم في ثلاث إدارات جمهورية، بما في ذلك خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى، إن الاعتراف بفلسطين "لا يفيد فلسطينيًا واحدًا على الإطلاق. إنه نتيجة ضغوط سياسية داخلية من اليسار ومن الجماعات الإسلامية. هذه ديمقراطيات، وهي تستجيب لرغبات الناخبين".
وأبرامز، زميل في دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، من بين الذين يجادلون بأن حل الدولتين لم يعد قابلاً للتطبيق وأرجع ذلك جزئيًا، إلى ضمان أمن إسرائيل التي تملك الآن القدرة عل الدخول والخروج من الضفة كما تشاء وستفقد هذه القدرة لو أن هناك دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
لكن البعض يرى أن أمن إسرائيل هو بالتحديد السبب وراء ضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة، وقالت نورمان "ما دام هناك احتلال، وما دامت هناك سيطرة إسرائيلية على الأراضي، فسيكون هناك دائمًا نوع من المقاومة سواء من حماس أو غيرها".
ويرى الكثيرون إن الاعتراف بفلسطين لن يُغيّر الواقع، لكنه قد يُحدث فرقًا. وقال أردي إمسيس، الأستاذ المُشارك في القانون الدولي بجامعة كوينز في كندا، "هذه الخطوة ليست رمزية فحسب".
وأضاف "رغم أن الاعتراف فعل سياسي، إلا أن منحه، يترتب عليه عواقب قانونية واضحة تؤثر على التزامات الدولة المُعترفة بموجب القانون الدولي مثل الالتزام باحترام السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي وقبول الحق الأصيل للدولة المُعترف بها في الدفاع عن النفس".
لكن من غير الواضح ما إذا كان الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيتبعه أي إجراء ذي معنى، بالنظر إلى عقود من إخفاق المجتمع الدولي في دعم خطط السلام بإجراءات ملموسة.
ومع ذلك يمكن للدول الأوروبية ممارسة ضغط أكبر على إسرائيل من خلال القيود التجارية، باعتبار الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر لها.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTg5IA==
جزيرة ام اند امز